| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نوري جاسم المياحي
Nouri1939@yahoo.com

 

 

 

الأحد 29/1/ 2012



الاسلام السياسي والعلمانية القومية

نوري جاسم المياحي

يتعرض العراق والكثير من الاقطار العربية هذه الايام ..الى مخاض عسير ومجهول النتائج ولمستقبل مجهول... بعد ان سيطرت الاحزاب الاسلامية الطائفية على السلطة او محاولاتها لفرض هيمنتها على الانظمة السياسية ولاسيما بعد ما يسمى (بالربيع العربي) والاصح تسميته ( الربيع الاسلامي )..

اليوم ولكي لا نضيع كمثقفين بين النظرية والتطبيق بين الدعوات الدينية والدعوات العلمانية ... علينا ان نحدد هوية المرحلة التي نمر بها كشعب عراقي كجزء من الامة العربية و الاسلام بشقيه دين الاغلبية.. واين تكمن مصالح ومستقبل شعبنا الذي ظلم في كل العهود وانظمة الحكم المتعاقبة خلال القرون الماضية ...

الثورة العربية .. كانت عنوان وتعبير وتمرد عملي لنهوض الامة العربية والتي كانت مضطهدة ومقموعة تحت سيطرة تركيا العثمانية ... مما دعاها الى نزعها عباءة العبودية لسلطة ال عثمان الديكتاتورية ( الاسلامية ) بالثورة العربية الكبرى التي فجرها وقادها شريف مكة .. الشريف الهاشمي حسين بن علي وأولاده اثناء الحرب العالمية الاولى ..

فكما تعلمون ان الاستعمار (ذو الهوية المسيحية والجشع الرأسمالي) المتمثل ببريطانيا وفرنسا وايطاليا ...تآمرت على الثورة العربية وافرغوها من مضامينها القومية الانسانية بتنصلهم من الوعود التي قطعوها لقيادة الثورة انذاك... ومن خلال انشاء اقاليم وكيانات هزيلة وضعيفة وشجعت احزاب قومية وسلطوية انتهازية وانظمة قمعية.. فشلت في تحقيق طموح الامة ... فاتجهت الجماهيرالعربية بعد خيبة املها ثانية الى احتضان الفكر السياسي الاسلامي كطوق للنجاة وللتمرد على هيمنة الاستعمار ... نرى الاستعمار يخطط ويفكر مسبقا وعلى العكس من العرب يقادون كالبهائم ويتبعون كل ناعق ... لقد تبنى الاستعمار وشحع ظهور دعوات الاسلام السياسي والطوائف المذهبية المختلفة والسلفية المتعصبة ... وبنفس الوقت شجع خصومها في الجبهة المقابلة من الطوائف الاخرى ...الغاية واضحة من هذه العملية الا وهي ضرب دين الاسلام طائفيا ومن الداخل بعضه ببعض ...من هنا نجد انتشار الفتن الطائفية القاتلة والكريهة والمعادية لحقوق الشعب والانسان في الحياة الحرة الكريمة ... ومن هنا انهم بنفس الوقت زرعوا ووضعوا العصي وشوهوا الحركة الليبرالية العلمانية وهمشوا احزابها وقادتها ومفكريها... لا حبا في الاسلام اوالقومية .. وانما كان هدفهم اضعاف الامة العربية وتمزيقها كما نشاهده ونلمسه اليوم من انحطاط مخجل ومعيب ... وفي نفس الوقت نشاهد دعمهم مؤخرا (المبطن) وكمثل على اساليبهم الملتوية الدعم للقومية التركية والكردية والفارسية من التلاحم والتضامن وتحقيق الحلم القومي لشعوبهم ... اما العرب وبنفس الوقت نجد ان الاخ يقتل اخيه بحجة هذا سني وهذا شيعي ولا حاجة لذكر الامثلة فهي غنية عن التعريف ...

لا يخفى على المراقب ما حل بالاتحاد السوفيتي العظيم قبل عشرين سنة من اليوم ...حيث استخدمت الدول الرأسمالية كل اسلحتهم المشروعة وغير المشروعة لتفتيت الاتحاد السوفيتي الاشتراكي والقضاء على الانظمة الشيوعية في اوربا .... من خلال تهييج الجماهير الشابة الجائعة والمحرومة والمضطهدة والناقمة والتي خدعت بالاعلام الغربي وبنفس الطريقة التي اتبعوها في الوطن العربي وبما اطلقوا عليه ثورات الربيع العربي ..خلال السنة الماضية بدءا بتونس ...

ولنعد الى تجربة الاتحاد السوفيتي وانتقاله من القوة الثانية في المعادلة الدولية ..الى درجه ادني في محاولة لتهميشه وتقليص دوره وقد نجحوا في الكثير من المواقف كموقفه من العدوان الثلاثيني على العراق... ولكن في السنوات القليلة الماضية نهضت من كبوتها القيادة الروسية الممثلة بالرئيس بوتين ومدفيدف وحزبهم روسيا الموحدة .. وبدءا في اعادة الاعتبار لروسية الاتحادية واستعادة مكانتها الدولية ...وامجادها التاريخية في حفظ السلام العالمي ..ولاسيما في موقفها المشرف لحماية الشعب السوري من التآمر الامريكي على وحدته وثباته بوجه الاستهتار الاسرائيلي ...

لقد ادرك الرئيس بوتين ان العامل القومي هو الذي يوحد الشعب الروسي ويرص الصفوف ويقوي الجبهة الوطنية ويعيد امجاد روسيا للامة الروسية...من هنا بدأ حملته الانتخابية المقبلة من خلال نشر افكاره القومية على شكل خطابات دعوية انتخابية في الصحف الروسية ..واعتقد انه سينجح في دعوته حتى لو تعلن الولايات المتحدة الحرب الشعواء بإلاتها الاعلامية الهائلة لتشويه حملته القومية ...حيث ان الوعي القومي ضروري لتوحيد الامم المستضعفة والمخدوعة عند تصاعد التهديدات الخارجية ...وفي حالتنا هذه .. ستنحصر بالتهديدات الامريكية لاية محاولة من قبل الروس لاستعادة قوتهم الذاتية على الصعيد الدولي .. من خلال الدعوة للنهوض القومي الروسي.

اليوم يتعرض العراق ودول المنطقة العربية للتمزيق والتشرذم والاضعاف اكثر من اية فترة مضت والسلاح المستخدم هو الطائفية وبتقوية الحشد القومي الكردي والتركي ووفي الوقت نفسه التقليل من الشأن القومي العربي ومن خلال احزاب الاسلام السياسي الذي اصبح مسيطرا على الساحة العراقية والانظمة العربية بين ليلة وضحاها وبمساعدة الولايات المتحدة والاستعمار الغربي القديم ...فهل يقدمون هذه الخدمة مجانا حبا بالعرب والاسلام ... ؟؟؟ بالتأكيد لا ...

ولكي اكون اكثر تحديدا بالنسبة للعراق و ما يعانيه من مصائب تهدد وحدته ووجوده ...ان نعود الى ايقاظ الوعي القومي العربي عند الشباب العراقي مع احترام خصوصية الوعي القومي الكردي والتركي بنفس الوقت حيث لا حياة للعراق بدون الاحترام المتبادل لكل القوميات العراقية ..فالفكر القومي يمتلك شروط الوحدة للشعب اكثر من الفكر السياسي الاسلامي .. فلا وجود للمذهبية الطائفية في الفكر القومي ولاسيما اذا كان صادقا في دعواه الانسانية وعند التطبيق العملي ... وبكلمة ادق ...شاهدناه وعشنا الدعوات القومية في العقود الماضية حيث يكتب نظريا في الكراريس والادبيات والبيانات بصيغة جميلة ومغرية ...وفي التطبيق العملي يتخلون عن وعودهم للامة كما حدث في جميع التجارب القومية الخائبة والفاشلة على مستوى الوطن العربي خلال القرن الماضي (علما وللانصاف التاريخي الفشل لم يكن بسبب الفكر القومي النظري وانما بانحراف وخيانة من اشرف على عملية التطبيق من قادة وسياسيين الذين اختزلوا الحركات والثورات القومية لمصالحهم الشخصية والانانية العائلية )...ولاسيما في تجربة سوريا والعراق ومصر وليبيا والسودان واليمن ..نجد الاحزاب القومية الحاكمة اساءت للفكر القومي الانساني وتحولت الى احزاب قمعية سلطوية اساءت للاهداف القومية العربية ...فعلى المفكر والمنظر القومي ان يحذر من الوقوع في نفس المطب الذي سقط فيه القوميين العرب ...لاننا لن نستعيد كرامتنا وحريتنا دون تجاوز الاخطاء الماضية ... وابعاد الدين الاسلامي الحنيف عن محاولات الاساءة اليه من تحويله كدين سماوي مقدس الى العوبة بيد السياسيين الانتهازيين المصلحيين والطائفيين المتعصبين والملعونين في الدنيا والاخرة ...

اللهم احفظ العراق واهله ....اينما حلوا وارتحلوا ...
 


 

free web counter