| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. ناجي نهر

 

 

 

                                                             الأربعاء 6/3/ 2013

                                                 

هل انزلق العراق نحو حضيض التخلف ؟

د. ناجي نهر

نعم انه كما يبدو لي لكذلك ، وبهذه المناسبة لا بد لي من تهنئة وكالة المخابرات الامريكية على براعتها العملية ودقة أداءها المتميز ،لانجاح مخططاتها الجهنمية ضد الشعوب الصغيرة التي تستعمرها ، وتدق اسفين التفرقة العرقية والمذهبية بين مكونات مجتمعاتها بأساليب معروفة منذ القدم ومنذ بداية الاستغلال الاقطاعي الرأسمالي القديم.

فلقد واصلت القوى الاستغلالية التحكم بمصائر الشعوب وما زالت تتحكم بمصائرها بسياسة (فرق تسد) سيئة الصيت ، وبأساليب خبيثة ولا اخلاقية ، تستند على اثارة الحساسية الدينية والتفرقة العنصرية بين مكونات المجتمع ، واشاعة الثقافة الدوغمائية المربكة بين صفوفه ، والتفنن فى خلط الاوراق وقلب المفاهيم والحقائق ، واحياء ثقافة التخلف المنقرضة من جديد.

فهذه القوى الاستغلالية ما زالت ، تمارس هيمنتها المتجبرة (بالايعاز) لعملائها الجدد المتزاحمين على ابوابها كالذباب ، من اجل اهلاك شعوبهم وتسيّدهم على دولهم الصغيرة التي يحكمونها وفق تعليمات واوامر الاسياد ، بسرقة وتبديد ثروات بلدانهم ، وامتصاص دماء شعوبهم بأساليب انعدام العناية الصحية والبطالة الدائمة ، وانهاك قوى الشعوب الجسدية والنفسية ، بكثرة القيل والقال والخطب المتقاطعة والمتضاربة والكاذبة ، والمفرقة للصفوف ، ومن تلك التي تدق اسفين العداء الحيواني المتوحش (العرقي والمذهبي) وتؤججه بإطراد ، والتي تحول بين امنية الشعوب بالوصول الى تطبيق مبادئ العدل والمساواة والديمقراطية والحداثة والتجديد ، والمثل الانسانية التي نجحت تجاربها فى البلدان الغربية نجاحاً منقطع النظير ، واكتسبت غنيمتها فى الديمقراطية السليمة بعد نضال عنيد وتضحيات باهضة وبإجراء بسيط وميّسر هو (فصل الدين عن السياسة) فأستحقت بذلك وسام ثقافة الانسان و(ثقافة العصر).

وكما يحدّثنا التاريخ فقد كان استغلال الدين بائساً وضاراً وذا مردود سلبي للغاية منذ (السقيفة) وهو سيستمر هكذا ما لم ينقطع دابره ودابر الانتهازية ، بفصله عن السياسة. فقد كان استغلال الدين منذ القدم وحتى الساعة وسيستمر هو المجهز والمفبرك الاوحد لاسباب الاستغلال والعبودية وخلق المصاعب امام حركة التطور الخاصة والعامة ، وكان وسيبقى السبب الاوحد فى خلق اسباب التخلف وتبرير مختلف الحروب والجرائم الاستغلالية مهما كانت بشاعتها وتداعياتها واضرارها .

فالذي ينظر الى ما يجري فى بلدان العالم الثالث من انتهاك فظ لحقوق الناس لا يجد لهذا الانتهاك ولجرائمه سوى سبب واحد من سببين (عرقي او ديني) او بكليهما معاً والسببان هما صناعة انسانية انتهازية بإمتياز، وبإمكان المناضل لو توفرت الفرصة له لحطمهما بجرة قلم.

ثم ومن ينظر لحشود المظاهرات المليونية القائمة الآن فى العراق وقيادتها من جهة ، وينظر نحو الجهة المعاكسة ، نحو من تقوم ضدهم المظاهرات من اطراف الحكومة ومؤيديها ، فسوف لن يجد فى قيادة الطرفين المتنازعين سوى اصحاب (العمائم والعكل) وسيادة ثقافتهم المتخلفة المتميزة بالعنجهية (العشائرية والمذهبية والعرقية) التي عفا عنها الزمن.

كما انك ستسمع تصاعد الصراخ والعويل والزبد المتعالي فوق ساحة الاعتصام او من على مجمل الساحة السياسية العراقية ، وكأن الاطراف المتصارعة تعترف اعتراف الغريق وبصوت جهوري بأن الصفة الوحيدة التي تجمعهم وتدفعهم لاستغلال شعارات قومية ومذهبية بعيدة عن الوطنية هي المغالاة (بالانتهازية الذاتية بألوانها) من اجل الوصول نحو السلطة والصولجان ومآرب اخرى انتهازية شبيهة لا تعد ولا تحصى.

اذن، فالجميع (المتظاهرون والسلطة) وكأنهم بممارساتهم الشاذة يحاولون ان يعترفوا على رؤوس الاشهاد ، ان ليس من اداة فاعلة لتحقيق اهدافهم اللاوطنية و اللانسانية بالسرعة المطلوبة غير الكذب والخداع وسرقة اموال الشعب والتصفية الجسدية للمعارضين ، اما الشعب العراقي المظلوم فظل متفرجاً ومذهولاً مما جرى ويجري من صراع بين الانتهازيين على المصالح الذاتية فقط وليس غير.

لكن الشعب سوف لن يستمر بالسكوت ، واخذ يتساءل بجدية عن دور من لهم المصلحة الحقيقية والاساسية فى التغيير الايجابي ، فصاح بهم بأعلى صوته :

اين العمال والفلاحين والطلبة والمثقفين والشباب العصري المتطور واين دور المرأة ونضالها من كل ما يجري من خراب (متقصد) فى بلدانهم وفى حركة التطور برمتها ؟

وهل استسلم الجميع للتخلف ام ماذا ؟..

وهل انزلق العراق حقا نحو حضيض الطائفية والردة الثقافية المتخلفة ؟.

وجاءه الجواب العلمي الموثق بالتجربة ، بأن النتيجة الوحيدة والصحيحة التي خرج بها شعب العراق المظلوم منذ سقوط الطاغية ولحد اليوم هي ان مجمل الحراك والصراع الدائر كان تحقيقاً لمخطط الاسياد وصناعة امريكية صرفة بعيدة عن اماني الشعب وحاجاته ، وانه سيستمر على هذا المنوال المتذبذب صعوداً وهبوطاً ، ما دام يحقق اهداف وكالة المخابرات الامريكية ، وما دامت هي لم تأمر بتغيير المتحقق منه سلباً او ايجاباً ، فكل شئ عندها بحسبان !!.

لذا سيكون من الخطآ الفادح تعريف ما يجري فى العراق (بالأزمة) ، لان الأزمة مهما كانت حادة ، سيعالجها الشعب والقائد المخلص بسهولة ويسر ، لكنها عملية اضخم من الازمة بكثير وعملية غادرة مخطط لها بعناية من قوى جبارة تمتلك منظومة وشبكة واسعة من العملاء ، و تمتلك اوسع الخبر الاستغلالية ، فعلى من يجد فى نفسه ذرة من الاخلاص من القوى المتنفذة في السلطة وفى غيرها (كشف) اسرار ما يجري خلف ظهر الشعب وتوعيته بمسؤوليته فى انقاذ نفسه ووطنه من جوقة اللصوص الضارية.

وبرأيي ان من غير المجدي انتظار الرطب ، من نخيل مقطوعة الرؤوس ، وان التصميم على قلب الطاولة على رؤوس من قال وسيقول من اكاذيب بدل ذلك هو الاجدى والاكثر ضرورة ، وان معالجة الموقف بعلاج مجرب استخدمه الشباب الثوار فى ربيعهم هو المطلوب وباقصى سرعة ممكنة ، وهو ما يلزم الشباب التهيؤ منذ الآن نحو تغيير نوعي بأسلوب (سلمي وحضاري) وبأهداف وثقافة منسجمة مع ثقافة العصر ، تنظمها جحافل الثوار بسرية تامة على وسائل الاتصال [الفيس بوك ووسائل الاتصال الاخرى] لتنطلق من قمقمها كالسيل الجارف ، وهو أمل سينطلق بيوم لا ريب فيه ولا محال ، بالاستفادة من تجارب انسانية سابقة وناجحة وهادفة ، اكدت بممارساتها الانسانية على انها ، هي تلك الثورة التي كان الشعب يتأملها وبإنتظارها بعد سقوط الدكتاتورية ، وبتحقيقها سوف يضع حداً فاصلاً لمأساته وآلامه فهو شعب نبيل ومناضل.

 

 

 

free web counter