| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. ناجي نهر

 

 

 

                                                                                      الثلاثاء 8/3/ 2011

                                                 

ممارسات حكومية مبتذلة

د. ناجي نهر

ان الممارسات المبتذلة التي مارستها السلطة العراقية يوم امس الأحد 6- 3 -011 ضد الحزب الشيوعي العراقي ، ومداهمة مقراته بقوة مسلحة بهدف غلقها ، ليست بالجديدة ، فهي ممارسات الطغاة عبر التاريخ .

ولقد ابتدأت هذه الممارسات منذ ولادة الملكية الخاصة وانقسام المجتمع الى اسياد وعبيد ، وانقسام الفكر الى غيبي ومادي ملموس ، حيث عبر الفكرالعلمي الملموس ولم يزل عن حقوق الشغيلة المنتجة وطموحها فى تطوير الحياة الى الأفضل ، وعبر الفكرالغيبي عن الأسياد ومرتزقتهم وطموحهم فى حب المال وغطرسة السلطة واستغلال الآخر وتبريره بفتاوى الوعاظ الشيطانية ، واستمر هذا الصراع معمدآ بالدم وبشتى الوان وصنوف الأضطهاد حتى الساعة.

بيد ان تاريخ البشرية ظل دائمآ يعتمد فى تطوره المتدرج على الوقائع الماديةً ، ويفشل تحقيقه اذا اعتمد على الأحداث المتخيلة والأفكار الأنتقائية ، ومزج الثقافات العلمية بالفلسفات الأخرى بضبابية مربكة.

لكن امم الغرب بنضال شعوبها الطويل وبفضل سمو وعيها ، استطاعت تجاوز الثقافة المتخلفة فى تحقيق الفصل بين الفلسفتين العلمية والغيبية ، بمعنى فصل الدين عن الدولة ، فهدأ حالها المضطرب ونالت حريتها وحقوقها ، وارغمت ساستها على الأستجابة لمطامحها وهم (صاغرين).

ومن نقطة فصل الدين عن الدولة حققت الشعوب مبتغاها ، واحترمت اديانها ومعتقداتها وقطعت على الأنتهازية طريق التخريب والقرصنة والفوضى الفكرية ، ومن هذه التجربة الناجحة ، ينبغي على مناضلي العالم الثالث تشديد النضال للوصول الى ذات الأهداف والنتائج التي توصلت لها امم الغرب ، والتفريق بين الشعوب التي استوعبت الأفكار العلمية وحققت بارادتها ترسيخ الديمقراطية وبين الإمبريالية التي تجبرها شعوبها على ممارسة الديمقراطية فى بلدانها ، غير ان الإمبريالية تواصل اضطهاد الشعوب الصغيرة فى العالم الثالث بخاصة لتحقيق مصالحها الأحتكارية.

وكذلك ينبغي على مناضلي العالم الثالث التفريق بين التناقض والصراع بين الإمبريالية وبين الشعوب والأمم المضطهدة والتناقض بين العمل ورأس المال والتناقض بين الكتل و الدول الإمبريالية فيما بينها ، والتناقض بين النظم الدينية والنظم الوضعية فى العالم ، حيث لكل من تلك التناقضات ادواته وحلوله المناسبة.

اما المتسلطون فى العالم الثالث بخاصة ، فهم لا يريدون وعي هذه المتغيرات جملة وتفصيلآ ، لأنهم يدركون ان فيها موتهم وانتهاء ثقافتهم العجوز ، و لأنهم ليسوا بمناضلين ، وليس لهم هدف اللحاق بركب الحضارة برغم توفر طرقها السهلة ، كفصل ثقافة الدنيا عن ثقافة الآخرة ، و لأنهم ليسوا بمناضلين من اجل الأنسان الاخر ، لكي يحققوا ما تصبوا له الشعوب ، ويجنبوها تدعيات الصراع الفكري المهلكة ، فيستحقوا بذلك لقب الأنسان الفاعل فى بناء الحياة بجدارة.

لذا فان الممارسات المبتذلة التي مارستها السلطة العراقية يوم امس ، ستكون من جهة دلالة دامغة على قوة الحزب الشيوعي العراقي واثره فى تطور العملية السياسية ، وستكون من جهة ثانية دلالة دامغة على مستوى ثقافة المتسلطين المذهبية الحاقدة والمتدنية جدآ.

بيد ان السؤآل المهم هو: هل ستدوم سلطة الأنتهازية هكذا ، حيث كل شيء في الدولة مشحون لتلبية المفاسد والمصالح الكسولة ، وحيث الحكومة مستغلة من الإمبريالية وقد تحولت الى مطية لها وحافظآ لمصالحها.

ان المخلص للوطن لا يتأخر عن تطبيق تجربة ناجحة لشعوب اخر ، ما دامت تصب فى خدمة بلده.

كما ان الأنتهازية المتسلطة تعلم جيدآ ان تطبيق وترسيخ الديمقراطية سينهي الصراع العنيف ويقطع نزيف الدم البرئ الى الأبد ، وبغير تطبيق هذا المبدأ فسوف لا تتحقق الديمقراطية ولا ينقطع نزيف الدم حتى وان قامت الشعوب بالف ثورة.

وبفضل تنامي العلم التقني ، فقد انفضح المستور وبان للعيان فكر السلطة العراقية الأنتهازي المعادي للوطن والمواطن وللدين والأنسانية وللمساواتية والتضامن وحرية تبادل الأفكار. فلم لم يك خافيآ الهدف من الممارسات المبتذلة التي مارستها السلطة العراقية ضد الحزب الشيوعي العراقي ، ومداهمة مقراته بقوة مسلحة بهدف تحجيم دوره الجماهيري ، متناسية ان هذا الحزب قد افنى سنين عمره وضحى بحياة و شباب الألوف من مناضليه ، فى النضال من اجل حقوق المظلومين وكان فى طليعة الحركة السياسية العراقية ، وقبل ان يولد الصغار.

لذلك فأن الحزب الشيوعي العراقي المعروف بنضاله الباسل العنيد ، وبرغم فداحة الخسائر ، سوف لن يسكت ويقف مكتوف الأيدى ، وسيلقن الأنتهازية بنضاله السلمي الهادف دروسآ لم تكن تتوقعها من قبل.

فلم تكن الحريات التي مارساتها القوى السياسية فى العراق هبة من السلطة ، ولا دليل على طيبة قلب المتسلطين العملاء ، بل هو مكسب حققته القوى مجتمعة ببالغ التضحيات ومنتهى التصميم والنضال العنيد .

فهل يعلم المتسلطون على السلطة العراقية ومرتزقتهم ، ان الأفكار العلمانية قد اصبحت سمة عصرنا بنسبة تزيد على 95 % على نطاق العالم واكثر من 50 % على نطاق العالم الثالث برغم تخلفه ، واكثر من60% فى العراق المتميز بعلمانيته وحضارته ، مقارنة باقطار العالم الثالث.

فاذا ما شددت قوى الشعب من نضالها الباسل وتوعيتها المجتمعية المتعددة المسارات كاستخدام الحاسوب والفيس بوك والفضائيات والنشر السليم والجرئ فى كافة وسائل الأعلام الأخرى ، فستعجل فى انقاذ شعبها وشعوب العالم الثالث من التخلف المهين ، وسوف تختزل الم ومعاناة تدرج المراحل ، وستكيل لعدوها من سدنة النظام الرأسمالي المتعالين على شعوبهم الضربات الصاعقة تلو الضربات ، وستصل قوى الشعب الى اهدافها بسرعة قياسية ، فتحقق بذلك حلم الجماهير العريضة فى الحرية والديمقراطية التي لا يمكن تحقيقها بغير ، فصل الدين عن الدولة.

حينئذ ستختفي والى الأبد شعارات : شعبنا العربي " المؤسلم" عدو العلمانية والشيوعيين الكفرة فى العالم ، وشعبنا العربي "المؤسلم" عدو للمسيحيين واليهود فى العالم ، وشعبنا العربي "المؤسلم" من خلال نظامه الديني عدو لجميع أنظمة العالم وشعوبها بلا إستثناء. من هنا اهيب بشعب العراق الباسل بان يكون نموجآ لنضال شعوب العالم الثالث فى فضح اكاذيب الحكام المعممين والمعقلين وكل الرجعيين ، فقد بات كذبهم وفسادهم يزكم الأنوف ، وكما نشر المحلل "بيترو فرونس"، مؤخرا، مقالا في نيويورك تايمس بعنوان " انتخابات في كل مكان، والديمقراطية في لا مكان." ونحن بالأنتظار!.

فماذا تنتظر أيها الشعب العراقي المرصوف في تحدي الموت وآلة الجزار فمن غيرك يا ترى تظنه سينقضك من الهلاك ؟

لقد اضحى طريق نضالك ايها العراق واضح المعالم ، فماذا تنتظر غير توحيد صفوفك والثورة على التخلف ، فأنت تعلم ان امريكا لا تحمي العملاء الأغبياء.

و حذاري من المتسلطين على السلطة فى العراق ومرتزقتهم ، فسوف لا يكتفون بغلق المقرات وكم الأفواه بل سيطلقون كاتم الصوت لتصفية معارضيهم فى كل مكان.


 

 

free web counter