ناصر الثعالبي

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

الأربعاء 30/3/ 2011

حكاية بلون عيد الحزب الشيوعي السابع والسبعين التأميم ناصر الثعالبي الى ذكرى الرفيق عبد الحكيم ناصر وسعت ثورة تموز 1958 مدارك الناس وزجّتهم بقوة في العمل السياسي، كنت آنذاك في الصف الثاني المتوسط ، ومن ضمن الطلاب الذين انتموا لاتحاد الشبيبة الديمقراطي . الأخبار الشحيحة من مسؤولنا في تنظيم الشبيبة تشير الى أن عبد الكريم قاسم، الزعيم الوطني، سيطرد (شركات الأجانب) - هكذا أورده المسؤول - وكان ذلك في عام1961؛ وفعلا أعلنت الحكومة قانون رقم80 لسنة 1961 ، الذي نص (على تحديد مناطق الاستثمار للشركات النفطية واسترجاع الأراضي غير المستثمرة فعلا ،والتي شكلت 99:55% من الأراضي الخاضعة لسيطرة شركات النفط. ) كان مسؤولنا متأثرا بفكر القائد الشيوعي ماو تسي يونغ، القاضيه بتوجه الشباب الى الريف لبث الوعي الوطني وأهداف الشيوعية. ألزمنا المسؤول بالتوجه الى الأرياف للتثقيف بهذا القانون، لم نستطع فهم محتوى القانون بشكل دقيق، مسؤولنا طرحه بعجالة، وأظن أنه هو نفسه لم يستوعبه، توجهنا لتنفيذ القرار متخذين قضاء أبو الخصيب هدفا للتثقيف، لوجود أحد زملائنا من سكنة القضاء . دخلنا في غابة النخيل، وهناك وجدنا فلاحا يتسلق نخلة لتكريبها، وبعد السلام عليه سألَنا إن كانت لنا حاجة ؟ انبرى زميلنا الخصيباوي يتكلم بلهجته التي نطلق عليها–جنوب الجنوب-وبلا مقدمات دخل بالسياسة لشرح (التأميم)،هكذا!اجتمع بعض الفلاحين حولنا، ضحك الفلاح صاعد النخلة، ربما لأننا شباب أكثر ثورية من المعتاد ،قائلا : (اولاد اخوي هاي البرجوازيه تسوي زين بس تاخذه الها، ترَ قضية النفط بترا وطلايبها هواي) احتججنا قائلين معاذ الله أن يكون الزعيم برجوازيا ،هكذا كنا نفهم الزعيم. استطرد الفلاح : (اشربوا لبن ونسولف) وأكمل (اهنا)، مشيرا الى جهة ما بيده، قاصدا مركز المدينة، (اكو كببجي فد يوم اجاه واحد كله هاي بطه اريدك تشويها لي ،وتحط وياها اربع كرص خبز وطماطه وبصل وهي منظفه ،اتسمعون اولاد اخوي؟ ..نعم .كان واحد افندي كاعد بالكهوه يراقب الحدث وبعد ان اكمل شواء البطه تحرك الافندي وكله للكببجي خليها بالصينيه وجيبها ، استغرب الكببجي قائلا: افندي هاي بطة المعكّل! أجاب الافندي: كُلّه طارت،انتفض الرجل: عمي اشلون اكله طارت وهو بيده ذابحها؟ لك ولّي انا الحاكم اذا اشتكى عليك راح تجي يمي) .أكل الحاكم البطة وجاء المعكّل وطلب بطته ،اعتذر الكببجي قائلا (والله بس خليتها على النار طارت). بدأت المعارك بين الكببجي والأفندي، هجم الكببجي بشيش الكباب فلم يصب خصمه، وإنما أصاب يهوديا مارا ففقأ عينه ، واستمرت المعركة، ومن خلال التدافع سقطت امرأة حامل على الأرض فطرحت حملها . قال رجل من الحضور تعالوا نقدم شكوى للحاكم ا !فرح الكببجي قائلا: (يلله اخوان الاله حك ياخذه) . في الطريق الى الحاكم شاهد الجمع بركة طين، وحمارا غارقا فيها، وبجانبه شيخ يستغيث لإنقاذ الحمار. استجاب الكببحي الشهم لنداء الاستغاثة، مد يده ليقبض على ذيل الحمار لسحبه فانقطع الذيل، قال الكببجي: عمي انت ويانا للحاكم! دخل المعكّل على الحاكم طارحا قضيته متهما الكببجي بالسرقه.سأله الحاكم: هل أنت مسلم. أجاب نعم الحمدلله،قال الحاكم: أتؤمن بالقرآن قال نعم ،قال الحاكم القرآن يقول "إن الله يحيي العظام وهي رميم" أجاب المعكّل: (بس بطه بيدي ذابحها وكاص اجناحاتها ما تطير!)أجابه الحاكم اذاً أنت ملحد فأما السجن وأما الغرامة ،فضّل الرجل الغرامة وخرج. اليهودي قال: فقئت عيني بشيش الكباب هذا، قال الحاكم: أعطني إياه وقرّب عينك الأخرى لافقأها، كي أستطيع أن أفقا عين الكببجي لأن عيني يهودي بعين مسلم .رفض اليهودي الحكم ودفع الغرامة وخرج، أما المرأة فقد سألها الحاكم: هل كان الحمل ذكرا أم انثى ؟قالت: إنه في أشهره الأولى ولم نتبين ذلك. أشار الحاكم الى الكببجي قائلا: ادخل الغرفة مع المرأة ، وبعد تسعة أشهر ستغرم حين نعرف جنس المولود لأن للذكر حق الانثيين؛غضب زوج المرأة رافضا الحكم ودفع الغرامة وخرج. أما ما كان من صاحب الحمار، وكان يراقب الأحداث فإنه حين نادى عليه الحاكم ،صرخ قائلا: افندينا الحمار أبتر من الأول مو هسه انكطع ذيله!! بعد انقلاب شباط الدموي، وفي سجن البصرة المركزي قصصت هذا على الشاعر البصري المعروف عبد الدايم ناصر، فأخبرني أن هذا الفلاح هو أخوه عبد الحكيم ناصر، من الرعيل الاول من المناضلين في الحزب الشيوعي العراقي . تحية لرفاق النضال ومجدا للحزب الذي علمني الكثير .