| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نوري جاسم المياحي
Nouri1939@yahoo.com

 

 

 

الأثنين 12/3/ 2012



ابو طبر وظاهرة الايمو

نوري جاسم المياحي

الجيل الجديد او الشباب من العراقيين وحتى من متوسطي الاعمار من الاعلاميين المحترمين والساسة لا يدركون الكثير من بشاعة السياسة عندما تنحدر الى مستوى الخساسة .. والسفالة والنجاسة...عندما يتحول كل شيء الى مباح ومسموح في نهجهم ..

في السبعينات وبالتحديد عام 1973 اشتركت بدورة في الاتحاد السوفيتي (ايام ما كان العراق صديق للروس وليس عميل للامريكان) .. فتركت عائلتي واطفالي في بغداد برعاية المرحومة الوالدة وحماية الجيران ... حيث كانت علاقات الجيران بين العوائل العراقية اقدس العلاقات انذاك .. وللدلالة على قدسية الجيرة كان اهلنا يعلموننا ذلك منذ الطفولة (جارك ثم جارك ثم اخاك) اي بمعنى ان الجيرة تقدم على الاخوة المقدسة ... اما اليوم فالكثير من العادات القديمة والقيم والاخلاق قد نسيناها واندثرت ... للاسف الشديد ... فاصبحنا كما يقال (مثل الغراب ... نسينا المشيتين ... فلا نحن تمسكنا وحافظنا على القديم ولا تعلمنا من حسنات وخيرات الحداثة والعهد الجديد) ... للاسف هذه ميزة تميز بها المجتمع العراقي ..

ولنرجع الى قصتنا .. واذا بقصة المجرم (ابو طبر) قرأتها في الصحف العراقية وانا في موسكو وجلبت انتباهي الضجة الاعلامية المثارة حولها .. فاتصلت بالعائلة مستفسرا حول احوالهم .. ففوجئت بالعائلة (خائفة ومرعوبة) ... ولكنهم طمأنوني ... لا تخف علينا .. جيراننا يحموننا .. فجارنا الايسر(ابو عمرالدليمي) وجارنا الايمن (كاكا حمة) يحرسوننا الليل كله ... والمنطقة كلها تحرس بعضها بعضا .. علما انني كنت اسكن منطقة العطيفية انذاك... فلا تخف علينا ... ولكن .. هل بامكان الاب ان يهدأ وهو يسمع ان بغداد مقلوبة رأسا على عقب من الخوف والهلع والقلق بسبب جرائم ابو طبر التي انتشرت في كافة انحاء بغداد كما صورتها الاشاعات انذاك كذبا وافتراء ؟؟؟ وبعد عودتي للعراق .. فهمت القصة ان احد المجرمين (مفوض) بالشرطة .. قد ارتكب جريمة قتل عائلة كاملة (رجل ونساء واطفال) باسلوب بشع مستخدما الطبر (الة مثل الفأس يستخدمها القصابون لتقطيع اللحم)...

وبعد فترة جرت محاكمة المجرم ... وعرضت في التلفزيون مشاهد من المحاكمة ولاحظت حضور شخص يرتدي العقال وكأنه نسخة طبق الاصل من عدي ابن صدام ... فتصورته شخصيا انه عدي ... ولكن قيل لي انه ليس عدي وانما خاله (اي احد ابناء خيرالله طلفاح) ... وفي حينها تناقلت الاشاعات ووجهت الاتهامات الى ان وراء الجريمة الحكومة او بعض أطرافها ولاغراض سياسية .. ومما يؤكد على الطابع السياسي هو حضور احد افراد العائلة الحاكمة انذاك شخصيا في المحاكمة ..

الخلاصة التي اقتنع بها شخصيا .. ان بعض السياسيين لا مانع عنده ان يستخدم الجريمة المنكرة لتخويف وارعاب الشعب لاهداف هو يخطط لها .. لقد تكررت جريمة ابو طبر ... في قتل شخص اسمه انيس وعائلته في منطقة الغزالية .. واراد السياسيون استثمارها مع او ضد النظام انذاك ... ولكن جماهير الشعب صدمت في البداية .. ولكنها وعت اللعبة ... ولم تعطها الاهمية التي خطط لها القتلة والمجرمون ..

جرائم القتل بالتأكيد ترعب المواطن المسكين ... ولولا القتل والارهاب والقمع وتهويل الجرائم لما تمكن الدكتاتوريون من فرض سيطرتهم على الشعوب ... وكلنا نذكر الحملة الايمانية التي نفذها صدام بقطع رؤوس االعاهرات والسمسارات ... واشيع في حينها ان الاعداد قد تجاوزت المئات .. ففكر الشر والجريمة يستثمر القتل والاشاعة والترويع لاهداف سياسية .. فالسياسي عندما يشعر بالافلاس السياسي يبدأ بافتعال كل منكر في سبيل الظهور على المسرح والبدء باطلاق التصريحات والتحليلات بما تهدف اليها من تهويلات وتخويف وشد انتباه وقلق ... وفي بعض الاحيان سحب الانظار عن قضية لامتصاص نقمة الجماهير ... فكلما تكاتفت وتداخلت المصالح المشتركة بين الخصوم السياسيين ... هنا تكمن الطامة الكبرى .. حيث تتعالى الاصوات والصريخ ... والجماهير تتجاوب معهم كالقطيع .. وتبدأ بترديد ما يشاع كالببغاوات مضيفة اليها بعض البهارات والمقبلات ... والضحية في كل الاحوال يبقى المواطن المسكين الذي لا حول ولا قوة عنده ... سوى الخوف والقلق ...

وهنا لابد لي من توضيح قضية الايمو بين الشباب وبعجالة والاشاعات المنتشرة واهدافها ومن وراءها ... ومن وجهة نظر شخصية بحتة ..

- الظاهرة التي تتمثل بالميوعة والخنوثة والشذوذ الجنسي ظاهرة منتشرة وموجودة والكل يتحدث عنها ويؤكدها ... واسبابها عديدة وتحتاج الى دراسة علمية من علماء الاجتماع .. ولا اعتقد انهم سينجحون بمعالجتها ... في هذا النظام الفاسد والفاشل

- بثت فضائية الحرة عراق برنامج تلفزيوني حواري لشرح هذه الظاهرة وما صاحبها من دعايات بقتل العشرات من الشباب ... مما جلب انتباه المواطنين الى درجة اصبحت الظاهرة حديث الشارع العراقي في اليوم الثاني ولاسيما في اوساط الهيئات التدريسية في المدارس ...

- التهويل بالاشاعات ... ودخول الدين في المعمعمة ممثلا بالمرجعية ومرجع حزب الفضيلة والصدريين بتصريحات قائدهم الشاب ... كل هذه الامور تؤكد ان الظاهرة واسلوب المعالجة ونتائجها واستغلالها من قبل رجال الدين والسياسة ... قد اعطوها طابع تهويلي دعائي سياسي قذر وحقير (في نواياهم السياسية واهدافهم وليس في سبيل معالجة هذه الظاهرة الغريبة والخبيثة في مجتمعنا العراقي المحافظ) ... وانا اعتقد ان الهدف والغاية هو اقلاق العوائل على مصير ابناءهم وبناتهم من القتل ... وبالتأكيد وراءه سياسيون ... وهم أما اعداء للحكومة من الكتلة العراقية والتحالف الكردستاني وضد المالكي بالذات لاسقاطه ... واما هم من انصار الحكومة كالتحالف الوطني ودولة القانون وايضا ربما التحالف الكردستاني ... لاعطاءها الحق والموافقة على تصفية خصومهم من الكتلة العراقية ... وقد يكون وراء هذا التشويش والتهويل والاشاعات ... جهات اجنبية وربما طائفية من دول الجوار لارباك الوضع العراق بمجمله وشله كي يبقى ضعيفا يسهل التعامل معه والتلاعب به والاستمرار بنهبه وسلب امواله واذلال شعبه ...

وفي الختام .. ظاهرة الايمو ظاهرة موجودة في المجتمع العراقي لا احد ينكرها ظهرت لاسباب سياسية واقتصادية وعائلية وثقافية واجتماعية وبسبب الاحباط واليأس المنتشر بسبب انتشار المخدرات والتلفزيون والفضائيات والانترنت والاعلام التخريبي الموجه ... وللاسف الصراع الديني والطائفي قد اشغل رجال الدين الحقيقيين والمخلصين والشرفاء عن رسالتهم التربوية ... والحكومة ضعيفة الى درجة تثير الاشمئزاز ... وربما قد ذهب ضحيه هذه الظاهرة بعض القتلى وربما كغسل للعار ... وانتحر البعض الاخر ... ولا ننسى قد سبق وان استهدف الحلاقين بالقتل .. وفي كل الاحوال تصب في نشر الفوضى الخلاقة .. وسياسينا بالنهب والشفط والعمالة ملتهين ...

ومعالجة هذه الظاهرة بسيطة لو استعانت الحكومة بمختصين ومسؤولين خبراء نزيهين صادقين امناء على تحقيق العدالة والمساواة بين ابناء الشعب بعيدا عن المحاصصة الحزبية والقومية والطائفية والتوافقية ... ومتى وضع الرجل المناسب في المنصب المناسب تحل هذه المشكلة وكل المشاكل السابقة واللاحقة ... ولكن هل يتخلى الفاشلون الفاسدون عن مناصبهم ...؟؟؟ و توفير فرص اللهو البريء للشباب ومنع مروجي ملابس وديكورات الجماجم واعدام مروجي المخدرات والايدز ثقوا بالله ان هذه الظاهرة ستختفي خلال ايام ...

ولكن العملاء الفاسدون الفاشلون وادعياء الدين وانصار الطائفية ... لن يفعلوا ذلك لانهم لا يهتمون بالشعب ان عاش او قتل ... وانتظروا غدا سينشرون شائعة اخرى .. ويخرجون تمثيلية اخرى ... ليبقى العراقي المغلوب على امره .... يلتفت حائرا يمينا ويسارا ... يائس لا يدري ماذا يفعل ....

اللهم احفظ العراق واهله اينما حلو او ارتحلوا ...
 

free web counter