| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نبيل عودة

nabiloudeh@gmail.com

 

 

 

الخميس 8/5/ 2008



كفى اغتصابا لأوطاننا !!

نبيل عودة *

قلبنا على لبنان . لم يغرنا المنتصر الألهي . ولن يغرنا المبشر المخبول بالمهدي في طهران . كم تبدو هذه الساعات مصيرية .. ليس للبنان فقط ، انما للمصير العربي الوطني . لمصير النهضة العربية التنويرية .

ما اراه هو دفع لبنان الى كارثة ... ولكن الكارثيين يقربون نهايتهم أيضا . تماما مثلما كان انتصار حماس (الدمقراطي) كارثة للشعب الفلسطيني ، فأن انقلاب حماس ( الأصولي ) هو كارثة لحماس نفسها.

هل حقا تختلف المفاهيم بين الأصوليات ، باختلاف مساحات عقائدها ومساحات نشاطاتها الجغرافية ؟

هل من أصولية دينية تملك عقلا يسمح لها برؤية الواقع بدون أوهام الانتصارات التي لم تحقق غير الدمار للوطن والشعب ، لا فرق بين لبناني أو فلسطيني أو سعودي أو عراقي أو ما شئتم ؟

كم أرثي لأولئك الواهمين ، الأشبه بالمتسولين السياسيين ، أحزابا وأفرادا ، القابعين على هامش انتصارات الاهية وهمية ، يبنون على حساباتها مستقبلا مبنيا على شعوذات مدمرة.

وكم يبدو واقعنا قريبا من الانتحار الذاتي لبعض فئاته ، التي من المفترض ان تكون على رأس المواجهين للخزعبلات الانتصارية ، التي لم تجر على لبنان وغير لبنان ، الا الدماء والدموع ولن تحقق مستقبلا الا كوارث قد تجعل الصحوة مهزلة حين تفقد مبرراتها وضرورتها. وعودة الوعي هلوسة حين لا يعود للوعي مساحة للفعل .

لا لست انهزاميا كما اتهمني بعض قليلي العقل . ولست مبايعا للقوة الغاشمة لاسرائيل ، ضد ابناء قومي في غزة أولبنان.ولكني عندما أرى مليار عربي ومسلم عاجزين عن انقاذ شعبي الفلسطيني ، وحماية حقوقه المشروعة الأولية ، باقامة وطنه القومي على أقل من نصف أرضه التاريخية ، فلا تتوقعوا مني أن احلق مع منتصرين كارثيين واهمين بان العتمة أضحت على قدر يد الحرامي.

أعطوا للشعب اللبناني أن يبني مستقبله ، هذا أفضل مليون مرة من أنتصار آلاهي سيجر الدمار على وطن الديمقراطية العربية ومنارة المستقبل العربي – لبنان ، اذا كنا نحلم حقا بمستقبل لهذه الشعوب المنكوبة بقيادات وهمية آلاهية ، من رأس سدة الحكم حتى الحضيض .

لست انهزاميا يا واهمين بنصر الاهي يعقبه فتح روما واسبانيا . لست انهزاميا يا أبطال الكوارث ، في زمن لم يعد لنا فيه بفضلكم ، وفضل انتصاراتكم ، غير الاستجداء لوطن ، لأقل من نصف وطن . واكاد أكون على يقين ان نصركم القادم سيجعل لبنان أيضا يبكي وطنا فلسطينيا !!

اناشد كل ضمير حي ان انقذوا لبنان من مصير فلسطين .. انقذوا مهد الحضارة العربية ، اذا كنتم تطمحون الى مستقبل حضاري . انقذوا مهد المستقبل العربي ، اذا بقي في قلوبكم حس لمعنى الوطن ، انقذوا مهد التنوير العربي السابق والقادم ، اذا كنتم غيورين على مستقبل هذه الشعوب التي أخرجها حكامها ومنتصريها الألهيين من التاريخ.

ما يخيفني هذا القدر من الوهم .. هذا القدر من الضياع ، هذا الفقدان للقيم والمبادئ ، واختلاط العقل "العلمي" بالعقل الغيبي. وفقدان البوصلة الفكرية ...

ما اتمناه ان أسمع صرخة عربية مدوية : كفى ... قف !!

مسؤولية انقاذ لبنان ستصبح مسؤولية دولية اذا لم يتحرك العرب ، وتلك قد تجر علينا ما لا نرضاه . ولكن لا بد مما ليس منه بد !!

حقا يثلج صدري القرار الشجاع والمسؤول للحكومة اللبنانية . قرار منع مصادرة شرعية لبنان ومصير شعبه .

هذا القرار يجب دعمه بكل الوسائل ، التي تروق بأعين الوطنيين ، أو لا تروق بأعينهم لحساسيات لم يعد لها قيمة ، لأن ما يطرح هو شرعية ومستقبل لبنان ، بكل ما يحمله لبنان من قيم حضارية ودمقراطية وعقلانية تبشر بمستقبل يعيد الشعوب العربية الى الركب الانساني من منفاها الطويل.

المهمة الحاسمة الآن : انقاذ لبنان !!

انقاذ لبنان هو بداية لانقاذ حق الشعب الفلسطيني في وطن قومي دمقراطي ، وانقاذ للعراق .. وانقاذ للشعوب العربية في جميع أوطاننا المغتصبة اغتصابا أبشع من اغتصاب فلسطين!!

كفى لتخريب لبنان ، كفى لتخريب العراق . كفى لتخريب فلسطين . كفى لتخريب الأوطان العربية . أبقوا شيئا لأيام بيضاء قد تجيء أبكر مما نحلم .


*
كاتب واعلامي فلسطيني – الناصرة


 

Counters