| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

 

 

                                                                                    الخميس 20/9/ 2012


 

لماذا سمح الغرب بصعود الاسلاميين للحكم في بلاد العرب

د. ناهدة التميمي
  
لابد ان صعود الاسلاميين الى سدة الحكم في كل البلدان العربية التي قامت بها ثورات (الربيع الاخضر) والتي اجتاحت تونس وليبيا ومصر وهي تعصف الان بسوريا لم يكن من قبيل الصدفة او ان الامر جاء اعتباطيا وغير مدروسا ..

لقد تم اختطاف الثورات العربية وتجييرها لصالح مصالح الغرب في المنطقة وحرفها عن مسارها واهدافها التي انطلقت من اجلها وهي العدالة الاجتماعية والسيادة الوطنية وعدم الهيمنة والتبعية للغرب وتوزيع عادل للثروات وفرص عمل متكافئة ومستوى معيشة مقبول بما يضمن حياة كريمة لكل افراد هذه الشعوب الثائرة على جور حكامها ..

وعلى الرغم من اني اشك الى حد اليقين بان هذه الثورات لم تنطلق من ذاتها دون ايد خفية حرّكتها وقادتها ومولتها وسهلت لها الامور. ولكن لنسلم انها انطلقت عفويا وتلقائيا ,وان هذه الشعوب قد هاجت وماجت ضد الظلم والطغيان .. غير انها سرعان ما تم حرفها عن مسارها لتؤدي الى ضمان سيطرة الشركات الغربية والامريكية على نفوط هذه الدول ومواقعها الستراتيجية المهمة, والسيطرة على شعوبها خصوصا تلك التي لديها توجهات دينية ..

هذه الثورات كانت مدخلا ومبررا لقوات المارينز والناتو لتدخل وتسيطر على الارض بحجة دعم هذه الشعوب الثائرة على حكامها الفاسدين, وبدلا من يتركوا الامور تفلت من عقالها وربما تأتي بانظمة حكم ليست على هواهم , سارع الغرب الى ركوب موجة الغضب العربي وتقديم الدعم والمؤازرة اعلاميا وعسكريا للمتمردين على انظمة الحكم هناك .. وبذلك فهم قد اسسوا لهدفين اساسيين اولهما ولاء (الثوار) لهم لانهم صنعوا لهم معروفا بدعمهم اعلاميا وعسكريا وثانيهما الارباح والمكاسب والعوائد الاقتصادية التي سيجنونها جراء تدخلهم  .

اما سوريا فلها وضعها الخاص فهي ليست دولة نفطية وليس فيها موارد مغرية للغرب ولكن سبب تدخلهم فيها بات معروفا حتى لابسط انسان عربي .. انه موقعها وجيرتها للدولة العبرية .. وسورية اخر بلد عربي من دول الطوق ظل صامدا وغير مهادن مع اسرائيل وهي كبيرة وقوية وبجانبها حزب الله مما يعطيها دعما اضافيا .. لذلك ترى انهم سلطوا عليها الارهاب من داخلها وخارجها بغية تفتيتها وتقسيمها وبذلك ستكون اسرائيل الدولة الكبيرة الوحيدة في الشرق الاوسط مستقبلا وكل الدول المحيطة بها ستكون ضعيفة ومقسمة ومتناحرة فيما بينها. وفي مثل هذا الوضع ستضمن سلاما دائما دون تكاليف مرهقة للغرب والامريكان الذين يصرفون المليارات سنويا لتأمين أمن اسرائيل وبقاء تفوقها العسكري والتكنولوجي على جيرانها العرب.

ولكن الارباح والمكاسب الاقتصادية ليست هي السبب التي جعلت الغرب يسمح بصعود الاسلاميين والاخوانيين والمتشددين في دول مصر وتونس وليبيا وربما سوريا مستقبلا بل هنالك هدفا ابعد من ذلك ..

هم سمحوا بمجييء الاسلاميين للحكم ليكونوا بمواجهة الشيعة وايران .. وحشدوا ماكنتهم الاعلامية للتمهيد لفتنة طائفية كبرى بين الشيعة والسنة .. فهم ادركوا انه ليس هنالك افضل من جعل التشدد والتطرف الاسلامي المتمثل بالاخوان والسفليين في مواجهة مباشرة مع ايران والشيعة .. وهم بذلك سيجعلون شعوب هذه المنطقة تقضي على بعضها وتضعف بعضها دون الحاجة الى تدخلهم المباشر في مثل هذه المواجهة ..

هم تدخلوا في ليبيا وتونس ومصر لقلب انظمة الحكم فيها ولكن فيما يتعلق بايران والشيعة فسيتركون هذه المهمة للسلفيين والمتشددين والاخوانيين لينجزوا المهمة نيابة عنهم ..
 

free web counter