| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نعمة السوداني

 

 

 

الجمعة 8/3/ 2013

 

8 اذار يوم المرأة العالمي

دور المرأة في المجتمع .... بين الطموح والقابلية

نعمة السوداني *  

في قضية التمييز :
في هذا اليوم العالمي للمر
أة الذي نعتبره مناسبة عامة لأنه يوم تحتفل فيه كل البشرية و قوى السلام الخيرة والمحبة للحياة والديمقراطية والتقدم في كل بلدان العالم , وفيه من الخصوصية التي تكتسب من محلية هذه المناسبة في عراقنا الحبيب والبلدان العربية .

في هذا اليوم نستذكر التاريخ النضالي المشرف للمرأة في العراق من الشمال الى الجنوب شرقا وغربا في الجبال والأهوار في السهول والمنخفضات ,, هذا النضال الذي يمتد على جسد التاريخ المعاصر في العراق.

اليوم لا
نرى منه الا اشارات واضاءات بسيطة جدا جاءت عبر هذه المسيرة النضالية وفي خضم معارك اجتماعية وسياسية واقتصادية ودينية , مع عمق المأساة والمعاناة التي تحملتها هذه المرأة الاسطورة على مختلف الازمنة و الامكنة العراقية , في عهود مظلمة ودكتاتورية بشعة وليومنا هذا !!
 
بد
أت تخسر ما حصدته من تقدم في مكانتها بشكل عام و حياتها الاجتماعية بشكل خاص بسبب الحروب والدمار والامراض والسرطانات وظلم نظام البعث لها الذي ما زالت اثاره ليومنا هذا حاضرة معها !

وبعد ان جاءت التطورات الاخيرة استبشرنا خيرا ,, فكان وقع هذه التطورات الدراماتيكية التي ادخلت البلاد في حروب واقتتال
(خارجي - داخلي) (محلي - محلي) بين ابناء الوطن الواحد ومن جاء من الخارج بافكاره العفنه القذرة محملة بالجهل والامية وبالظلامية والقهر والتخلف اصبحت خسارة المرأة كبيرة جدا في هذا المجال من نضالها بسبب هذا التدخل السافر . اضافت على الخسارات خسارات !!!

في ظل هذه الظروف الصعبة أصبحت المر
أة ضحية الانفلات الامني وتنامي قوى الارهاب والبطش بها عبر ارتفاع مستوى ومعدل الجرائم من خلال (عمليات المليشيات المسلحة المختلفة المتناحرة وباساليبها المتعددة) مما ادى الى تراجع دورها الفعلي والعملي بالحياة !! وهنا نشير الى سوء احوال اوضاع حقوق الانسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص ,القتل بابشع انواعه واساليبه :
فمن القتل على الهوية الى الاغتصاب و التغييب و الذبح الى اخره .. انها
مأساة كارثية !!

وبالرغم من دخول المر
أة المعترك السياسي اليوم ودخولها في السلطة و( البرلمان والوزارات ) ومشاركتها في مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان ورعاية الطفوله الا انها بقيت مهمشة وعاطلة عن العمل وهذا يؤثر على واقع المرأة الام والزوجة والاخت والارملة والموظفه الى اخره ,,, هناك تهميش واضح !! بسبب الخوف من المجهول من القوى الظلامية التي حاربت المرأة في كل شارع وبيت ومدينة ,, في المدارس والجامعات والعمل ايضا ان حصلت على عمل !

كما نلاحظ ان امكانية التغيير في المجتمع ما
زالت صعبة جدا وبعيدة عن مستوى الطموح ، وهذا الطموح يتآتي عبر مؤسسات ديمقراطية تؤمن بحرية المرأة ومساواتها في الحقوق مع الرجل وان تحترم رأيها وخصوصيتها !!

ان العودة الى كل ما
هو قديم هو العودة للجهل والتخلف وعدم الاعتراف بالحقيقة او التجديد , سيخلق لنا اتجاهات معادية للاستقرار وللتغيير تعتمد على الخوف والقلق الذي يطارد المرأة ، فالزواجات المبكرة والزواجات التي يعمل لها الغطاء الشرعي من خلال مكاتب و حسب المذاهب المتعددة ( لكل مذهب طريقة ) والزواج العرفي الى اخره . كل هذا يسيئ من حالتها و بسبب العامل الاقتصادي ايضا نحصد هذه النتائج !!
كل هذا يعتبر تراجع في حقوق المر
أة !

ان الطموح الى المساواة في الحقوق هي
مسألة حتمية , والمساواة السياسية اذا لم ترافقها عدالة اجتماعية للمرأة لا تجدي نفعا !!

خطوات مهمة ....
لابد من احترام المر
أة وحقوقها , والتعامل معها يتم على اساس انها انسانة ,بالاضافة الى تأمين حياتها مستقرة ومنتجة وسعيدة , فتأمين العمل والغذاء والسكن والتعليم والصحة ورعاية الطفوله لابنائها والبيئة الخالية من الامراض السرطانية والتلوث بالاضافة الى الدفاع عن تأمين الحرية اليها باختيار حياتها ومعتقدها من خلال الحقوق المشروعة باسلوب التعايش السلمي في ظل القانون . فبالمرأة تتم عملية التنمية البشرية في كل اشكالها واتجاهاتها بين الريف والمدينة كي تعطي لنا مؤشرات صحيحة نابعة من اكتمال الوضع الصحي لها , وتثبيت الامن الغذائي لها وضمان حقها في التعليم والعمل الى اخره من حقوق معروفة للقاصي والداني !

دور المر
أة في الحياة الاجتماعية والفن ...... المسرح العراقي انموذجا !
لابد من الوقوف على دور المرأة الفنانة في كل المجلات ودعمها وسن قوانين تحميها كما اسلفنا اعلاه,كي نرى لها دورا مميزا فاعلا ناشطا من اجل بناء مجتمع صحيح سليم فيه رأي المرأة واضحا وبناءً !

وفي مجال المسرح
ارى ان دور المرأة في المسرح العراقي و آفاق تطوره والمشاكل والمعوقات التي تعتريه هي نفس المعوقات التي تلاحق المر
أة في كل جوانب المجتمع فما زال لحد الان هناك من ينظر اليها وكأنها عورة !!!

ان ما تعانية المرأة في مجتمعات كثيرة ومنها المجتمع العراقي الذي ما زالت
تئن فيه و تعاني من واقع مؤلم ,, لم تثبت حضورها بعد، وتطلعها، وهي تبحث عن عوالم جديدة. ونتمنى لها أن تحذو حذو من سبقنها من المبدعات العراقيات، في الاربعينيات والخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم لاثراء المسرح ,,, اليوم نؤشر على ظلم المرأة ونسميها المرأة المظلومة، التي تبدو للآخرين بانها تعيش حياة سعيدة، لكن الحقيقة شيء آخر ,, وبالرغم من انحسار دور المرأة في المسرح العراقي خلال السنوات الماضية، الا أنها الان وبالرغم من الظروف الصعبة التي تواجهها للاسباب انفة الذكر الا انها بدأت تثبت حضورا من خلال اعمال تبدو في ظاهرها بسيطة، الا أنها في الحقيقة تتطلب مجهودا كبيراً في الفنون التشكيلية والشعر والمسرح والموسيقا وقد رأينا نضالها من اجل اعادة حقوقها وانهاء سلب ارادتها !!!

وحينما نتحدث عن المراحل الزمنية التي مر بها المسرح العراقي ودور المرأة العراقية في هذا الاتجاه لابد ان نشير الى ان فترة السبعينات من القرن المنصرم التي تعد اكثر ازدهاراً للمر
أة او للفنانة العراقية من خلال مشاركتها في المسرح على كل الاصعدة في الاخراج والتمثيل والتأليف الذي لابد من وجودها على خشبته اليوم علما ان اليوم نجد هناك صورة اخرى مختلفة تماما وذلك ان المسرح العراقي الآن يفتقد للعنصر النسوي بكل اشكاله الفنية ...

لابد من البحث في المعوقات التي تؤثر على دور المر
أة في تواجدها على خشبة المسرح قبل هذا لابد من الالتفاته الى الوضع العام في كلية الفنون الجميلة ومعهد الفنون الجميلة ايضا والنظر الى تلك الروافد المهمة للمسرح وللفنون الاخرى التي تساهم في بناء العرض المسرحي ومعالجة دور الفنانة فيه ... ولا اجد داعي الى فصل معهد الفنون الجميلة الذي قررته وزارة التربية بحجة عدم اختلاط الجنسين !!!

هل الاختلاط بين الجنسين فقط داخل الحرم الجامعي ؟؟
الم يكن اختلاط للجنسين خارج الحرم الجامعي ؟؟

دعوة للعودة الى زرع الثقة في المر
أة من جديد مع زميلها الرجل كما في قبة البرلمان يجلسون الجميع مع بعضهم !
وهذا بحد ذاته تمييز بسبب ان البعض يعتبر هذا مخالف للاعراف والتقاليد , وهذا سيؤدي الى اهمال المر
أة بحقها في التنافس مع زميلها الرجل !!

القوانين والتشريعات والسيطرة الذكوريه :
من نافل القول ان نتحدث عن المعركة الراهنة المحتدمة التي تعيشها المرأة في العالمين الإسلامي والعربي والتي نعتقد بانها ليست سهلة
اوبسيطة !! بل في حقيقة الامر انها معركة معقدة جداً بسبب كونها تدخل ضمن الاطر والمصالح المتعددة ومنها :
سياسية واجتماعية وثقافية واقتصادية وفي كل مناحي الحياة التي تساهم فيها المر
أة العاملة ونؤكد هنا على الجوهر الاقتصادي الذي قفز باوربا الى مئات السنين الى الامام !

اما الاطار الحضاري الذي يسعى المجتمع الذكوري إليه وحسب اعتقادهم الشخصي من رجال تشريعات متسلطين انه يسعى الى دفن واقع ومضمون الصراعات جميعا باعتبارها صرا
عات سياسيه واقتصادية واجتماعية وثقافية تنتمي اليها المرأة ولابد من وجود دور ومكانة لها لانها تسعى الى مساواتها بالرجل وباعتقادهم هذا النضال يعتبر من الكوارث التي تؤخر بناء المجتمع !

ان الذي يتتبع المشهد الحياتي في المجتمعات العربية والإسلامية يرى انها ما تزال تعتبر مجتمعات ذكورية وتتباهى في ذكوريتها بالتمام والكمال!!

وهذا مفاده الخسارة تلو الخسارة
، لذلك على القوى الديمقراطية التأكيد على مقاومة هذا التوجه الذكوري مع كونه ليس من السهل تجاوزه بسبب سيطرة الرجال على المجتمع و على اجهزة الدولة والنظم السياسية والتشريع! مثلما هو وضع القوانين والمراسيم والتعليمات والقضاء التي تحد من صلاحيات المراة وتقلل من شأنها !!

ان حياة المر
أة الاجتماعية لا تدعنا ننظر اليها كقوة محركة في بناء المجتمع ,فقط ينظر اليها كوّلادة للاطفال وتقوم على ارضاعهم وتسكن المطبخ كأنها في زمن العبودية وغير متحررة وهذا ما يساعد على تقليل دورها وشأنها , حيث تشعر الواحدة منهن بأنها عالة على اهلها او زوجها ,,ان الفقر المدقع الذي يعيشه المجتمع من اسبابه هو عدم مشاركة المرأة في الحياة بسبب عجزهن عن امتلاك الحرية !!

ارى من هذا كله هناك صراعا بين الدين والثقافة وبالمقابل هناك ضعف في الحركات التنويرية او انحسارها
بشكل ادق بسبب ما أسميه بالركود الفكري والحضاري الذي سبّبه عدم انفتاح العراق على العالم !

ان هذا الواقع مؤلم للمر
أة الانسانه و بالطبع فانها لا يمكن ان تتنازل تنازل عن المكاسب التي حققتها منذ عام 1958 في قانون الاحوال المدنية الشخصية وكانت الجمهورية الفتية حينئذ تؤسس لحياة كريمة للمرأة ضد من يحمل الفكر الذكوري على حساب حياتها ! لا يمكن لأي بلد أن يتقدم خطوات ثابتة نحو الأمام دون مشاركة المرأة ليس في تربية أطفالها وتنظيم شؤون المنزل وكلا المهمتين يفترض أن ينهضا بها المرأة والرجل سوية حسب بل وكذلك في مجمل جوانب الحياة الأخرى ! هناك من الذكور الذين يسيئون الى الدين والمرأة والمجتمع في ان واحد في سن تشريعات وقوانين تضطهد المرأة وحقوقها المدنية !



بغداد هولندا 4آذار 2013



* ناقد شاعر



 

free web counter