| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نبيل عودة

nabiloudeh@gmail.com

 

 

 

الأثنين 10/3/ 2008



شاعر أصيل : لا أريد ان يتعرضوا لديواني بالنقد

نبيل عودة *

حدثني صديق عزيز وشاعر مبدع اثبت نفسه على الساحة الأدبية , انه في سبيله لاصدار ديوانه الشعري الجديد .
قلت له بلا تردد, ان ذلك بشارة خير لعلها تساعد القاريء على التمييز من جديد بين الغث والسمين مما ينشر من شعر في بلاد صار الشعر فيها عقاب للقاريء .
قال : ولكني خائف من النقد .
استهجنت خوفه ..فسارع يقول : لا أقصد الخوف من النقد الادبي , انما احتقر النقد الذي يسود صحافتنا ويسود بياض صفحاتها .
قلت : اذن اكتب مقدمة للديوان اذكر فيها ان نقد الديوان ممنوع الا لمن يحصل على اذن مسبق من الشاعر , وكل من يتجاوز ذلك , سيجازى قضائيا بتهمة التشهير وتجاوز الحدود .
ضحك حتى كاد يختنق ..
عندما استعاد انفاسه اضفت : كنا في مشكلة ادبية واحدة فأصبحنا في مشكلتين .
سأل : ماذا تعني ؟
أوضحت : كنا نتحدث عن فوضى الشعر في بلادنا , والمستوى المتدني لما ينشر , فبرز من يحول الفوضى والشعر المتدني الى شعر عبقري وابداعات لا مثيل لها منذ فجر الحضارة , حتى تبدو الياذة هوميروس بجانب الشعرغير الناضج الذي شحذ اقلام نقادنا الأوادم وسحرهم , عملا ضحلا ساقطا .
وواصلت القول وهو مصاب من جديد بالاغشاء ضحكا : حتى محمود درويش لم يحظ بمثل هذا المديح المنفلت وهو في قمة عطائه قبل ان يغادرنا .. ولا أذكر ان شعراءنا المعروفين , بدءا من توفيق زياد وسميح القاسم وحنا ابو حنا وحنا ابراهيم وجمال قعوار وفوزي عبدالله وسالم جبران وغيرهم , حظوا بمثل هذا التقييم كعباقرة الشعر , كما يحدث اليوم في ما يسمى نقدا .
التقط انفاسه وسأل : والحل ؟
قلت بلا تردد: أن نشترك بالتهريج !!
- كيف ؟
- من تجربتي الخاصة , اعرف أن المصارحة لا تنفع وتحولك الى عدو لئيم وحقود... لذلك الحل باضافة المدائح بلا حساب , وجعل الناقد قمة العبقرية .. والمنقود أبرع المبدعين وألمعهم .
- أي التخريب ..؟! سأل . فأجبت :
- الكلمة الصادقة لا تفهم .. المبالغة بلا منطق وبلا عقل هي أفضل تنبيه للمجزرة الأدبية التي ترتكب دون عقاب .
عبر عن خوفه من أن ذلك يقود الى مزيد من الغرور , لدى من لا يفقهون معنى الأدب والابداع الأدبي , ممن يحملون صفة الشعراء عنوة , أو يركبون حمار النقد بالشقلوب .. هذه المدائح الساخرة تزيدهم غرورا .
قلت : ربما .. ولكن القاريء سيفهم , وهذا هو المهم . وأضفت : أحد أصدقائي المقربين , والقريب من آرائي الثقافية أيضا , يمارس على موقع من مواقع الانترنت المديح المبالغ فيه ... والموقع ينشر والمهزلة مستمرة ... وبعض ردود الفعل التي وصلته تشير الى ان " السبت فات .. " وبدأ البعض يستهجن المديح .. ويبدو ان المدح بلا شواطيء أفضل من الكلمة الصادقة في عصرنا الشعري المريض ..
- " ولكن من يستوعب ان المبالغة في المدح هي ذم ؟" وأضاف :
- المهم كيف سأحل مشكلتي بأن لا يتعرض لديواني من أحسنت وصفهم ...؟
قلت : كن جريئا واطلب مباشرة ممن لا تراه أهلا لمراجعة ديوانك أن يبعد شره عنك .. والا صنع منك شاعرا كبيرا , وهذا انت تستحقه بجدارة .. ولكنك كبير مع خنافسه الشعرية , وباسلوب ممجوج خلو من الفكر الثقافي والنقدي واللغوي .
قال بحزن : أنا في مشكلة .
سألته : هل تريدني أن أقوم بالمهمة بدلا منك .. أنا لا أتردد ..؟
تأخر في الاجابة , فسارعت أقول : هل اعتبر صمتك صمت العروس ؟
فأجاب بحيرة واضحة : لا أستطيع أن أكون فظا .
غضبت : وهل تعتبرني فظا ؟
اعتذر : اطلاقا لا ,أعتبرك أجرأ من حمل القلم .. وأتمنى أن يكثر أمثالك .
قلت : لا تمدحني أكثر من اللزوم حتى لا يصبح مدحك ذما ..
وانهينا الحديث , وصديقي الشاعر المبدع الأصيل , حائر كيف يطلب من بعض مهرجي النقد أن لا يكتبوا عن ديوانه الجديد .

*
كاتب , ناقد واعلامي فلسطيني – الناصرة



 

Counters