| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نبيل يونس دمان
nabeeldamman@hotmail.com

 

 

 

                                                                                    الخميس 17/5/ 2012

 

بواكير النضال
(3)

نبيل يونس دمان

كان صيف 1971 حارا ومع ازدياد وتيرة الحر كانت ضغوطات السلطة في القوش المتمثلة اساسا من جهاز الامن السيء الصيت الذي كان يقوده مفوضا اسمه سعد منصور الذي عاش طفولته منفلتا في ازقة الكرادة ببغداد فالتقطه البعث ودربه ليبعث الى القوش بجانب شخص اخر اسمه جوزيف يكون مسؤولا للبعث.

عصر احد ايام شهر حزيران كانت مجموعة من طلبة الثانوية والجامعة (بغداد والموصل) تقطع الطريق الى دير السيدة للتنزه، وعند عودتها قبل حلول الظلام، وفي موقع قرب مركز الشرطة الحالي، خرج مسلحوا الامن من مخابئهم، ليواجهوا تلك الجمهرة الطيبة، بالقول : انكم مجموعة يسارية غير معترف بها عائدة من اجتماع في الدير، وطلبوا تسليمهم الهويات، تقدم اليهم احد طلبة جامعة بغداد بالقول: لماذا تطلبون هوياتنا وكلنا في الاتحاد الوطني لطلبة العراق (كانت نيته طيبة ومنطلقا من شعار كان يغطي جدران الجامعات - ان كل طالب مخلص هو عضو في الاتحاد وان لم ينتمِ) على الفور نهروه بشدة فتراجع، ثم جمعت الهويات، على ان يحضر اصحابها في اليوم التالي الى دائرة الامن لاستلامها. في تلك الفترة كان احد كوادر النضال متواجدا في البلدة سرا( الفقيد سالم اسطيفانا) جرى في الليل ابلاغه بما حدث، فاتصل بمسؤول مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني (خديدا، من الاخوة الايزيدية) واتفقوا ان يتولى المسؤول الدفاع عن الطلبة.

صباح اليوم التالي حضر اصحاب الهويات ومعهم الاخ خديدا مسؤول (حدك) ادخلوا جميعا الى غرفة الامن ليواجهوا المقبور سعد منصور وقبل ان يشرع بمسائلتهم حول قصة الاجتماع الموهوم، دخل الاخ خديدا وقال للمفوض بما معناه: ان الطلبة الذين يبغي استجوابهم اعضاء في اتحاد طلبة كردستان، وكما هو معلوم كان لمقر (حدك) انذاك قوة تضاهي قوة البعث بفعل بيا ن 11 اذار 1970، كاد سعد منصور ان يتراجع ويطلق سراح الطلبة لولا تقدم احدهم الى طاولة المفوض بالقول: عفوا ايها المفوض: نحن لسنا اعضاء في اتحاد طلبة كردستان بل نحن نؤيد كل اتحاد يخدم مصالح الطلبة. على الفور اوقف الاخ خديدا دفاعه وانسحب الى الخارج متخليا عن المواصلة. هنا استأسد سعد منصور وادخل الطلبة اليه انفرادا ليهددهم ويهينهم ويتدخل في امورهم الشخصية كالقول لاحدهم وقد كان كث الشاربين (اذا ما تحلق شواربك...كذا) وفي تلك الاجواء الهستيرية ابلغوا ان يكفوا عن التجمع وان اية مجموعة مكونة من ثلاثة فما فوق وان تجولت في الشوارع، يعتبر اجتماعا معارضا للبعث وستعتقل، ثم ارجعت الهويات الى اصحابها.

بعد ايام حدث صدام في مقهى الشباب في السوق بين الامن وعدد من رجال الفقيد توما توماس، كنت اتمشى مع صديقي عادل عوديش عنما سمعنا جلبة وعبر احد ازلام البعث انذاك وبعفوية اندفعنا بالضحك جهرا على العابر، وبعد عدة ساعات جاء الينا قائلا: لماذا ضحكتم علي، اجبت وقد تضايقت من شدة  ضغوطات البعث فقلت (انكم تمنعوا علينا حتى الضحك العادي) فقال من انتم ومن نحن، هذا اعتراف منك انك مع المعارضة، بعد ايام اشاع جهاز السلطة بوصول قائمة بالاعتقالات تشمل من اشترك في صدام بندوايا (حدث صدام بين الشباب التقدمي وبعض مرتزقة البعث) وتشمل القائمة اسمي ايضا. اخذني احد اقرب اصدقائي انذاك على انفراد ليحدثني عن ورود اسمي في قائمة الاعتقالات حسب ما تشيعه السلطة فعليك الصمود والمقاومة، وهكذا فعل صديق اخر، ثم اصطحبني الى بيت الفقيد سالم اسطيفانا ليقول لي عليك بمواجهتهم والوقوف بوجههم، رجعت الى البيت وصعدت السطح ولكني لم استطع النوم، فقد كنت شديد الحرص ان اواصل تعليمي وان اتجنب امور الاعتقال، وان اعمل ما بوسعي لاساعد عائلتي الضعيفة الحال شان غالبية عوائل القوش، وضعت احتمالين اما الهرب في الصباح الى بغداد او مواجهة الموقف، بعد وقت توصلت الى ضرورة البقاء، فبكرت في الصباح لاجد لي مقعدا ظاهرا في مقهى الدير (انذاك كان يسمى مقهى كردستان). حان موعد نزول الامن الى السوق واسرعوا بالصعود الى المقهى التي اجلس فيها ولكن لا احد تقدم الي، ومرت الازمة التي افتعلها مرتزقة السلطة بغرض كسر عزيمتي في المضي قدما على طريق النضال.

nabeeldamman@hotmail.com

May 12, 2012

USA 

 

 

 

 

free web counter