| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ناجي الغزي
alghezinaji@hotmail.com

 

 

 

الأحد 31/5/ 2009



أفكار الغلو والتطرف وأثرها على المجتمع العراقي

ناجي الغزي *

تحت هذا العنوان ألقى سماحة الشيخ محمد باقر الناصري محاضرته التي أستضافته ( رابطة الشباب المسلم ) في لندن يوم السبت 30- 5 – 2009 على قاعة دار الاسلام – لندن بإدارة الدكتور حسين أبو سعود. وقد حضرالأمسية جمهور كبير من النخب المثقفة. وسماحة الشيخ الناصري غني عن التعريف لما يتمتع به من تاريخ حافل من العلم والفكر السياسي والديني وزاخر بالمحطات السياسية والدينية والثقافية التي مر بها. وقد عاش أكثر من ربع قرن على قمم وسفوح الغربة المثقلة بهموم الوطن, وفي هذا السفر الزمني الطويل فنى عمره بين العلم الديني والجهاد السياسي. وساهم في بناء أحزاب وتيارات سياسية حاضرة اليوم بقوة في المشهد السياسي.

وقد جاءت محاضرته فارهة بطرحها وبليغة بمعانيها وقد أعتمد سماحة الشيخ في طرح الموضوع على النهج الاكاديمي تارة وعلى التبسيط تارة أخرى. فقد ذهب بموضوعه المهم الى العمق التاريخي للديانات والمعتقدات مبيناً الفوارق التي تفصل بينها وبين الدين الاسلامي بأعتباره جزء مهم من التاريخ الانساني. مستلهما فيها دروس ومواقف وعبر من الرسول محمد (ص) ومن الصحابة الاجلاء ومن الامام علي (ع) بأعتبار الدين الاسلامي منذ دعوته الى وفاة الرسول لم يحمل بين دفاته غلواً ولا تطرفاً ولكن جاء ذلك بعد وفاة الرسول عندما أنشقت الامة وأبتعد البعض عن الإسلام وقيمه الانسانية التي نادى بها الرسول والصحابة .

وقد بَينَ سماحته أن التطرف والغلو ليس ظاهرة زمانية أو مكانية وإنما سلوك إجتماعي تتوفر له البيئة والمناخ والمسببات. وهو لا يقتصر على الدين وحده بل يتعدى الى أبعد من ذلك فهناك غلو في النفس وما تسمى (الغرور) وغلو في الاشخاص وما تسمى (الزعامات والقيادات) وقد ينتج ذلك الغلو والتطرف الى تأليه الشخص لكي يتسلط على رقاب الناس ويقول أنا ربكم الاعلى كما كان فرعون وصدام. والتطرف في الدين كفر وفي السياسة ولاء أعمى وفي النفس غرور. وقد ناقش الافكار المغلوطة في عقلية الجماعات التي تكفر الناس وتغالي في مذاهبها الدينية والفكرية وتلغي الطرف الاخر وتحتقر البشر على أسس وهمية لا وجود لها في الواقع. تلك الجماعات مصابة بالعمى الذهني والعمى البصيري. وتطرق سماحته الى الافكار السياسية التي تبنتها الجماعات السياسية والتي تسلق عليها لصوص السياسة والعصابات الدموية المنظمة الذين عبثوا في الارض فساداً وأرتكبوا الجرائم بحق العباد, كستالين وهتلر وموسوليني وصدام .

وقد دعا المجتمعات الانسانية عامة والمجتمع العراقي خاصة لمحاربة التطرف والغلو في الدين والانتماء الفكري والسياسي والثقافي. والابتعاد عن الاستعلاء بالنفس لكي لا تنزلق بمنحدر الغرور الذي يعمي البصر والبصيرة. وقد ناشد العقلاء من الامة الاسلامية بأن تساهم في بناء الخطاب الفكري والديني بمستوى الانسان وقدسيته التي أوصى بها الله. كما أكد سماحته على الاثر الأجتماعي والنفسي الذي يتركه التطرف والغلو على سلوك وتصرفات المجتمعات والشعوب, والأسباب تعود الى اهمال بعض الظواهر التي تقود سلوك الافراد الى حالة التطرف والغلو في معتقداتهم وأفكارهم. ودعا الى نبذ مظاهر العنف بكل أشكاله وأوصى بالرحمة والعطف والعفو والتسامح لانها من الصفات والقيم الاسلامية والانسانية التي يتفق عليها عامة البشر بغض النظر عن إنتماءاتهم ومعتقداتهم.

وقد فتح الدكتور حسين أبو سعود باب المداخلات والاسئلة لسماحة الشيخ الناصري بعذوبة الكلام وحلاوة الاطراء بادياً تواضعه أمام قامة الشيخ الناصري وتاريخه العلمي والجهادي الطويل. وأبدى الجمع الكبير من النخبة بطرح التساؤلات التي تؤدي الى شيوع تلك السلوكيات والاسباب المؤدية لها والعلاج لمنع تلك السلوكيات. وقد لخص الشيخ أجابته بأن الوعي الفكري والديني هو الكفيل لنبذ تلك السلوكيات الخاطئة التي تذهب بالانسان والجماعات التي هاوية الهوا والعبث النفسي والفكري.

وفي نهاية المحاضرة دعا الله أن يمن على العراق وأهله بالامن والامان والابتعاد عن الغلو والتطرف. ودعا العراقيين في المهجر الى المشاركة الفعلية في بناء العراق من خلال النزول الى ميدان العمل الداخلي وتصحيح المسارات الخاطئة والاستفادة من الطاقات والخبرات وشكر الحاضرين والقائمين على الامسية .




* كاتب وباحث سياسي - لندن

لزيارة موقع الكاتب
http://www.najialghezi.com /

 

 

free web counter