موقع الناس     http://al-nnas.com/

أستعجلت الرحيل يا حامد ..!!


نزار عسكر

السبت 22 / 7 / 2006


عزيزي نزار

أيها البعيد عند القطب، القريب من أحلامنا.
رصاصة القتلة وصلت إلى جبين رفيقك حامد !! قتلوه بخسة، وتركوا ورقة تقول: "ويل لكم سنحطم أحلامكم"!! نعم يا نزار.. مات حامد، سقط عند شجرة، كانت شفته السفلى منفرجة قليلا ومائلة تكشف عن أبتسامة، تعرف أنت، وأعرف أنا سرها!
مات حامد وزوجته مصدومة، والطفلة "حنين" تَفطر القلب، لقد فقدت والدها إلى الأبد! كل شيء هنا يحترق نزار! العقل في إجازة، الضغينة في ذروتها، العراق يحترق.. يحترق .. يحترق!!
أعزيك . وأنتبه إلى أحلامنا.

أحمد


حامد .. لماذا رحلت بهذه العجالة؟ أنسيت ما أتفقنا عليه قبل أيام عبر الهاتف! كم قاس أنت! لمن تركت ثقل حزنك؟ أظننت أنني أقوى على حمل حزن رحيلك، وأحلامك؟ أكنت تظن أنني لازلت ذاك الذي يسجل " طريق الشعب" كلها بصوته صباحا، ويُطلق العنان لأحلامنا مساءً في حديقة إذاعتنا الصيفية الرائعة بقلب شقلاوا!! عند حافة " سفين" وقرب جيش الحالمين من أمثالي وأمثالك؟
أخبرني أحمد، انك قابلت رصاصتك بأبتسامة! وأوصاني على أحلامنا. أنا أعلم أن غصة الفراق، والموت الذي حل في بلادنا، والعناوين النتنة التي تصدرت الساحة، أوجعت قلبك قبل رحيلك. أعلم أن الصباحات الندية في شقلاوا، أضحت بعد سفري، موت مجاني وأشلاء ممزقة! أعلم كم يقاسي المرء النظيف من أدران اليوم، عندما يرى بأم عينيه كيف يسرق الخارجون من الكهوف أحلامنا!
كان صوتك في التلفون يسّر لي، أن النار تكوي.
حقا الحياة غير عادلة في العراق!! تخطف الشجعان الغيورين على بلدهم ومصلحة شعبهم، وتترك الملايين ضحايا وأرقام، وتُبقي على اللصوص والكذابين، ومحترفي النفاق.
كان حامد شابا في أوج عطائه للوطن والحياة عندما أعترضت طريقه إلى مقر عمله قبل أيام في بغداد، سيارة ترجل منها أربعة مجرمين قتلة، تركوا رصاصة قاتلة في جبينه، في مسعى منهم لجعل العراق غابة يمرح فيها الوحوش من أمثالهم. لم يكن يحمل في فكره وقلبه غير أحلام حب الوطن، والناس، والصباحات الجميلة. كان يعشق الحياة والطبيعة والإنسان.
عندما أتصلت به قبل أيام قليلة من أستشهاده، كان كعادته قويا، ضحوكا، يحلم بغابات تنمو على أشلاء الموت، وكان نفسه كما في كل مرة، يقّدس سر هذا الالتصاق الروحي والصداقة القوية التي كانت تربطنا ببعض.
إنه زمن القحط في العراق.
زمن أجرب أتسعت فيه أقطار اللحى الكريهة.
سقط أكثر من حامد، وسيسقط آخرون!
ولكن .. كان حامد يبتسم!!
أحمد: لم يبقى غير الأحلام لا تقلق!
وأنت يا ملكة النحل، لاتغيبي على الحرف عندما يسقط حامدا أخر!!