| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نجاح يوسف

 

 

 

الأحد 25/10/ 2009



هل وطنية ونزاهة الشيوعيين وحدها كفيلة بتغيير خارطة البرلمان القادم؟

نجاح يوسف

لم يبق على خوض الانتخابات البرلمانية غير ثلاثة اشهر..وها هو البرلمان العراقي وقد عجز كعادته على اقرار قانون الانتخابات نتيجة تشكيلته المعتمدة على المحاصصة الطائفية والإثنية والتوافقات السياسية, وتراجع المرجعية الوطنية لصالح هاتين الآفتين اللتين كانتا وراء البلاء الذي مزق العراق وحولت أيامه الى دماء ودموع , كان آخرها يوم الأحد الماضي ..وتكاد أن تكون هذه الجرائم التي عليها بصمات بقايا البعث الصدامي المقبور وحليفهم مجرمي القاعدة والميليشيات السائبة وقوى الجريمة المنظمة ان تطيح بمعالم العراق كوطن واحد يضم جميع العراقيين..واليوم, ورغم المآسي التي عاشها الشعب العراقي المسكين, فما زالت عقلية المحاصصة الطائفية والقومية هي التي تسود في دهاليز السياسة وتتجمع أحزاب سياسية وشخصيات في كتل تدعي أنها بعيدة عن هذه الآفة القاتلة, لكن الواقع يقول العكس, فالكتل التي تشكلت لخوض الانتخابات البرلمانية يندرج معضمها ضمن هذه المواصفات التي رغم الترقيعات ومحاولات تجميلها بشخصيات مستقلة , تبقى صورة نفس الأصل عن الكتل الطائفية والقومية السابقة..والحقيقة التي لا يذكرها احد, هو ان الشعب العراقي قد فقد ثقته بتلك الكتل نتيجة تنكرها للوعود التي قطعتها للشعب قبل الانتخابات البرلمانية السابقة وحتى في انتخابات مجالس المحافظات..وبما ان تلك الإحزاب التي انضوت في تكتلات كبيرة لا تجرأ على خوض الانتخابات وحدها وبأسمائها المعروفة, فإنها وبسبب فرض وجودها في كتل كبيرة في البرلمان تحاول تعطيل القوانين التي تسمح بتنظيم الحياة السياسية.. ومن اشكال هذه العرقلة ما نراه اليوم من وضع العقبات امام سن قانون ديمقراطي للأحزاب وقانون انتخاب ديمقراطي عادل, ياخذ في الحسبان فسيفساء الشعب العراقي بحيث يتيح بتمثيل كافة شرائح المجتمع العراقي وقواه السياسية بدل ان يكون برلمان كتل ومحاصصة طائفية وعرقية.. لذلك فإن الكتل الكبيرة تحاول اعتماد العراق متعدد الدوائر الانتخابية السيئة الصيت والتي جاءت بمجالس محافظات غير كفوءه, حيث حصل الفائزون على أصوات متدنية جدا بينما أضيفت للفائزين بطريقة غير شرعية عشرات الألوف من أصوات الناخبين الذين صوتوا لقوائم اخرى ..لقد حدث ذلك في جميع المحافظات, وحرم العديد من الأحزاب التي خاضت الانتخابات وحدها من التمثيل في مجالس المحافظات..وها هم السياسيون أنفسهم يحاولون تكرار الخطأ نفسه من اجل احتكار العمل البرلماني التشريعي من جهة وفرض نوع من الدكتاتورية بغلاف ديمقراطي وتهميش التيار الديمقراطي والأقليات القومية والدينية من جهة اخرى..ولكن ما زال الباب مفتوحا امام السياسيين العقلانيين لكي يخرجوا بقانون انتخاب ديمقراطي , عادل ونزيه..

في ظل هذه الصورة القاتمة, فإن الشيوعيين العراقيين بكل ما يحملون من وطنية ونزاهة وكفاءة علمية ورؤى سياسية واقعية مرنه, سيدخلون معترك الإنتخابات البرلمانية مرفوعي الرأس بغض النظر عن النتائج التي ستسفر عنها.. وان رهانهم في هذه الانتخابات سيبقى على ثقلهم الحزبي وجماهيرهم, ومستوى وعي الناخب العراقي ومدى جديته في انتخاب من يمثله حقيقة في مجلس النواب القادم ,ويدافع بدون هواده عن مصالحه, ويعبربصدق عن آماله وتطلعاته..هناك عمل كبير وجاد ينتظر الشيوعيين, فالمعركة القادمة الغير متكافئة مع احزاب السلطة والمال والمنابر الدينية المتعدده الى جانب الهجرة الواسعة للعراقيين خارج العراق وخاصة العناصر المثقفة والتي موضوعيا كانت تميل الى التيار الديمقراطي, ستأثر على نتائج الانتخابات , حتى لو شارك عراقيو الخارج بها..فقوى التيار الديمقراطي مشتته وغير فعالة في ظل الرهانات والإغراءات على حصولها على مقعد فيما لو انخرطت في أحد التكتلات الكبيرة..ولكن قانون الانتخاب الجديد والذي من الممكن ان يتضمن القائمة المفتوحه, سوف يبخر آمال بعض هؤلاء الديمقراطيين في الحصول على أصوات تؤهله لكسب موقع تحت قبة البرلمان القادم.

على الرغم من ان هذه الانتخابات تحدث بعد النكسات الأمنية, وانعدام الخدمات وخاصة الكهرباء والماء الصافي والصحة, وضعف في اداء القوى والكتل السياسية المهيمنه على القرار السياسي, والتناقض في الخطاب السياسي بين مجلسي الرئاسة ورئاسة الوزراء, والتغطية على قضايا فساد وجرائم تقوم بها كتل متنفذه دون قيام الأجهزة الامنية والقضائية باتخاذ الإجراءات القانونية ضدها, فإن الناخب العر اقي أصبح لا يثق بتلك الأجهزة ولا في العملية السياسية التي تقودها هذه الكتل.. فعلى الحزب الشيوعي وجماهيره ان يطرحوا البدائل لتلك الجمهرة الواسعة التي نفضت أيديها من هذه الكتل ورفع الشعارات الواقعية المطلبية , وانتقاد أداء الحكومة والوزارات وإقناع هذه الجماهير الصامتة للتصويت لقائمة الحزب من خلال عقد الإجتماعات الجماهيرية الموسعة في الأحياء السكنية ومراكز العمل وإشراكها في المظاهرات الجماهيرية المطلبية..

فالمراهنة على سمعة واداء الشيوعيين العراقيين فقط لا يمكن لها أن تكون العصا السحرية لتقلب المعادلة وتحقق نتائج كبيرة في هذه الانتخابات, وانما عمل الشيوعيين الدؤوب والمثابر وتوسيع الصلات بالجماهير والدفاع عن مصالحها وتبني مطاليبها العادلة كفيل بتخطي العقبات التي تضعها الكتل الكبيرة أمام تقدم وتبوأ قوى التيار الديمقراطي موقعها المناسب والمرموق والمؤثر في الخارطة السياسية العراقية..عندئذ يمكننا الحديث عن تغيرات ملموسة في حياة الجماهير وتحسن في جميع مرافق الحياة ..فالشيوعيون هم عصب الحياة وشموع تنير الدرب لملايين المحرومين والمتعبين من ابناء شعبنا, وهم من يطرح الحلول الواقعية للعقد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تواجه البلاد..


25/10/2009
 


 

free web counter