| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ناجي الغزي
alghezinaji@hotmail.com

 

 

 

                                                                                    الثلاثاء 31/5/ 2011



الأحزاب العراقية أحزاب براغماتية تفتقد للطابع الفكري

ناجي الغزي *

على الرغم من ضرورة الاحزاب في المجتمعات التي تتحول من النظام الدكتاتوري الى الديمقراطي لكون العمل الحزبي المنظم هو الاكثر تأثيرا على مسارات الدولة إذا ما أعتمدت على أسس فكرية وآليات تنظيمية تساهم في صناعة الرأي العام والتأثير به. والعراق من الدول التي أنتقلت الحياة الحزبية فيها من العدم السياسي الى تنوع الأجناس الحزبية وهذه الكثرة من الأحزاب التي أصبحت تموج بها الساحة السياسية أربكت العقل وأنهكت الجماهير بشكل كبير. وبدلا أن تمنحها مفاهيم ومعاني سياسية إيجابية تتمحورحولها قيم الحياة السياسية الديمقراطية الوليدة, ذهبت الى تكريس المفاهيم والسلوكيات السلبية كثقافة تسترت خلفها شعارات سياسية ودينية للتأثير في العقل الجمعي للجماهير.

الاحزاب في العراق شكلت ظاهرة سياسية غير موفقة نتيجة تجاربها السلبية، التي أدت الى حالة الصراع السياسي الحاد والتفكك التنظيمي بين صفوفها وانعدام بناءها الفكري وتشظي بعضها الى أحزاب وتيارات، ونتيجة لتلك السلبيات خلقت صورة مشوهة للعلاقة بينها، مما تركت تداعياتها على الشعب العراقي حيث هبطت أرصدة الاحزاب في الشارع السياسي ونفور الجماهير منها. وفضلا عن ذلك احتكار الاحزاب السياسية لمفاصل الحياة ومؤسسات الدولة تحت مسميات متعددة لعل المحاصصة هي العلامة البارزة. كما أن الديمقراطية التي تمارس في أروقة الاحزاب هي ديمقراطية مقلوبة لا تحمل سوى الاسم لأستغلال عواطف الجماهير.

والاحزاب العراقية أغلبها أحزاب برغماتية بإمتياز أكثر منها أحزاب فكرية لأنها لا تملك أي أطر سياسية فكرية وتنظيمية داخل صفوفها أضافة الى أنعدام التوافق السياسي للعمل المشترك بينها على أسس التعايش السلمي. فهي أحزاب ضيقة الأفق تتعامل مع المشاكل المؤقتة وتبحث عن حلول وقتية. فهي لا تملك بعد نظر في سياساتها مع نظرائها ولا توجد لديها خطط ستراتيجية لبناء منظوماتها الحزبية على أسس هرمي يعتمد الكفاءة والعلمية, فقادة الاحزاب وزعمائها يستعرضون قدراتهم في قوة السجالات والمهاترات وليس في قوة التوافق والتعايش بينهم.
وفي ظل التعددية الحزبية يتراجع دور الايديولوجية الفكرية وتنعدم برامجها السياسية أمام البرغماتية السياسية. وهذا النمط السياسي يدلل على وهن الاحزاب المتواجدة في الساحة السياسية والمشاركة في الحكومة. كما ارتبطت ظاهرة التعددية الحزبية في العراق، بعوامل إثنية وعرقية وإيديولوجيا متعددة, وكذلك ارتباط بعض الاحزاب بزعيمها الذي أنشئ الحزب بأمواله وهو مسؤول عن قيادته السياسية وتحديد مسارات الحزب ويأخذ الزعيم طابع ديني او قبلي او طبقي تضفي على شخصيته حالة من القدسية الابوية والكارزما السياسية. وهذه الاحزاب هي أحزاب برغماتية تعتمد على متغيرات الواقع بالنسبة لبرامجها وشعاراتها السياسية. لذلك أن أغلب الاحزاب هي متشابه بأفكارها وبناءها التنظيمي ولا يوجد فارق بينها سوى أسماءها وأسماء زعماءها وهي لا تمثل بأجمعها مشروع دولة ولا تلامس شعاراتها طموح وهواجس الشعب العراقي لانها تفتقر الى أيديولوجية فكرية تستند عليها في تثقيف الجماهير وتأسيس مجتمع مدني ديمقراطي سليم.

 

* كاتب وباحث سياسي - لندن

لزيارة موقع الكاتب
http://www.najialghezi.com /

 

 

free web counter