| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ناجي الغزي
alghezinaji@hotmail.com

 

 

 

الأربعاء 3/11/ 2010



التحديات الاستراتيجية,, للعملية السياسية في العراق

ناجي الغزي *

التحديات ومحركاتها
تتسارع التحديات الاستراتيجية بخطوات كبيرة بإتجاه العملية السياسية وتجربتها الديمقراطية الوليدة. من خلال مواكبة التدخلات الخارجية للمحيط الاقليمي, وتدرك تلك الدول أن هذه التغيرات في الساحة السياسية العراقية تحمل في طياتها تحديات متنامية تطال عروشها وهرم سلطتها وسطوتها. وهي تقرّ بأن هذا النوع من التغيير الجديد إذا أستمر بإطر سياسية سلمية وبمناخات ديمقراطية، سيهدم خصوصية الرؤية الإستراتيجية لنمطية الحكم الماثل عبر عقود في تلك الدول الدكتاتورية المتسلطة على رقاب شعوبها, وبالتالي ستهدد التجربة العراقية الوليدة إذا نجحت مصير الحكام وأجهزتهم الامنية الحاكمة. وهذا التحدي تفرضه صراعات خارجية بين المحور العربي والمحور الايراني وصراعات داخلية بين القوى السياسية التي تتحرك ضمن أجندات خارجية, والذي سوف يؤدي الى زيادة في صعوبة تنضيد العمل السياسي داخل العراق وأضعاف محركات التنمية المجتمعية على جميع الاصعدة الأقتصادية والثقافية والبشرية. كما تهدف تلك الصراعات الى هدم الذات الانسانية والإخلاقية للفرد العراقي واشغاله بالعمق الطائفي والقومي التي تساهم في تفتيت وحدة صفه الوطني وتشظي الجهود الانسانية والإنمائية وإعاقة المجتمع وتقدمه.

وإن حجم المؤامرة التي تحيط بالعملية السياسية لايتسع لها العراق بجغرافيته العريضة, ولم تجف عنها خزائن المحيط العربي والاجنبي كافة. من خلال دعمها الغير محدود للأجندات" السياسية والإعلامية " التي يزدحم بها الفضاء التكنولوجي, والتي ولدت أصلاً لوئد العملية السياسية وتغيير مساراتها الوطنية من أجل التأثير كلياً على الرأئ العام العراقي والسلوك السياسي في المجتمع من خلال تسليط الاضواء على السلبيات والنتوءات التي تصاحب عملية التغيير القصيرية التي جاءت مصاحبة للاحتلال الامريكي وتداعياته سواء في المجال السياسي والأمني والاقتصادي.

فهناك ماكينات أعلامية تعمل 72 ساعة على مدار اليوم لإنتاج سموم فكرية مغايرة يحقن بها جسد العملية السياسية وفكرة التغيير, من خلال خلق وضع سئ تطبيقاً للنظرية الميكافيلية. لكون تلك التجربة تتيح للشعب إمكانية اختيار قادته عن طريق ممارسة السلوك الديمقراطي بواسطة صناديق الاقتراع, لذلك إستطاعت أن تضع الموانع والعراقيل والتحديات أمام نشوء الديمقراطية الوليدة من خلال إرسال السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة, وتوضيف تلك الاحداث بصيغ مختلفة ضد العملية السياسية. وعلى الرغم من أن المناخ الديمقراطي يؤُمن للاعلام حرية التعبير والوصول الى الحقيقة, الا أننا نرى هناك بعض وسائل الاعلام تسعى دائما للطعن بكل معلومة او خبر مصدره الحكومة العراقية, وتوظيف تلك المعلومات وفبركتها للطعن في تجربة العراق الجديد وتشكيك بالولاء الوطني لقادة التكتل السياسية من خلال التعاطي بمنظار طائفي.

رؤية ستراتيجية
تبقى تلك التحديات الاستراتيجية من مهام ومسؤليات وواجبات الدولة, وعلى الدولة أن تتميز بالوعي الحاذق والمسؤولية التامة لحجم التحدي اليومي الذي يواجه كل مفاصل المجتمع دون تمييز. عن طريق الارهاب السياسي والارهاب الطائفي والذي يأخذ بالتزايد تصاعدياً, نتيجة لقواعد لعبة الصراع السياسي الاقليمي ليصبح الشارع العراقي والمواطن مادة الصراع وهدف رهانهم, من خلال خلق أنفاق مسدودة وطرق مقطوعة تدوم فيها حالة الفزع والقلق المتسارع والمتشظي في المشهد اليومي برائحة الدم. وتلك الدول تقوم بأستعمال المناورة السياسية كصناعة لإستراتيجياتها داخل المشهد العراقي, من خلال خلق أزمات داخلية تعيق من تشكيل الحكومة العراقية وتسريع بناء هيكلها من خلال تحريك أجندتها السياسية داخل العراق. والتحديات الاستراتيجية التي تواجه العملية السياسية تعد بمثابة حرب في أعلى مستوياتها, لذا على الحكومة العراقية التي تضع نفسها في قلب المسؤلية وان تضع لسياستها ستراتيجية متقدمة في مواجهة تلك التحديات وأن لم تكن كذلك فهي حكومة هزيلة وواهية. واللجوء الى ستراتيجية الردع والاحتواء والمقاضاة لكل الخصوم داخل وخارج العراق, هي الطريقة والوسيلة المثلى لتعالج الخلل الامني والسياسي في تلك الفترة الحرجة. وسياسة الردع أفضل من السياسة المسالمة التي تتبناها الحكومة. لان سياسة الردع هي جزء من سياسة الوقاية في حالة وجود خطر يهدد أمن ومستقبل الدولة.

فهناك تحديات ستراتيجية خارجية تواجه السياسة الداخلية للدولة العراقية وتجربتها الوليدة عن طريق تطبيق المنطق التناقضي داخل منظمومة العمل السياسي للقوى المتصارعة في جميع الحراكات السياسية وتجريدها من الحس الوطني وأرتهان مفاوضاتها على الموائد الخارجية للدول الأقليمية. وأهم تلك التحديات هي أنعدام الامن والاطمئنان الذي يقلق العباد ويسود البلاد المتدفق من الحدود الجغرافية. دون النظر الى أهمية تلك التحديات وحجم المخاطر التي تواجه العملية السياسية والتي لاتوخز ضمير الساسة العراقيين ولا تحرك أجفان ساسة الأقليم العربي والأجنبي المصدرين للارهاب والاعمال اللاسلوكية والغير مقبولة أخلاقياً وإنسانياً.

وعلى الساسة الذين يشاركون ويشتركون في صناعة العملية السياسية فهم مسؤلياتهم السياسية والتاريخية. وهم معنيون تلقائياً بواجباتهم كونهم قادة المجتمع وممثلون الشعب ومستفيدون مادياً من الامتيازات التي يتنعمون بها من أموال الشعب العراقي. ومن هنا يبدأ شرف المسؤولية وتحمل نتائجها وإنها تعد مهمة فاضلة إن أستطاعوا التغلب على مصالح الضيقة والعبور بها الى مصلحة الوطن والمواطن. لان حجم الفساد والاختلاس والتبذير لاموال الدولة العراقية لاتستطيع وقاحة الارقام إبرازها بشكل صريح. وإذ لم تطال لها الايادي الآثمة لإستطاعت أن تنتشل الشعب من الفقر والجوع وتحقق له تنمية إقتصادية واسعة. وأن تحسين حياة الناس الامنية والاقتصادية والاجتماعية تتطلب خطاب سياسي موحد وقرارات سياسية وإقتصادية شجاعة ووضع خطط ستراتيجية لاصلاح العقل السياسي وطريقة تفكيره والبنية الاقتصادية العراقية.
 

2/11/2010
 

* كاتب وباحث سياسي - لندن

لزيارة موقع الكاتب
http://www.najialghezi.com /

 

 

free web counter