| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نجم خطاوي

 

 

 

السبت 13/2/ 2010

 

خمسة شهداء شيوعيون في لحظة فرح
خالدون في الضمائر.... باقون في الذاكرة

نجم خطاوي

في أيام حرب الأنصار في جبال كردستان العراق, هناك في القرى البعيدة المختبئة في أعماق الوديان,كان لنا أحيانا زمنا للفرح. وفرحنا هذا كان بسيطا جدا كبساطة المكان والأجواء. ولم تكن هناك حاجة لافتعال تلك اللحظات, ولا للتحضير لها, فهي تأتي عفوية ودون مقدمات. فمن أجل معادلة الحدث,يكون الفرح نقيضا للوحشة, ولقذائف مدافع النظام, ولرعب طائرات الهليكوبتر,ولألم فراق الأحبة والأصدقاء .

ومع ازدهار مواقعنا بالأنصار الشجعان والذين سطروا ملاحم خالدة ستذكرها الأجيال, فقد برز لنا مبدعون في الفن والأدب والمسرح. ولعفوية الغناء وعدم حاجته لضرورات كثيرة, ولأنه ينبع من القلب, وفيه الكثير من المشاعر, وهي طافحة في أعماق الأنصار, كان الغناء وسيلة مهمة للتعبير عن خلجات الروح من فرح وحزن وأحلام وذكريات.

ومن ذكرياتي من تلك الأيام, هذه الصورة التي جمعتني مع مجموعة من رفاقي الأنصار من سرية الشهيد ئارام (قه ره جوغ) فوق تلة على سفوح جبل شيرين المطلة على منطقة بارزان مكان مقر قاطع أربيل للحزب الشيوعي العراقي.

الصورة هي هدية من رفيقي وصديقي الرائع النصير الدكتور سعيد ، والذي جمعتني وإياه ذكريات عمدتها ظروف تلك الأيام. وقد احتفظت بالصورة لمدة طويلة قريبة من القلب,هي ومجموعة من الصور الأخرى,وكانت معي وأنا أودع مقر حزبنا الشيوعي العراقي في ناوزنك آب 1989 متجها صوب المنافي,حاملا مأساة وصور وكوابيس وجرائم إبادة القرى أيام الأنفال. هذه الصورة أعود إليها ولصور عزيزة أخرى, في كل مرة يطوقني فيها الألم وقلة الأصدقاء وبرود العواطف وعذابات المنفى والشوق لأيام الجبل. كيف لا وقد خلدت خمسة شهداء من الذين جمعتني وإياهم ذكريات تلك الأيام في حرب الأنصار.

ربما تكون كلمات الدكتور سعيد التي كتبها على ظهر الصورة كإهداء لي, هي الأكثر صدقا في وصف لحظات الفرح تلك.

( هذه الصورة هدية للعزيز رياض . .
تعبر عن الحياة التي عشناها سوية ,في المسرات والأفراح بجانب المشاق والصعاب . . .
جمعت هذه الصورة بين أعزاء من سرية قه ره جوغ

المخلص أبو رافد
17/6/1985
)

سأتحدث لكم عن الصورة وابدأ واصفا المكان, وهو وسط قاعة كبيرة كنا بنيناها بأيدينا, سقفها من جذوع أشجار البلوط, وترابها وحجارتها من تراب وحجارة جبل شيرين الخالد. والمكان هو مقر سريتنا, سرية الشهيد ئارام(قه ره جوغ).

الزمان كان شتاء 1985. لحظات الفرح في الصورة ,هي جلسة صغيرة أطربنا فيها النصير الأربيلي ئاكو بأغانيه الكردية العذبة التي تتحدث عن العشق والألم والحزن والأحلام السراب,وكانت الجلسة احتفاء بزيارة الرفيقين النصيرين الشهيد أحمد عرب والنصير نضال,وهما من سرية الشهيد ملا عثمان (خوشناوتي),وقد قدما لزيارتنا.

الجالس إلى يسار الصورة هو الشهيد القائد الأنصاري جيفارا ابن قرية زماره, وقد بان يشماغه الأسود (الجمداني) على رأسه ,وبدا ملتحيا كما عرفه الأنصار بلحيته الكثة وملامحه الجميلة وخفة حركة جسمه الرشيق وطيبته.

جنب الشهيد جيفارا باتجاه اليمين جلس الشهيد ئازاد يتطلع نحو اليسار,والى جنبه الشهيد هزار بابتسامته البريئة الخالدة وملامحه الطفولية منسجما مع الأجواء الرفاقية الحميمة,وبقربه تماما جلس الدكتور سعيد مشاركا رفاقه لحظات السعادة الحقيقية. الشهيد أحمد عرب جلس في مقدمة الصورة ولم تظهر ملامحه لان الصورة أخذت من خلفه ,وظهرت فقط كفه اليسرى ورأسه بشعره الفاحم ,وتعبر حركة كفه بوضوح عن تلك اللحظات العفوية من الرفقة والحب والأمل.

في يمين الصورة ظهر النصير ئاكو (أرسلان) بقميصه الأحمر وهو ينشدنا أغانيه الجميلة وإلى جنبه جلس النصير حازم القادم من بغداد بقبعة الرأس البغدادية.

في وسط يسار الصورة ظهر النصير نضال ملتحيا وبابتسامة عريضة والى يساره احد أنصار سرية قه ره جوغ,والى يمين النصير نضال جلست أنا(رياض قه ره جوغ) و(العرقجين أو الكلاو)الأسود والأبيض على رأسي,وكنت منسجما كما تتحدث الصورة مع ألحان المغني ونغماته وأصوات الرق (صندوق الرصاص المعدني لرشاش بي كي سي).

الشهداء الذين خلدتهم الصورة :

1- الشهيد جيفارا (لطيف أحمد) من مواليد عام 1962 سهل أربيل(قرية زماره).

- التحق بفصائل الأنصار في نيسان 1984.
- عمل في سرية الشهيد ئارام (قه ره جوغ) ثم في سرية الشهيد عباس (أربيل),ونتيجة لخصاله الطيبة وشجاعته اختاروه رفاقه قائد لأحد الفصائل في السرية.
- شارك في عمليات عسكرية كثيرة واشتهر بكونه بطل اقتحام الربايا.
- استشهد ليلة السادس والعشرين من نيسان عام 1987 أثناء قيادته مجموعة أنصارية لاقتحام ربيئة على طريق أربيل كوي سنجق.

2- الشهيد دكتور سعيد ( هاني دنحا داود) من مواليد عام 1949 ناحية برطلة.

- خريج معهد الصحة العالي في بغداد.
- عمل كمعاون طبي في ناحية بالك ثم في المستشفى الجمهوري في اربيل,واستقر للعيش في مدينة عينكاوا.
- والده دنحا داود من الوجوه السياسية والثقافية المعروفة وكان من المعلمين الشيوعيين واعتقل بعد أحداث 8 شباط وبقى في المعتقل حتى عام 1966 .
- انضم الشهيد هاني للحزب عام 1973 وقد عانى كثيرا من الملاحقات والمطاردة حتى عام 1982 حين التحق بصفوف أنصار الحزب ضمن قاطع اربيل,ولشجاعته وطيبته ونكران ذاته كلفه رفاقه بمهمة الإدارة في مكتب سرية اربيل إضافة لمهماته كدكتور يعالج الأنصار وجماهير الفلاحين.
- ساهم في العديد من المهمات العسكرية والسياسية وكان وجها جماهيريا ومحبوبا وسط الفلاحين والأنصار.
- استشهد عام 1987 أثر تطويق مجموعتهم من قبل قوة عسكرية كبيرة في سهل أربيل.

3- الشهيد أحمد عرب (ظافر عبد السادة عبد )

- كان طالبا في كلية الهندسة جامعة بغداد,حيث نشط كشيوعي,وتعرض لأساليب المطاردة والاضطهاد التي اضطرته لترك دراسته ومدينته بغداد والتوجه إلى الكفاح المسلح مع أنصار الحزب الشيوعي العراقي.
- خريف 1983 التحق بأنصار الحزب في سرية الشهيد ملا عثمان (سرية خوشناوه تي ) .
- ساهم في مهمات مختلفة في مدينة شقلاوه وفي معارك باليسان وهه ناره وبوريجه وباب الوادي وبستانه وزيباروك وقلاسنج وغيرها من المعارك البطولية.
- استشهد في السابع عشر من نيسان 1986 في قرية( بخمة) في منطقة سهل حرير وعلى يد مجرم خائن.

4- الشهيد هزار (محمد إسماعيل ) من عائلة كادحة في مدينة اربيل.

- التحق بصفوف أنصار الحزب في اربيل وهو فتى يافعا.
- ساهم في عشرات العمليات الخاصة والمعارك الشجاعة وعرف عنه قدرته في تنفيذ العديد من المهمات التي كلف بتنفيذها داخل مدينة اربيل.
- عرف عنه طيبته وبساطته وشجاعته النادرة وتضحياته وهي الخصال التي دفعت رفاقه الأنصار لاختياره قائدا عسكريا لفصيل من فصائل سريته قه ره جوغ.
- استشهد وسط مدينة أربيل أثر كمين غادر نصبته له مجموعة من أوغاد النظام وبوشاية أحد الخونة.

5- الشهيد ئازاد ( ئازاد سفر محمد أمين بنكر) من عائلة فلاحين كادحة من سهل أربيل.

- ترك دراسته ليلتحق بأنصار حزبنا عام 1983 مقاتلا في سرية أربيل وبعدها في سرية قه ره جوغ.
- ساهم في الكثير من العمليات العسكرية والمهمات.
- أعدم النظام المقبور والده (الشهيد سفر محمد أمين بنكر) وكان كادرا فلاحيا مرموقا وسكرتيرا لتنظيم محلية أربيل,كما استشهد عمه النصير هيوا في احد المعارك البطولية.
- في عام 1985 ألقت قوات النظام المقبور القبض على الشهيد ئازاد داخل مدينة أربيل ووجهت له تهمة الاشتراك في تصفية أحد الخونة في المدينة,واقتيد إلى مدينة بغداد.
- بقي في معتقلات البعث قرابة العام حتى تنفيذهم لجريمة إعدامه عام 1986..
 

 

free web counter