| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نوري جاسم المياحي
Nouri1939@yahoo.com

 

 

 

الأثنين 19/3/ 2012



مصائب قوم عند قوم مصائب

نوري جاسم المياحي

من الشائع ان القول الصحيح هو (مصائب قوم عند قوم فوائد ... وليس كما كتبت في العنوان مصائب) .. ولكي اشرح ما اريد قوله ... ان المصيبة التي حلت بشعبنا السوري بفرض الحصار الاقتصادي عليه من قبل امريكا وحلفاءها وعملاءها ... والتي للاسف لا يدرك السوريون المتمردين المخدوعين بالشعارات البراقة (كالحرية والديمقراطية والعدالة ...الخ) .. وسيأتي يوم وهو ليس ببعيد ... وسيعانون من اثار هذا الحصار اللعين كما عانى شعبنا العراقي ولازال يئن ويعاني ويتذكر... اما كيف تم ذلك ؟؟؟ فمن خلال التدمير الاقتصادي المبرمج والتدريجي ... ولنعد بالذاكرة قليلا الوراء ...

لقد استهدف العدوان الثلاثيني الغاشم على العراق وبقصف مكثف كل البنى التحتية ومرافق الحياة الاقتصادية ... مما اصاب العراق بالشلل التام حينذاك ... ولكن قوة النظام وعزم ارادة المواطنين ... سارعوا الى لملمة الجراح ... ولكن المعتدون لم يكتفوا بذلك ... وانما فرضوا الحصار القاتل على شعبنا .. ولمدة 13 سنة عانى فيها الويلات والمذلة والاهانات ... وحدث الغزو الانكلو - امريكي قبل 9 سنوات ... وتكفل العملاء واذنابهم ممن نسميهم (الحواسم) بالقضاء على ما اعيد اعماره من بنى تحتية هزيلة بالنهب والتدمير.. واعادوا العراق الى ما قبل الثورة الصناعية (كما وعد المستر بيكر وزير خارجية امريكا وزير خارجيتنا انذاك) .

وبعد الغزو عام 2003 استمر الامريكان بالدور التدميري القذر ... فبدلا من اعمار ما دمروه ... استولوا على ثروة العراق وبدأوا بنثرها على المواطنين المحرومين لتخدير الناس بمنحهم اموال دون ان ينتجوا (اي حولوهم الى عثة تأكل بلا جهد او تعب) .. ومن هنا برزت البطالة المقنعة .. وهذا ما يلاحظه المراقب اليوم ... الكل يطالب بالتعيين في مؤسسات الدولة حتى لو كان بلا شهادة ويشكون من البطالة .. وهؤلاء اتجهوا الى تزوير الشهادات فانتشرت مهنة التزوير بشكل وبائي مؤلم .. والادهى من ذلك ... الزيادة غير المدروسة لرواتب الموظفين .. مما شجع الفقراء وابناء الطبقة الوسطى الى الرشوة والتزوير والوساطات والانتماء الى الاحزاب السياسية الحاكمة والاستقواء بالعشيرة وحتى استغلال الطائفية .. كي يحظى بالتعيين عند الحكومة (براتب مجزي ولكي يرتاح ولا يعمل في الزراعة او الصناعة او القطاع الخاص) ...

من هنا نلاحظ ان الفلاح وابنه واخيه وكل عائلته بدأ يتعالى عن العمل في الارض او المزرعة لانها غير مجدية امام تعبها وكذلك فعل العمال من المهنيين .. ولجأوا الى الدولة طلبا للتوظيف والرواتب المجزية ... فتركوا الزراعة والصناعات البسيطة والمهن الحرة .. وتحولوا اما الى شرطة او عناصر صحوة او جنود ومن لم يحالفه الحظ في ذلك تحول اما الى حرامي بنوك ومحلات ذهب او خاطف للناس مقابل فدية بالاف الدولارات او قاتل مأجور او مزور او تاجر مخدرات او سمسار تعقيب معاملات المواطنين مقابل عمولة وهذه تشمل رشوة الموظفين او يستغل قرابته من المسؤول لتوفير وظائف مقابل عمولة مدفوعة مقدما ... او يستلف مبلغ ويشتري سيارة و يعمل كسائق تاكسي او يفتح دكان او يفترش الارض على ارصفة الشوارع وراء بسطة (الى درجة اصبح عددها بالملايين)... او ينصب مولدة ويبيع كهرباء للمواطنين ... واما يتفق مع محطات الوقود ويبيعه بضعف السعر خارج المحطة والمحظوظ والذكي منهم تحول الى رادود في التعازي الحسينية والمواليد الدينية .. والاكثر حظا دخل مدرسة دينية وتخرج معمم واشتغل بتجارة السياسة .. وبنفس هذا الوقت فتح الامريكان حدود العراق لكل من هب ودب ولاستيراد كل زبالة ونفايات العالم الزراعي والصناعي ...

هذه الحالة غير الطبيعية دمرت الانسان العراق وحولته من عنصر انتاج الى عنصر استهلاكي خامل ومخدر... ولا ابالي بما يدور حوله ..

ولا ابالغ اذا قلت .. ان تدمير الطاقة الكهربائية ... وتلكؤ الحكومة في اعادتها هو جزء من خطة التدمير اعلاه ..

وهذا ينطبق على المنتجات النفطية ورداءة نوعيتها وغلاءها .. والا متى كان العراق يستورد المنتجات النفطية ... كلها تهدف الى تدمير المواطن العراقي نفسيا وبدنيا واخلاقيا .. وكمثل لا على سبيل الحصر.. متى ترك العراقي عمتنا النخلة بلا رعاية ؟؟الان تركها الفلاح او المالك بلا رعاية لسبب بسيط .. منتجها لا يغطي التكاليف التي تصرف عليها ... ودودة الدوباس والحميرة فتكت بها ...

ومن هنا نجد ان العراق ومواطنيه اعتمدوا كليا على استيراد المنتجات الزراعية السورية ... لان العراقي عجز عن المشاركة بالانتاج الزراعي للاسباب اعلاه ... لغلاء المنتج والمستورد اسهل وارخص وافضل وبدون مخاطرة بالخسارة ...

ولنعد الى موضوعنا الاساس... اهلنا في سوريا يمرون بنفس السيناريو الذي مر به شعب العراق مع بعض الاختلاف البسيط بسبب طبيعة الظروف التي يمر بها النظامان السوري والعراقي وشدة الهجمة الاستعمارية .. وفي كل الاحوال فالهدف الاستعماري واحد .. وهو استعباد الشعوب وحماية اسرائيل وذلك بتدمير كل دعائم القوة النفسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية السورية ... وباكاذيب واهية ومدسوسة كما فعلوا بالعراقيين .. سيكتشفها السوريون بعد ان تدمر سوريا وتقسم ويتفرق شعبها طائفيا واثنيا وتصبح تابع لامريكا وسوق رائجة للمنتجات الاسرائيلية كما يحدث اليوم في العراق ودول الربيع العربي ... والا لماذا يفجر المتمردون انابيب النفط او المعامل او المؤسسات او استهداف الجيش والاجهزة الامنية ؟؟؟كل هذا لخلق الفوضى الخلاقة ... وما الغاية من تدريب وارسال المسلحين والانتحاريين وتوزيع المليارات وباعتراف احد قادتهم البارزين وهو هيثم المانع .. ولماذا يشارك العراق بحصار السوريين ويمتنع عن استيراد المنتجات الزراعية ... ولمصلحة من ؟؟؟ الفلاح السوري عندما لا يصدر ما يزرع .. بالتأكيد سيتوقف عن الزراعة ثانية ... اما بالنسبة للعراقي .. فانه سيضطر الى شراء المنتجات الزراعية بثلاثة اضعاف سعرها ... لقد اصبح سعر كيلو الطماطة 2500 دينار ... فهل تستطيع ميزانية العراقي التعبانة تحمل هذا الغلاء وانا شخصيا احدهم . ولماذا ؟؟؟ لكي يرضى الاخوان المسلمون او ترضى السعودية او قطر او امريكا واسرائيل عن الحكومة العراقية .. اهذه هي العروبة ؟؟؟ ام هذا ما يدعو اليه اسلامنا السياسي ؟؟؟ نقدم خدمة مجانية لاعداء امتنا ... والغريب لكي يرضى عنا اعداء امتنا .. كيف يستسيغ المسؤول العراقي محاصرة اخيه السوري ؟؟؟وهل نسينا وقفة الشعب السوري الرائعة والانسانية عندما احتضن اخوته العراقيين الهاربين من جحيم الحرب الاهلية الطائفية ... والذي لفت انتباهي ان بعض العراقيين من (المتعصبين الطائفيين).. يفرحون بقتل وحصار اخوتهم السوريين بحجة ليذوقوا مما ذاق العراقيون ... ولا اعتقد ان هذه الكراهية البغيضة هي من شيم واخلاق العراقيين الاصلاء...

بربكم يا ناس ... هل يعقل ان يكون موقف روسيا والصين او فنزويلا او كوبا تجاه الشعب السوري ... انبل وافضل وأشجع واكثر انسانية من اشقاءهم العرب العراقيين ... واأسفاه على هذه الامة التعبانة ؟؟؟

اللهم ارفع هذه الغمة عن هذه الامة ..

اللهم احفظ العراق واهله اينما حلوا او ارتحلوا ...

 

free web counter