| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. ناجي نهر

 

 

 

                                                                                      الثلاثاء 8/2/ 2011

                                                 

إنتفاضة الشباب تأكيد على صحة العلم
(1)

د. ناجي نهر

وابتداءآ اتقدم الي شباب وشعوب تونس ومصر واليمن ومسانديهم ، بالتحية العطرة وانحني اجلالآ لأنتفاضاتهم الباسلة المتواصلة ، كالنار فى الهشيم ، واقولها بكل صدق ان هذه الأنتفاضات المستعرة ظاهرة جديرة بالدارسة ، وهي سواء حققت كامل اهدافها او بعضآ منها ، فهو واقع لا يقلل من اهميتها وعظمة اثرها الكفاحي الأيجابي اللاحق على مختلف الأصعدة. فقد نبهت الأنتفاضة الدنيا باجمعها ، بضرورة قراءة الواقع الجديد ، والحذر من الاعيب السياسة البينة والمستترة ، و علمت دروس تطبيقية اخرى منها:

1 - ان أنتفاضة الشعوب مهما كان طابعها ، فهي اقوي من اي نظام ، حتى وان كان عادلآ.

2 - ومن خلال معطيات وتكتيك حركة الشباب اظهرت الأنتفاضة بجلاء ، انها ليست عفوية كما يصورها البعض ، فثوارها قبل ان ينتفضوا ، كانوا قد قرأوا الواقع المتحرك [الذاتي والموضوعي] لبلدانهم والعالم بدقة متناهية ، من خلال استخدامهم العلم التجريبي فى ارقى اجهزة التطور المعاصرة [الهاتف النقال والحاسوب] ، فجاءت حساباتهم سليمة ، ومتناسبة ومتناغمة مع امكاناتهم ومع سمة العصر، وسمو وعي انسانه الجديد ، ومزاياه وخصائصه الأنسانية ، فى الشعور بالمسئولية ، والأعتراف بالآخر والتصميم المشترك على المساهمة الفاعلة فى عملية التطور المستدامة محليآ وعالميآ من اجل الخير للجميع.

3 - كان طابع أنتفاضة الشباب ، بمثابة تمرد حضاري جريء وعاصف ضد الطغاة الكسالى المستعبدين لغيرهم ، وبخاصة اولئك العاملون المنتجون الذين يشكلون لوحدهم مشعل التغيير نحو الأفضل عبر التاريخ ، فجاء طابع الأنتفاضة مجسدآ لحضارة العصر ، بالثورة السلمية ، وبالقيادة الجماعية البعيدة عن الطبقية ، والمعبرة عن تطلعات الشعب بكامل مكوناته فى العدالة والحرية والمساواتية والتغيير الديمقراطي. وبذلك ، فقد حكمت أنتفاضة الشباب على القيادة الفردية المتوارثة ، والقائد الضرورة بالأعدام ، وهو ما يعني ايمان الشباب بالقيادة الجماعية وتطبقها مستقبلآ فى مختلف مؤسسات الدولة المدنية بعلمية اختصاصية. ومن تأكيد شعارات الأنتفاضة على اهمية تطويرالأقتصاد والتوزيع العادل للدخل ومعالجة البطالة ، يمكن للمحلل السياسي استنتاج ما يعني ان العاملين المنتجين بتصور الشباب ، ما زالوا هم محرك التطور و مشعله نحو الغد السعيد.

4 - عكست مشاركة قوى اليسار المتشرذمة ، هول معاناتهم وشدة الضربات الماحقة التي تلقوها من السلطات الغاشمة المتعاقبة ،والقوى الرجعية العروبوية والأسلاموية المتطرفة التي ما زالت حتى الساعة ، تنتهج منهجية اسكات صوت العلم بشعارات شوفينية وهمية انتهى زمانها ، فلقد حرموا (قوى اليسار) من العمل العلني بين الجماهير ومن استخدام ابسط وسائل الأتصال والأعلام المرئي والمقري والمسموع ، وظلوا بفضل اعداء العلم وعلى نطاق العالم باسره لحد اليوم لا يمتلكون فضائية لنشر افكارهم وعلومهم المفيدة ، حتى بات لسان حالهم يؤكد قول الجواهري :

يزرع الخير فى النفوس فيجنى       ويجازى بالشر عنه فيجني

5 - لقد اظهرت الأنتفاضة وفضحت على المكشوف ، ماهية حكام العالم الثالث من دون استثناء ، وكشفت عن الواجبات الموكلة اليهم ضد شعوبهم ، وفضحت كيف تم اختيارهم من وكالة المخابرات الأمريكية ، وشاهدناهم على كافة وسائل الأعلام كيف كانوا ينفذون اوامر اسيادهم التلفوية وهم صاغرين ، فبئسآ لهم ولوعاظهم. وكذلك اظهرت الأنتفاضة ، كيف كشرت الأنتهازية بانواعها ، ومعها السلفية المتخلفة بجميع فصائلها ،عن استعدادها لخدمة الأسياد مجددآ!! ، والتفاوض معهم لقاء ما سيرمونه لهم من فتات الموائد ، فقد رأيناهم بالأمس يطعنون الثوار خلسة ، ويتفاوضون مع ازلام النظام بكل صلافة ، فلم نستغرب ذلك منهم فهو ديدنهم ، فى بيع دينهم ودنياهم بثمن بخس من اجل مصالحهم الخاصة. بيد ان ارادة الثوار ، قد ردت عليهم بالمباشر : خسأتم ايها الأوغاد فقد:

مشى الوعي فى امم المشرقين       وهبت لكنس الوسيخ الحشود

6 - فما يثير الأعجاب فى أنتفاضة الشباب هو ، تصميمهم القاطع على التخلص والى الأبد من التركة السلفية المتخلفة ، وأنظمتها الوراثية المشينة ، المتكئة على فتاوى وعاظ السلاطين وجحافل الأنتهازية بعامة. لذلك فقد حسب شباب الأنتفاضة كافة الأحتمالات بدقة متناهية ، فهم سوف لا يواجهون ازلام النظام فقط ، بل سيواجهون دسائس أنظمة العالم الثالث برمته وبكل ركائزه ومسانده ووعاظه واعلامه المتحيز ، واستعدوا لذلك اتم الأستعداد .

7 - وبذلك فقد علموا الدنيا ، ان الشباب هم امل المستقل وقادة الحاضر ، وانهم فعلآ خلقوا لهذا الزمن ، من اجل قيادة عملية تطور الحياة ، على وفق قوانين التطور ومنهجياته العلمية ، وكل بحسب واقعه واختصاصه ، وعلموا الدنيا بان زمن الشباب ، قد بدأ منذ الآن وهو مختلف عن زمان [العجائز العجزة المسنون] الذين يستحقون منا الشكر والثناء. غير ان الزمن سوف لن يعود الى الوراء. فالمسنون كاية مادة حية قد اكملوا دورة حياتهم ابتداءآ بولادتهم ومرورآ بفترة [ترعرعهم ونموهم وشبابهم وعطائهم وشيخوختهم وهرمهم ، وتوقف عطائنا وفق سنة الحياة بانتظار موتهم ، وتحولهم الى حالة فلكلورية من الذكريات والعبر والتواصيف الضارة او النافعة للناس ، وما قدموا من خير وشر فوق كوكبنا] وعليهم بعد ذلك العطاء تسليم الراية للشباب .

غير ان بعضهم للأسف ، برغم التجارب المفزعة والمشينة التي شاهدها بام عينيه لمصير المتشبثين بالسلطة ، وبرغم احساسه بضعف قواه ومداركه بمستوى لا يسمح له بتجاوز شروط العمل السياسي ، ما زال يكابر ولا يخجل من تشبثه بكرسي السلطة ، فيجلب بذلك الكوارث المدمرة على مجتمعه ، وعلى العالم باسره ، لذلك يصح وصفهم بالغباء ، وانطباق المثل القائل يموتون على مرابطها !! وهو ما لا يقبله الشباب لأجدادهم. فأنتفاضة الشباب قد علمتنا ، اهمية الحاجة لفتوة الشباب وقوة مداركهم واحاسيسهم الفتية الطافحة بالحيوية ، واللاقطة لثقافة التغيير وحث السير للحاق بركب الدول المتقدمة ، وفق فكر متوهج بالعلم والأمل والعنفوان ، فهم امامنا اليوم ، وقد برهنوا بحق وصدق على صلاحيتهم لقيادة بلدانهم نحو الحرية والتقدم والديمقراطية وبناء الدولة العصرية المؤسساتية الواقعية التي تفصل الدين عن الدولة ، ترسيخآ للديمقراطية والعدالة الأجتماعية ، ولقطع الطريق على المشعوذين والأنتهازية ، فهل من الأخلاص والأمانة منعهم من ذلك ، وهم الذين صنعوا الثورة ، وأستعدوا لتداعيات فشلها ، واحكموا خطة انقضاضهم الخاطف على قلب العدو وشل حركته بالسرعة القصوى ، وهم الذين ابهروا العالم بخطة التعامل مع الأحتمالات الطارئة غير المدروسة وأستمروا فى تغذية فصائل الثوار والجماهير المساندة لها ، واداموا جذوة لهيب الأنتفاضة العاصف ، ونشطوا فرق الدعاية والتحريك وشحذ الهمم والتحريض ضد مفاسد النظام ومحاججته ومحاسبته امام الشعب بشعارات الثورة وبرنامجها الواضح البسيط المتناغم مع مزاج الجماهير الثائرة والمساندة ، والقابل للتطبيق الفوري على الأرض. واخيرآ هم الذين ما زالوا صامدين متناخين فيما بينهم على الصبر والمطاولة على الصمود حتى النصر.

 يتبع

 

free web counter