|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين  21 / 11 / 2016                                   نوميديا جرّوفي                          كتابات أخرى للكاتبة على موقع الناس

 
 

 

ديوان "حين يتكرّرُ الوقت، يتوقّف.."
للشاعر "سعد ناجي علوان"

 نوميديا جرّوفي *
(موقع الناس)

* الشاعر "سعد ناجي علوان" مواليد الديوانية، العراق.

* عضو إتّحاد أدباء وكُتّاب العراق، يكتب في النقد السينمائي إضافة لكتابة الشّعر.

* ينشُر في العديد من الصّحف العراقيّة، أهمّها صحف الصّباح، المدى والمنارة والمجلات الفنيّة والأدبيّة.

* عضو مُؤسّس لنادي السينما في الديوانيّة.
 
* له العديد من القصائد والمقالات الأدبيّة والسينمائيّة في المواقع الأدبيّة والفنيّة والمجلاّت على النت.

* ومؤخّرا يُعدّ لمجموعة شعريّة جديدة عنوانها (خزف سماوي).

وموضوع دراستي هنا ديوان (حين يتكرّر الوقت.. يتوقّف..)

في قصيدته (بدء) يقول:

الكلّ يكذب
حين يتّسع الوقت
للصّدق

تحدّث عن المنافق الذي يٌقال عنه : لسانه يسرّ وقلبه يضرّ، قوله جميل وفعله الدّاء الدّفين.
والكذّاب حديثه شيء وحقيقته شيء آخر. وصدق القائل: نحن في زمن يملؤه الكذب لدرجة أنّه أصبح هناك لعبة الصّراحة.
وصدق الإمام عليّ في قوله : لا خير في وُدّ امرئ مُتملّق حلو اللّسان و قلبه يتلهّب، يلقاك يحلف أنّه بك واثق، وإذا توارى منك فهو العقرب، يُعطيك من طرف اللّسان حلاوة و يروغ منك كما يروغ الثّعلب.

وفي قصيدته (وجع) يقول:

إذ يرحلون دون وداع الأمّهات
و الصّباح يأفل على خشب
البنادق
أحتاج لكثير من الجرأة..
لأنظر إلى شجرة

إنّهم الشهداء الأبرار الذين رحلوا دون وداع الأمهات، إنّهم الأبرياء و خيرة الشباب في ذلك الزمن الذين ضحّووا بالنفس والنفيس وماتوا غرباء ولم يودّعوا أمّهاتهم ولم يكن لهم شرف ذلك الوداع المقدّس من أمّهات أصبحن ثكالى و دموعهنّ تسيلُ على فلذات أكبادهنّ الذين غادروا دون عودة.

وفي قصيدته (نسيان) يقول:

أفق هجرته الطّير
و غفت سنابله
لون يتكسّر
و لا تنعكس الشّمس عليه
و الأصابع تجهله

شبّه الشاعر فصل الخريف بالنسيان، الشهر الذي تهاجر فيه الطيور بعيدا، الشهر الذي يكون لونه باهت حزين. هو الشّهر الذي يكشف عن حقيقة الأشخاص كما الأوراق، بعضها تسقط في أوّله، ومنها من يبقى مرتبطا بأصله مهما كان الخريف مُكابرا. وقلّة من يفهم أنّ جنون الرّبيع إنّما هو وليد حزن الخريف.

وفي قصيدته (قمر عاشوراء) يقول:

قمر في الأرض
قمر في السماء
قمر في الشّرفات المزدانة بالحمد لبيوت الربّ
قمر للأرامل .. قمر لليتامى
قمر لزهوّ الحسين و حربه
قمر لزينب تحت ليل السّبايا
قمر للغريب
قمر لا يغيب

أخذنا الشاعر لعاشوراء وحزن عاشوراء ومقتل شهداء عاشوراء.
شبّه الشاعر الحسين بقمر عاشوراء في كربلاء، القمر المنير في الليلة الحالكة السواد وشديدة الظلمة. جعله منيرا في تلك الليلة التي ما زلنا نبكيه ونرثيه ليومنا هذا ونلبس السواد.
إنّها الليلة التي ذهب فيها الشهداء وسالت دمائهم الطاهرة الزكيّة.
وقيل عنه : إنّ لدم الحسين حرارة في نفوس المؤمنين لن تبرد أبدا.

وفي قصيدته (نتوء) يقول:

نهارات من أسلحة تتكدّس
يعلو فوق بيوت الربّ غبار
وطني
لعبة رمل تتكرّر
بيد الصّبيان

عندما قال الشاعر: وطني.. لعبة رمل تتكرّر أخذنا مباشرة للأحزان المتوالية التي لم تزل ليومنا هذا منذ دهر وعصور في العراق الذي لم تجفّ دمعته.

منذ بدأ التأريخ والعراق حزين و يدور في دوّامة الحزن كلعبة الرمل التي نقلبها كلما تنتهي لتبدأ من جديد، هكذا هي آلام العراق لا تنتهي أبدا ولا نعلم متى تتوقّف وتعمّ الفرحة والسكينة في البيوت التي ذرفت فيها كلّ أمّ دموعا على من ذهب ولم يعد في زمن البعث.

وفي قصيدته (تحيّة لشاعر) يقول:

في الصّباح وقت ما
للقصيدة
للذكرى.. للألم
و لليقين بعمق
أنت بذات الحزن
ستبقى وحدك

وحده الشاعر يبكي في جحيم الكلمات، وسط دغل من أساطير تداعت، وسحاب من رماد الأمنيّات، وظلال من بقايا حلم، تمتدّ من الفجر الرّمادي إلى اللّيل، لتفنى في حقول الذّكريات.

وفي قصيدته (تسام) يقول:

أن تكون دون أب
شجرة تورّق في الخريف
دون دمعتين

جعل غياب الأب و فقدانه كتلك الشجرة التي تورّق في الخريف لشدّة الحزن وبكاء أخرس من دون دمعتين، بكاء من نوع خاصّ، بكاء لا يفهمه سوى يتيم الأب الذي فقد حضنه الدافئ وذلك الصدر الذي يشبه الوطن.

وفي قصيدته (طفولة) يقول:

حول السبورة
في الساحات
في الفم
و في حديقة المنزل
ورد أقسى من أسلاك

عاد الشاعر للطفولة وحنين لزمن البراءة و ذلك الزمن الجميل حيث كانت السبورة في المدارس في الساحات والكل يتعلّم والجميع مسرورون مبتسمون عكس زمننا هذا التي غادرت فيه البسمة الشفاه لكثرة الأحزان.
قصيدة وطن تحولت وروده لأشواك و أسلاك شائكة تدمي الأيادي.

وفي قصيدته (بلادي) يقول:

الجنوب
أقنعة البلاد
فم الجغرافيا
حيث يتكسّر ظلّ الجنرال
ينبت العنبر فوق الأجساد
التي لم يحصها الرصاص

إنّها قصيدة ذات عمق ومفهوم كبيرين، تعود للثمانينات في الجنوب في حرب الخليج التي ذهب فيها خيرة شبان العراق في ذلك الزمن الوحشي والهمجيّ والديكتاتوري، زمن دفع فيها الآباء ثمن رصاص أبنائهم، وأجساد دُفنت حيّة في مقابر جماعيّة لم يمسسها الرّصاص.

في الختـــام :

الشاعر "سعد ناجي علوان" ذو كتابات تحمل معاني عميقة، وهو يعتمد على البساطة في شعره التي يفهمها القارئ دون صعوبات.
ديوان حمل في طيّاته الكثير من زمن جميل ذهب دون عودة، أحزان لوطن منهوب، حنين للأب والأم ، كما أخذنا لمراسيم عاشوراء في كربلاء، وذكر لهمجية زمن يبقى كابوسا لا يُنسى لويلاته التي عاشها الشعب العراقي.


 

* شاعرة - مترجمة - باحثة وناقدة من العراق

 

 

 


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter