| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. ناجي نهر

 

 

 

الجمعة 21/5/ 2010



اهمية تجديد قراءة الماركسية
(1)

د. ناجي نهر

1- توصلت الماركسية لأستنتاجاتها الفكرية التي قلبت موازين كافة المنظرين من خلال تعدد قراءآتها لواقع الحياة قراءة تحليلية متحركة ومن خلال كونها اداة متابعة نقدية واداة تغيير تقدمية ومن كونها بالتالي فكر وعمل تحليلي بناء لمجمل عمليات التطور الذاتي والأممي مما جعلها تصبح(الماركسية) خامات ضرورية لا غنى عنها لمد عملية التطوروالتغيير الجذرية بهدف ادامة انتاج الخيرات فى مشروع انساني دائم ومتجدد يسهر على تنفيذه عشاق مهيمون بحب الحياة وتطورها السعيد ومتغزلون فى وصف جمالها ومضحون من اجل رعايتها ونموها وتغييرها من حال الى حال اسعد . فمن خلال حركة الواقع المتغير اصبحت الماركسية متعددة القراءآت بما يناسب المكان والزمان فكانت فى قرآءتها الأولى تحقق وتبرمج للوصول الى ما يعده ذو الأختصاص عودة الى عدالة القطيع الأنساني الأول حيث نبعت نطفتها الأولى منه (من اللاوعي) حينما كان الأنسان حيوانآ متوحشآ ، وبالفعل فقد استنتج ماركس افكاره من صلب المقارنة فيما بين عدالة الحياة البدائية وحياة الهيمنة الأستغلالية التي تلتها وهو ما اكدته صحة تحليلات ماركس ونتائج أبحاثه ومؤلفاته فى تاريخ تطور المجتمعات وما عززت صحته مختلف الأبحاث الأنثروبولوجية الموضوعية المتصدية لمراحل تطور المجتمعات الأنسانية هذه الحقيقة التي اصبحت فيما بعد من اهم دعائم الماركسية الثلاث الى جانب المادية الجدلية فى صراع الأضداد واتحادها وفى تطورالأقتصاد الراسمالي وتداعياته المأساوية. ولذا فقد اطلق ماركس على المرحلة الأولى من مراحل حياة الأنسان المتوحشة تسمية (المشاعية البدائية الساذجة)كنتيجة لتعمقه فى دراسة تاريخ تطور المجتمعات الأنسانية ،فقد توصل (ماركس) الى ان نظام اقتصاد القطيع الذي مارسه الأنسان القديم فى مرحلة التوحش بشكل تلقائي وغير واعي ، كان عادلآ جدآ بالقياس الى الأنظمة الطبقية العقلانية التي تلته ، مما حفز ماركس على دراسة تطور المجتمعات بعمق وبمسئولية الأنسان المتمرد الساخط على واقع انظمة استغلالية ظالمة لا بهدف الكشف عن حقيقة ومسببات الأستغلال فيها وحسب بل فى ايجاد الوسائل المناسبة لأدامة تغييرها المتصاعد نحو المساوتية ايضآ.                                                                     

2 - كما توصل ماركس من خلاصة أبحاثه الى اكتشاف سر الأستغلال ومحركه ومصدره فوجده مجتمعآ فى [الملكية الخاصة] بخاصة حينما تتحول الملكية اللعينة الى ملكية خاصة أستغلالية وتصبح لها السطوة والهيمنة الأقتصادية والسياسية فتصبح بذلك سبب أساس وحاسم واوحد للأستغلال وما يجر خلفه من تداعيات . لقد اصبحت الملكية الخاصة منذ ان ولدت وترعرعت ومورست كأداة اقتصادية مهيمنة مصدر للهيمنة الأستبدادية ومصدر لبلاء الأنسان وعلامة شؤم لشره المستطير ، حيث بدأت (الملكية) تفعل فعلها الأجتماعي والأقتصادي بخلاف المعقول واللا انساني وتفرز من مسامات جسدها الخبيث [الجريمة والهيمنة والأستغلال والقهر والجوع والعبودية والحروب والأنقسام الطبقي المهين للعمل وللعقل] ، حتى بات ان ليس من سبيل امام سعي الأنسان الى غلق هذه المسامات الخبيثة المسمومة وتجنب تداعياتها الخانقة غير العودة الى نظام القطيع العادل الذي مارسه الأنسان القديم فى مرحلة التوحش ولكن ممارسته هذه المرة ستكون على وفق منهجية علمية موضوعية من اجل تغيير حال الأنسان المظلوم وتمكينه من شم عبير الهواء المنعش للحرية وللمساواتية والتقدم بممارسة أنسانية جديدة واعية على مستوى عادل ومدروس ومحمي بدساتير وتشريعات جماعية ووعي علمي متجدد مقترن بتسميات انسانية راقية متناسبة وتطور عقلي معاصر رافض ومقاوم لكل ممارسات التوحش والأنانية الذاتية ،وعامل بجد على قبر ثقافة الهيمنة الأستغلالية ودفنها فى مزابل التاريخ.                        

3 - لقد تم اكتشاف ماركس لأسباب الأستغلال بطريقة علمية واضحة مقنعة للعدو والصديق ومقترنة بسعيه الدؤوب لتدمير ركائز الأستغلال التي ما زالت حتى اليوم تضج مضاجع الفقراء بالبؤس والتخلف وترفع من شأن الرأسمالية وحلفاءها . ان السر فى ديمومة الماركسية وهيبتها ودقة افكارها كان وسيبقى يكمن بسبب وحيد هو ارتباطها بالعلم وانتسابها لعائلته فاضحت بما اكتنزته من دقة المعطيات فرضية للعمل ومنهجا للبحث بلا منازع ، هذا بالأضافة الى كونها النظرية الوحيدة التي اشادت بمكانة الأنسان وقدرته على الخلق واعترفت بتعدد المدارس الفكرية وبالتعدد المنهجي العادل المفضي الى التركيبة الأجتماعية المتعددة الأشكال والمتناسبة مع العقل الجدلي الذي يضمن ابتعادها (الماركسية) عن الدوغمائية.                                  

4 - لقد ظلت الرأسمالية وما انفكت منذ نشأتها تحاول عرقلة تقدم العلوم المادية بالأتجاه المعاكس للعلم بواسطة وعاضها ومنظريها ،ولكن هذه الحال سوف لن تدوم طويلآ فمن بيان لاعقلانية توماس كون (او كوهين) في ادعاءاته بنفي وجود معرفة علمية للطبيعة وهي الفكرة التي أقلقت جاليليو منذ أمد بعيد فكتب عنها وحذر منها ولم يفعل كون (كوهين) غير ان يعيد وضع مقولات جاليليو علي الطاولة من جديد في كتابه الموسوم الثورات العلمية ) وذلك علي ضوء مؤلفات ومقولات جيمس فرانكلين في ((New Horizon وستيفن جونسون وتيد أتون في (العلم الجسور) حيث تنبثق الثورة العلمية الحديثة في اتساق ابستمولوجي متكامل لباقة من العلماء والتكنولوجيين العباقرة مثل ( الان تورنج وايليا بريجوجين ونويرت فينر وكلود شاتون واوليفر سيلفردج وايفلين كيلر وكريج فنتر وسوزان جرينفيلد وجيفري مارسي جرتشن دايلي وبولي ماتزينجر وكارل ويز الخ ) وعلى الرغم من ان غالبية أبحاث هؤلاء العلماء كانت مع الأسف تصب فى خانة الأنتاج الراسمالي المتخصص فى مجالات رياضيات الكومبيوتر ونظم الديناميكا الحرارية المفتوحة وعلم السبرناطيقيا ونظرية المعلومات والرياضة البيولوجية والثورة الجينية الخ لكنها مع ذلك لا تفقد اهميتها وفوائدها العامة لكونها بالتالي تصب فى خدمة عملية التطور العام.

5 - ومع تطور الأفكار والتقنيات المذهل وسواء قبل ام بعد ظهور الماركسية فقد جرب الأنسان مختلف الأفكار وفشل فيها اما لعدم مطابقتها لواقع المرحلة المعاشة او لكونها افكار دغوماتية وهمية وغيبية ، فالقوميون على سبيل المثال فشلوا لتفريطهم بالأممية والأسلاميون فشلوا لتفريطهم بالوطنية ولم يثبت حتي الآن وجود نظرية اخرى غير الماركسية استطاعت بهذا الوضوح ان تقدم مفهوما ناضجآ لدراسة وتفسير البنية الاجتماعية وكيفية تطويرها على وفق الواقع الموضوعي المتجدد مع تجدد الزمانكية ، فالأفكار الماركسية توحد الناس تحت خيمة علاقات انتاج عادلة من خلال القضاء على الطبقية وتساوي بين الناس بشكل حي ومتجدد يرفض كل اشكال الجمود والنصية والمغالاة والتطرف والأجتهادات العاطفية المتحيزة لغير العلم والتقدم وهو ما يدفع اصحاب التغيير والماركسيين بخاصة ان يتألقوا فى تجديدها واغنائها ليتمكنوا من مواصلة ذلك الاجتهاد الماركسي المقنع والمجرب والأستفادة من مقولة انجلز بأستيعاب جميع النظريات المعاصرة وتطورات العلم والتكنولوجيا الحديثة بهدف استخلاص أهم النتائج الفلسفية النظرية والعملية التي ستغني الماركسية باستمرار وتكسبها صورة جديدة وقراءة جديدة متناسبة مع تطور الوعي وسمة العصر.         

                                                                                                 

 يتبع
 

free web counter