| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نوري جاسم المياحي
Nouri1939@yahoo.com

 

 

 

السبت 26/1/ 2013



ما حدث بالفلوجة هو البداية .. فاين ستكون النهاية ؟؟؟

نوري جاسم المياحي 

من المؤلم والمؤسف ان يتصدى المسؤول في اي نظام حكم للتعامل مع قضايا الشعوب والجماهير ببلاهة وباسلوب غبي وجاهل ... لان نتيجة الغباء او الجهل ستنعكس مباشرة على الشعب والناس البسطاء فهم من سيتحمل النتيجة وهم من يدفع الثمن الباهض من امنهم ودماءهم ... وفي كثير من الاحيان والاحداث التي شاهدناها او عشناها نجد ان هذا المسؤول الجاهل او الفاشل او الارعن وحتى الاحمق منهم ... يفلت من العقاب او تحمّل نتائج عمله بسبب ما يتمتع بها من امتيازات وسلطة وقوى مالية وقانونية تساعده على الافلات في الوقت المناسب ... بينما المواطن الفقير والضعيف وفي كثير من الاحيان العاطل عن العمل ولا يمتلك قوت يومه نجده في وجه المدفع يتلقى الضربات واحدة تلو الاخرى ... ولا يمثل سوى رقم مجرد في عدد القتلى او الجرحى اوالمتضررين من الكوارث اواليتامى او عدد الثكالى من النساء ...

للاسف هذه هي حقيقة ما يجري في كل مجتمعات العالم الثالث الفقير والمتخلف ولا تجدها في عالم الغرب الغني والمتحضر ... والمصيبة الثانية او الفرق الثاني هو ابتلاء هذه الشعوب وبحكم الانظمة السياسية السائدة الجمهورية منها او الملكية الدستورية نجدها تنعكس وبشكل مباشر على ما يصيب المواطن من اذية ويوفر الفرصة المرفهة والمريحة والمناسبة للمسؤول ...

وكمثل على ذلك نجد ان دول الغرب الغني والمتحضر عادة يكون فيها الحكم السياسي ... حكم ديمقرطي حقيقي .. تتحقق للمواطن حرية اختيار ومحاسبة المسؤول او الحاكم ووفقا للقانون الموجود عندهم وعندنا ايضا ... بينما في دولنا المتخلفة نجد الانظمة الديكتاتورية هي السائدة ... حتى لو تسمي نفسها ديمقراطية او ملكية دستورية ...

اما النظم الاقتصادية ومن الناحية النظرية نجد ان الغرب والشرق يدّعون تطبيق نفس النظم سواء حر رأسمالي او مقيد اشتراكي ... ولكن الفرق تجده في التزام المسؤولين في تطبيق القوانين ومراعاتها .. ففي الدول المتحضرة نجد المسؤول أو المواطن يحترمان القوانين .. بينما في المجتمعات المتخلفة نجد ان المسؤول هو اول من يخالف القوانين والانظمة ويسخرها لخدمة منافعه الشخصية اي بعبارة اوضح يتحول الى حرامي او لص بأسم الشرعية والقانون ...

اما من ناحية العلاقات الاجتماعية بين العوائل والافراد ... نجد في الدول الغنية والمتحضرة هذه العلاقات تختلف كليا عما عليه في الدول المتخلفة والفقيرة .. ففي الاولى تكون الدولة مسؤولة عن الاسرة وتوفر لها الحماية والخدمات لكي تعيش افضل الظروف وضمن الامكانيات الاقتصادية المتاحة عندهم ولهذا نجدها دول مستعمرة (بفتح الميم) تسرق قوت الشعوب الاخرى المستضعفة لتقدمها لشعبها وهذه الظاهرة واضحة وجلية في نهج الدول الاستعمارية كبريطانيا وفرنسا وايطاليا وفي القرن الاخير لعبت هذا الدور الولايات المتحدة الامريكية وشركاتها الاحتكارية ...

اما في دول العالم الثالث والعراق في مقدمتها وبالرغم من انه من اغنى الدول في موارده الطبيعية نجده يعاني من الفقر والجهل والاستغلال ... بسبب العلاقات الاجتماعية والنظم الاقتصادية السائدة فهو بقي دائما دولة مستعمرة (بفتح الميم) وثانيا .. والدولة فيه غير مسؤولة عن تطوير العلاقات الاسرية والعائلية بالرغم من ادعاء اعلامها عكس ذلك... مما دفع بالعائلة العراقية الى اللجوء لروابط العائلة والعشيرة والاسرة ومؤخرا برزت ضرورة الاستعانة بالانتماء للقرية او المدينة وحتى للطائفة ... وهنا اساس الاختلاف والتخلف والمعاناة بين سلوكية الافراد في العائلة والمجتمع ... اي نجد ان العلاقات الاقتصادية انعكست على العلاقات الاجتماعية ... وما تلاها من تخلف فكري وتعقيدات سلوكية على الفرد والمجتمع واصبح ظاهرة واضحة في الاجيال الشابة العراقية هذه الايام ومن ابسطها ظاهرة نزوع المثقفين الشباب للهروب من العراق والهجرة الى دول الغرب المتحضر ...

وبمحصلة الحاصل .. افرزت هذه المجتمعات نماذج سيئة وفاشلة من مسؤولين يقودون مجتمعاتهم نحو الهاوية .. وبدون وعي او ادراك وانما يعتقد بقرارة نفسه انه الاصح والافضل وبالحقيقة هو الاسوأ والاردأ ... وهو يدّعي ويتصور بسبب جهله وجهالته انه يقدم افضل الخدمات لابناء شعبه بينما هو يسيء اليهم .. وتراه يتمسك بكل قواه بهذه القناعة المريضة ومما يساعده على ذلك هو التفاف مجموعة الانتهازيين ومن المساعدين او المستشارين او الاصدقاء والمنتفعين يروّجون ويصفقون له ... ويدفعونه الى مزيد من الاخطاء ... ويبقى الضحية كالعادة هم ابناء الشعب من الكادحين والفقراء والذين لا حول ولا قوة عندهم سوى انتظار الضربة بصمت وبقدرية مطلقة ...

ما جرى بالامس في مدينة الفلوجة من سقوط قتلى (والذين تعوّدنا على تسميتهم شهداء لنقنع انفسنا بجدوى قتلهم ومماتهم وسبي عوائلهم من بعدهم) وجرح العشرات من الفقراء والمساكين ... لم يكن حادث عرضي او مبرر اصلا ... وانما حادث مدبر ومدفوع الثمن ومتوقع وطالما حذر العقلاء من وقوع المأساة (وبالتأكيد هذه المجزرة لن تتوقف عند هذا الحدث وانما ستكون لها ذيول لا يعرف نتائجها الا الله) ومادام السبب لم يعالج والاطباء الاغبياء والجهلة هم انفسهم ما زالوا يشرفون على العلاج ... وجراثيم الوباء لازالت تتكاثر وتنتشر بحريتها بمساعدة الظروف البيئية المحيطة والمغذية والمنعشة لانتشارها ... فلا امل يرتجى في الخروج من هذه الورطة ... ولاسيما وان الايدي الشيطانية التي تحرك خيوط اللعبة آمنة ومطمئنة ومستقرة خارج الحدود وفي دول الجوار ...

فهل سيدرك من بيده القرار خطورة اللعبة ؟؟؟ ام يبقى يكابر ويلتف ويدور ويداهن ؟؟؟ ام يبقى يفتعل الازمات ؟؟؟ ويستمر في تشكيل لجان لا تصل ، يدعو لحوار الطرشان والخرسان والعميان ؟؟؟ والشعب في طريقه للمسلخ ؟؟؟

ولابد لي من الاشارة السريعة (جدا) ان ما يجري يجب ان يراعي ما يجري في المنطقة ولاسيما الحرب الاهلية في سوريا ... ومحاولة الفاشلين نقلها الى العراق للتغطية على ما يتكبدوه من هزيمة في الجبهة السورية .. وعلى كل من يتصدى للعملية السياسية العراقية سواء من هذا الطرف او ذاك ان يدرك ان النار ستحرقهم حال اندلاعها في العراق ... وللاسف هي بدأت البارحة في مجزرة الفلوجة .. فالحذر ... الحذر .. الفلوجة بالامس هي البداية ... فاين ستكون النهاية ؟؟؟

العراق بحاجة الى حلول جذرية ... والتخلص مما خلفه الاحتلال ... هو بداية الحل ... التخلص اولا من الدستور الملغوم وما افرزه هذا الدستور من مؤسسات فاسدة ... واحزاب دينية طائفية قادتها لا يمتون للدين بصلة سوى الاتجار بشعارات الدين ... العراق بحاجة الى دولة مدنية مؤسساتية قوامها العلم والتكنولوجيا الحديثة .. تحارب الفساد والمفسدين .. وتنشر الحق والعدل والمساواة بين كل المواطنين ... فان سقط المالكي او النجيفي او البرزاني وبقي النظام على حاله فلن يتغير شيء ... فثقوا بالله ان المعاناة والمأساة ستستمر .. ان لم نتبنى نظاما ديمقراطيا حضاريا يرفض كل ما موجود حاليا من فساد ومفسدين ولصوص وحرامية ... والا سيبقى العراق وشعبه في أخر قائمة الدول الفاشلة والفاسدة ...

فلنترك الدين ودعاته الشرفاء بعيدا عن السياسة والسياسيين ومحافظا على سمو تعاليمه ولا ندنسه بالتعصب المذهبي و الطائفي وكما يخطط له اعداء الاديان كافة ... وتذكروا حقيقة ما يجري في المنطقة وعلى الساحة العراقية بالذات ... هو صراع على السلطة والثروة ولا علاقة للدين او المذهب باهداف هذ الصراع المميت ...

ان مصيبة شعبنا تكمن في غياب التوزيع العادل للثروة القومية والدخل القومي بين المواطنين وخلافا لما نص عليه الشرع والدين والذي يتبجحون ويتاجرون بالدعوة اليه والتمسك كذبا به ... ولنتفق على المطالبة بشعار (وداوني بالتي كانت هي الداء) وهو ازالة كل ما اتى به الاحتلال سواء على شكل قوانين او منظمات او اشخاص ورموز ..

اللهم احفظ العراق واهله اينما حلوا او ارتحلوا ...

 

 

free web counter