| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نجم خطاوي

 

 

 

الثلاثاء 8/2/ 2011

     

الدروس التي لم يتعلمها الحكام....!!!

نجم خطاوي

يمكن أن ينجح الحكام زمنا في ظلم الناس, وقمعهم,, والبطش بهم, والتفنن في عذاباتهم, وحجب حرياتهم, ومصادرة حقهم في التعبير الحر, في الفكر والرأي, ولكنهم سيدفعون لاحقا ثمن كل هذا, حين تكسر الناس قيودها وتهدر أصواتها مكتسحة كل متاريس الحكومات والأنظمة.

يمكن أن يتمكن الحكام وأصحاب السلطة من الثراء على حساب الشعب عبر تجويعه واللامبالاة أمام تفشي البطالة وسط صفوفه,وتركه عرضة للمهانة والعوز والفقر والحرمان والألم,لكن الجائع والمحروم والعاطل والمهان لا يمكن أن يظل دهرا على هذه الحال.

وحين تقوم قيامة الجياع والمحرومين لا يمكن لكل دروع الدنيا أن تصد غضبهم وزحفهم, ورفضهم لكل السادة الذين سببوا لهم كل هذا الأذى والمهانة والأوجاع.

يمكن للحكام أن يبتعدوا بما شاءوا من المسافات عن الشعب, وان يعلوا كراسيهم ويزخرفوها بما يحلوا لهم من الزراكيش والحلي والأوسمة,ويحصروها في قصور فخمة محاطة بالحراسات والأسلحة والرجال.

الناس لا تذهب للحكام لاستعطاف الصدقات والهبات والخبز, لأنهم أصلا ليسوا أصاحب الملك ليعطوا ويتصدقوا,وعليهم أن يخرجوا من قوقعتهم ومتاريسهم وحراسهم وأسلحتهم, ويكونوا قريبا من الناس ليسمعوا ما يدور في أذهان وقلوب العامة,وآنذاك لن يكون من الضروري أن تصرخ الناس لكي تسمع الحكام. ومن يعمل عكس هذا عليه أن ينتظر يوما تكون الصرخات قد اخترقت حجرات قصره وهي تحيطه بسيول جارفة.

يمكن لمن شاء من الحكام أن يزيف التاريخ حينا من الدهر, ويدعي زورا أن صراع الطبقات مجرد أكاذيب, وان الكل إخوان وأحبة,وان لا فرق بين من يملك الملايين وبين من لا يملك درهما لشراء رغيف خبز, وان هذا المحروم صار هكذا لكسله وحظه العاثر وعليه الصبر.

الحقيقة يمكن حجبها لحينا من الزمن, ولكنها ستبين يوما ناصعة ساطعة كالشمس, حين لا يمكن للناس أن تستمر في العيش بهذه الطريقة من الحرمان والقهر,ويوم تعلوا أياديهم وحناجرهم متطلعة ليوم أخر.

يمكن خداع الناس بطرق مختلفة وعبر استخدام الديماغوجية والتضليل والزيف والخداع والتمويه, وعبر إثارة مشاكل وهمية وصراعات جانبية وهموم صغيرة من اجل إبعاد الناس عن تلمس مشاكلها الحقيقة ومعرفة مسببيها,لكن هذه الخدع والحيل ستقلب السحر على الساحر يوما,فالناس لا بد أن تستيقظ يوما على صباح لا يشبه الأيام الأخرى,متلمسة وجعها, لتجد الطريق والوسيلة للقصاص من كل الذين سببوا لها الجروح والدمار.

لكل مواطن الحق في السكن المناسب,وليس من الحق أن يبهدل الناس هكذا حين يحشروا قسرا في مساكن اسمها فقط مساكن, وهي غير لائقة ولا مناسبة بأي حال من الأحوال للسكن.

وحين يهرسهم ثراء الإيجارات, وهم يدفعون نصف الراتب للإيجار ,متطلعين للأفندية الأنيقين, أصحاب الأملاك والعقارات, وهم يتباهون بعقاراتهم وقصورهم.

أليست أرض الأوطان ملكا للمواطن ؟؟ ربما يصبر الناس ويمضغوا الحرمان لسنوات, ولكنهم سيثوروا يوما كالبركان, فليس لديهم ما يفقدوه في ثوراتهم.

أن تكون بلا عمل وبدون عائلة فتلك مصيبة ومعاناة لا حدود لها, ولكن المصيبة الأعظم أن يكون لديك عائلة وأطفال, وأنت لا تملك عملا يدر عليك مالا لتعيلهم.

حين يكون الناس بلا عمل فهذا ذنب ومسؤولية الحكام الذين عليهم ضمان العمل للجميع,أو تعويض أولئك الذين يبحثون عن عمل ولو بما يكفيهم لسداد لقمة الخبز..

وحين يشتد جوع البطون وأنين الأطفال وعوزهم, فليس للناس من حل سوى أن تخرج محتجة, وبكل الوسائل, لتوفير العمل ولقمة العيش.

أن تشرب ماء صالحا للشرب, وأن يكون في منزلك خدمات راحة ,كالكهرباء والنور, وان يكون الشارع التي يوجد فيه دارك معبدا ونظيفا, فتلك حاجات يومية عادية, وعلى الحكام أن يوفروها لشعوبهم, ودون إيجاد مبررات في حال العجز.

أن تسود في مدينتك وسائل نقل مريحة,وان تجد ما تطلبه من الطعام في الأسواق وبأسعار تناسب مداخليك,وان يجد أطفالك مدارس حديثة وبلوازم أساسية,وان تكون في مدينتك ملاعب وساحات وحدائق ودور ثقافة, وفن وأدب,فهذه من أول ما يتطلبه العيش الآمن والسليم لكل الناس.

أن لا تفكر في حيرة حين يهدك العمر, وتكون طريدا للجوع والعوز والمهانة.

وحين تكون بلا تقاعد عمل يضمن لك استمرار العيش,أو أن يتصدق عليك الحكام بمبلغ لا يساوي شيئا, ويسموه تقاعدا, وهو لا يفي للعيش ليوم واحد بدل الشهر, فتلك مهانة كبرى تجعل الناس في خوف وحيرة من ما ينتظرهم من محن الأيام وقد هدهم العمر بعد سنوات الكدح والعمل .

السلطة وكراسيها ليست أملاكا لكم توارثتموها عن آبائكم وأجدادكم,ولا يحق لكم أن تستغلوها بما شئتم لرفاه أنفسكم وأهاليكم ,وعلى حساب الناس الذين منحوكم التفويض بقبولكم حكاما لتحكموا الأرض والعباد.

تذكروا دوما أن حلاوة الكراسي يمكن أن تصير يوما كطعم الزقوم, وأن لعنة المساكين والجياع والمحرومين ستطاولكم في كل الدنيا.

هي بعضا من الدروس, وما أكثرها....

المصيبة الكبرى هي أن الحكام لم يجهدوا القليل لتعلم الحكمة في هذه الدروس, ولم يدركوا حقيقة أن تجاهلها ستسبب الكوارث والمصائب, ليس لهم فقط, بل لشعوبهم وأوطانهم.

 





 

free web counter