نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نجاح يوسف

 

 

 

 

الأحد 21 /5/ 2006

 

 

 

هل تستطيع الحكومة العراقية الجديدة الإيفاء بوعودها؟


نجاح يوسف

قد يبدو عنوان المقال وكأنه تشكيك بالحكومة الجديدة وبقدراتها على إنجاز المهمات الصعبة التي تواجه البلد والمواطنين العراقيين..وقد أبدو متشائما بعض الشيئ من امكانية تحقيق الحد الأدنى من المطالب المستعجلة والملحة التي تطرق أبواب الوزارة الجديدة ومؤسسات الدولة.. ويعود سبب كل ذلك إلى مسألتين مهمتين..اولهما أن الدكتور الجعفري وعند إلقائه برنامج حكومته على مجلس النواب السابق وعد العراقيين بتحقيق احلامهم رغم قصر الفترة الزمنية التي عاشت فيها حكومته ..وتحولت تلك الأحلام مع الأسف الشديد إلى كوابيس مرعبة حولت حياة العراقيين إلى جحيم..فلم يتحقق الأمن الذي وعدتهم به حكومة الجعفري ولم تتحسن الخدمات , بل تضاعفت معاناة الجماهير ..فاصبح الحصول على الكهرباء ومشتقات النفط والماء الصافي والخدمات الضرورية الأخرى بعيدة المنال.. أما المسألة الثانية فهي الكم الهائل من المشاكل التي تفاقمت في عهد حكومة الدكتور الجعفري والتي استعصي حلها بسبب طغيان النظرة الأحادية والتقسيم الطائفي والعرقي على الحكومة ورجالاتها وعدم قدرتها لحل المشاكل التي واجهتها بسبب ضعف أداء الوزراء واستفحال مرض الفساد الإداري والمالي في كل مفاصل الدولة..

ألا يحق لي كمواطن عراقي ما زال يعيش بعيدا عن وطنه وأهله وناسه بسبب الظروف التي لا تطاق من الانفلات الأمني والقتل على الهوية وسيادة النظرة الطائفية المقيتة وهيمنة الميليشيات المسلحة المنفلتة على المشهد السياسي والأمني , وشحة أغلب ضروريات الحياة؟ ألا يحق لي أن أشكك بالحكومة الحالية وببرنامجها المطروح ؟ فالنموذج المأساوي الذي قادتنا إليه الحكومة السابقة رغم بعض النجاحات الطفيفة هنا وهناك , تجعلنا لا نثق بكل ما نسمع من وعود ولا نؤيد ما هو مبهم وغامض وقابل للتأويل ..

ولكن رغم كل هذه الشكوك حول الحكومة الحالية وبرنامجها , إلا إنني المس شيئا مختلفا هذه المرة ..فقد كان غائبا عن المشهد السياسي السابق كتل سياسية لها وزنها , إلا ان لها حضورها الفاعل في الحكومة الحالية .. كما تقاسم المناصب الوزارية في الحكومة الجديدة اختصاصيون وذوي كفاءات علمية رغم بعض التطبيقات العملية في اختيار الوزراء التي لم تخلو من البصمات الطائفية والعرقية, إلى جانب عدم حسم اختيار من يستوزر للدفاع وللداخلية ..كما نجد ان المرأة العراقية لم تحظى بمناصب سيادية أو وزارية تعكس دورها وثقلها السياسي والإجتماعي والعلمي ..ولكن نجد بالمقابل أن هناك تصميما أكبر من قبل أعضاء البرلمان والكتل السياسية المشتركة في الحكومة بمتابعة اداء الحكومة والاشتراك في القرار السياسي بعكس ما كانت عليه الحكومة السابقة ..

ويبقى كل شيئ مرهون ليس بالكلام الجميل والوعود التي سمعناها وعكستها لنا تصريحات رئيس الحكومة السيد المالكي في وسائل الإعلام العراقية , بل بالأفعال على أرض الواقع وما سيتلمسه المواطنون من تغيير جلي وواضح في الوضع الأمني المتردي ورداءة الخدمات وشحة المواد الضرورية والفساد الإداري وتهريب النفط والمنتجات النفطية والثروة الحيوانية , وكذلك الميليشيات المسلحة وانتهاكاتها لحقوق وحرية المواطنين..

فلا بد من الإقرار بأن المهام أمام الحكومة الحالية كثيرة ومعقدة ..فالهاجس الأمني وحده يحتاج إلى دعم جميع الكتل لأداء الحكومة في دحر الإرهاب من خلال الحوار البناء مع من يلقي السلاح من العراقيين الذين لم تلطخ أياديهم بقتل العراقيين ..كما ان السيطرة على حدود العراق وصيانة سيادة القانون ودعم القضاء المستقل والنزيه وحل جميع الميليشيات المسلحة , إلى جانب القيام بحملة شاملة لتنشيط الإقتصاد العراقي وإيجاد فرص عمل للعاطلين, كل ذلك سيعزز من تأييد الشعب لهذه الحكومة وينعش آمال الشعب بتحقيق مطالبها في حياة حرة وكريمة .. ولكن بتظافر جهود جميع الكتل السياسية وبإسناد من الجماهير الشعبية صاحبة المصلحة الحقيقية بالتغيير وبإخلاص الجميع في حل المعضلات والمشاكل التي ستواجه الحكومة , سنشهد تغييرات ملموسة في حياة المواطنين.. والايام والأشهر القادمة ستكون محكا لأداء الحكومة وقدرتها وكفائتها في مواجهة التحديات , وحينئذ سنحكم على أداء رئيس الحكومة السيد نوري المالكي وأعضاء حكومته..وكلنا أمل أن تحقق هذه الحكومة آمال المواطنين ومطالبهم الملحة..فلقد طال انتظار الشعب , وهي الفرصة الأخيرة أمام الجميع لدحر مخططات اعداء العراق ..