| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. نزار أحمد
Nezarahmed@hotmail.com

 

 

 

                                                                                    السبت 23/4/ 2011

 

دراسة فنية شاملة لأزمة الكهرباء العراقية
(4-6)

د. نزار  احمد              

قبل اسبوع نشرت الجزء الاول من سلسلة من مقالات تناقش ازمة الكهرباء العراقية عنونتها "ازمة الكهرباء العراقية من الالف الى الياء" معتمدا على معلومات الذاكرة. بعد نشر الجزء الاول منها استلمت عشرات الرسائل مقترحة تحويلها الى دراسة فنية شاملة, الى ذلك ونزولا عند رغبة القراء, انتهيت من اكمال هذه الدراسة الشاملة والتي تتكون من ستة اجزاء سوف تنشرا تباعا وبمعدل جزءا كل يوم تحكي قصة هذه الازمة المستعصية من الالف الى الياء مقتصرة فقط على الجوانب الفنية. ايضا الجزء الذي نشرته قبل اسبوعين تمت اعادة كتابته وذلك لاضافة معلومات جديدة وتحديث بياناته بدقة معتمدا على البيانات الرسمية. عند نشر الجزء الاخيرة, سوف اكون مستعدا لارسالها كاملة للراغبين بها عبر البريد الشخصي. هذه الدراسة سوف تثبت بالبيانات والاحداث والتحليلات بأن في ظل انعدام الاستراتيجية الواضحة والثابتة والفنية والعلمية وتخبط القرار السياسي واستنادا على خطط الحكومة العراقية في معالجة ازمة الكهرباء, لاحل في الافق لهذه الازمة لا اليوم ولا في عام 2012 ولا بعد مائة عام. بل على خلاف ذلك ازمة الكهرباء تزداد تعقيدا وابتعادا عن موعد حلها بعد كل خطوة تتخذها الحكومة بهذا الاتجاه. هذه الازمة لا تحل بخطط آنية تتغير كل سنة. ايضا لا يمكن حلها الا عندما يبتعد القرار السياسي عنها ويتحكم بخطواتها القرار الفني. غير ذلك لا حل اطلاقا. العالم ابتعد عن محطات حرق النفط ومشتقاته منذ بداية التسعينات ونحن لازلنا غارقين به. المنظومة العراقية نمت الى منظومة حجمها 15 الف ميغا واط وفي نمو سنوي بمعدل 6 بالمئة ولازال المسؤول يعاملها على انها منظومة بحجم الفين ميغا واط. المنظومة بحاجة الى قدرة انتاجية بالاضافة الى احتياجاتها الآنية تقدر باكثر من 20 الف ميغا واط خلال العشر سنوات القادمة ولازلنا نضيف وحدات بحجم اربعة ميغا واط.


سادسا: اداء وزارة الكهرباء ما بعد عام 2003.

اداء وزارة الكهرباء خلال الثمان سنوات الماضية في معالجة ازمة الكهرباء يمكن تلخيصه في النقاط التالية.

1: رداءة صيانة وتشغيل وحدات التوليد

حتى هذه اللحظة القدرة التصميمية للمحطات المتوفرة 16,327 (م.و) بينما معدل انتاجية المحطات الفعلي لايتجاوز 6,000 (م.و). مما يدل على ان جاهزية منظومة التوليد لاتتعدى 37 بالمئة نتيجة اخفاقات عمليات الصيانة والتشغيل والتأهيل وصعوبة تأمين وقود التشغيل وفشل اغلب المشاريع التي نفذت بعد 2003. في الدول المتقدمة تبلغ نسبة الجاهزية الاختيارية مابين 85-90 بالمئة. مثال على ذلك, الكفاءة التشغيلية للمحطات العائدة الى مديرية انتاج الفرات الاوسط (المسيب, النجف, الحلة, الكوفة, الهندية) والتي قدرتها التصميمية 2,256 (م.و). في عام 2006 كان معدل انتاج هذه المحطات مجتمعة 450 (م.و) (اي بجاهزية 20 بالمئة فقط), في عام 2008 كان معدل انتاج هذه المحطات مجتمعة 600 (م.و) (اي بجاهزية 27 بالمئة فقط), في عام 2010 كان معدل انتاج هذه المحطات مجتمعة 800 (م.و) (اي بجاهزية 35 بالمئة فقط), ايضا كهرباء البصرة في عام 2002 وفي اشد معوقات الحصار الاقتصادي كانت القدرة التصميمية لمحطات البصرة 1,384 (م.و). في عام 2002 كان معدل انتاج البصرة 1,030 (م.و) (يعني جاهزية بنسبة 75 بالمئة). بعد عام 2003 تم اضافت وحدات غازية جديدة بقدرة 948 (م.و) مما يعني ارتفاع القدرة التصميمية الى 2,332 (م.و). في عام 2008 انتجت محطات البصرة معدلا مقداره 707 (م.و) وفي عام 2010 انتاجا مقداره 690 (م.و) (يعني جاهزية بنسبة 30 بالمئة).

عند سقوط نظام صدام حسين ورثت حكومات مابعد 2003 محطات توليد تتكون من 10,335 (م.و), اكثر من 80 بالمئة منها عبارة عن محطات انشئت ما بعد سنة 1978. في لغة محطات توليد الطاقة الكهربائية الغازية والبخارية والمائية فأن كل ما انشئت ما بعد منتصف السبعينات لايمكن اعتبارها محطات مستهلكة لأنه لا يوجد عمر محدد للمحطات الكهربائية اطلاقا حيث المكونات الرئيسية لهذه المحطات تتغير او يعاد بنائها بشكل دوري. خلال فترة 15 عاما فأن اغلب مكونات المحطة تبدل بمكونات جديدة تكون كفائتها ومتانتها افضل من نسختها الاصلية. في الشركة التي اعمل بها احدث وحدة انتاج تاريخها يعود الى 1972 حيث لدينا محطات انشئت في الخمسينات والستينات ولازالت تعمل بجاهزية اختيارية مابين 85-90 بالمئة من قدرتها التصميمية. في الولايات المتحدة معدل عمر المحطات الحرارية التي لازالت في الخدمة 45 سنة بيما معدل عمر المحطات الكهرومائية 63 سنة. ايضا اكثر من 60 بالمئة من الكهرباء المنتجة في امريكا تنتجها محطات تم تشييدها مابين 1960-1975. ايضا وعلى خلاف حرب الكويت فأن ايا من محطات التوليد لم يتم استهدافها في القصف الجوي والارضي مع الاقرار بأن عمليات الصيانة والادامة كانت شبه متوقفة اثناء فترة الحصار الاقتصادي. جميع الوحدات التي شيدت قبل 2003 تم تأهليها خلال الثمان سنوات الماضية ولكنها لازالت تعمل بأقل من 30 بالمئة من قدرتها التصميمية لاسيما المحطات البخارية التي تعرف بثقتها العالية. اهم اسباب دراءة الصيانة والتأهيل هو التخطيط العشوائي ونقص خبرة عمليات الصيانة والتحضير المسبق له وعدم اتباع الجداول الزمنية المنصوص عليها في تعليمات منشأ اجهزة ومكونات المحطة او البيانات العملية لاداء مكونات المحطة ورداءة قطع الغيار المستوردة والتي تتم عن طريق طرف ثالث وليس عن طريق المصنع الاصلي وطبيعة الميزانية التشغيلية البحتة لوزارة الكهرباء وهجرة الايدي والكوادر الفنية.

2: اغلب المحطات والوحدات الغازية التي تم انشاؤها بعد 2003 كانت فاشلة فاما متكررة العطل او قدرتها الانتاجية اقل من القدرة التصميمية او لم تشتغل اطلاقا. ايضا اغلب وحدات الانتاج التي تم استيرادها لغرض التشغيل السريع استغرق وقت نصبها اكثر من التوقعات بعدة اضعاف. فحتى هذه اللحظة لازالت وزارة الكهرباء تشيد محطات الديزل والوحدات الغازية صغيرة الحجم التي استوردها وزير الكهرباء في حكومة علاوي ايهم السامرائي قبل ست سنوات والتي كان يفترض الانتهاء من نصبها خلال اشهر بأكثر تقدير.

سابعا: فقدان الستراتيجية الثابتة في معالجة ازمة الكهرباء

للاسف ليس هناك ستراتيجية ثابتة اطلاقا في معالجة ازمة الكهرباء حيث بناء محطات التوليد وتحديد سعتها ونوعيتها ووقودها يعتمد على استقرار واستمرارية الشبكة وتوفر خطوط النقل وتجهيز الوقود ونوعية الصيانة وكلفة انتاج الكهرباء. بدون ستراتيجية موحدة وثابتة وبعيدة المدى تأخذ في نظر الاعتبار وتتزامن مع السياسة النفطية والغازية وخطوط نقل الكهرباء وخطوط نقل وانتاج الغاز والمشتقات النفطية فأن المشكلة تزداد تعقيدا وسوءا كل يوم. بعد سقوط صدام حسين اتبعت سلطة الاحتلال سياسة تتكون من ثلاث محاور وهي:

1: المحور القصير الذي ينفذ خلال ستة اشهر يتمثل بتحسين دورة المياه للمحطات البخارية العاملة واضافة وحدات توليد بقدرة 1-50 (م.و).
2: المحور الثاني والذي كان يفترض اكماله قبل نهاية 2004 يتمثل في الاستمرار باضافة الوحدات صغيرة الحجم و تأهيل المحطات القديمة.
3: المحور طويل المدى يتمثل بتفعيل العقود التي وقعها صدام حسين ضمن برنامج النفط مقابل الغذاء في انشاء محطات التوليد البخارية في اليوسفية والزبيدية والموصل وصلاح الدين والانبار وتنفيذ عملية تأهيل كاملة للمحطات القديمة من اجل اعادتها الى قدرتها وثقتها التصميمية. عندما شكلت اول حكومة عراقية بقيادة اياد علاوي كانت سياسة وزير الكهرباء ايهم السامرائي متمثلة باستخدام الميزانية المخصصة لوزارة الكهرباء من صندوق تبرعات اعمار العراق والهبة الامريكية في انشاء وحدات انتاج سريعة النصب متكونة من مولدات ديزل ووحدات غازية صغيرة الحجم. هذه الستراتيجية اسوة بستراتيجية سلطة الاحتلال اثبتت فشلها. وفي هذا الصدد قال د.محسن شلاش وزير الكهرباء في ندوة مع الفضائية العراقية مساء 4/7/2005 ما يأتي: تم صرف 2.5-3مليارات دولار خلال السنتين المنصرمتين كان من الممكن ان تصرف بشكل افضل على بعض المشاريع ومنها الوحدات الغازية بحيث اصبح العراق مقبرة لهذا النوع من الوحدات. سنقوم بغلق الحدود أمام الوحدات الصغيرة التي تم استيرادها بسبب الجهل او لاسباب أخرى وقال ايضا (تكلمنا خلال الزيارة – للولايات المتحدة – بصحبة السيد رئيس الوزراء الى امريكا مع البنك الدولي وبوش وتشيني، وقد ذكرت لهم أننا توقفنا من استيراد الوحدات الصغيرة." ستراتيجية د. محسن شلاش كانت متمثلة ببناء المحطات البخارية وخصوصا تلك التي توقف العمل بها اثناء اندلاع حرب احتلال العراق ولكن تدهور الاوضاع الامنية في عهد حكومة الجعفري احال دون ذلك. عندما استلم وحيد كريم وزارة الكهرباء عام 2006 كان توجهه لحل ازمة الكهرباء كما يلي:
1: التأهيل الشامل للمحطات القديمة واعادتها الى قدرتها التصميمية مما يترتب عنه اضافة 350 (م.و)عام 2007, 955 (م.و) عام 2008, 450 (م.و) عام 2010, 320 (م.و) عام 2011 . او ما مجموعه 2,075 (م.و).
2: المباشرة باكمال المحطات البخارية وتوسيعها واضافة محطات بخارية وغازية مركبة جديدة منها:
الف: محطة اليوسفية البخارية: اكمال الوحدات الاربع (210 (م.و) للوحدة الواحدة) التي توقف بها العمل عام 2003 بنسبة انجاز تقارب ال 40 بالمئة واضافة اربع وحدات جديدة مما يرفع قدرة المحطة الى 1,680 (م.و).
باء: اكمال محطة الشمال البخارية التي كانت تنفذها شركة سيمنز وتوقف العمل بها عام 1990 بواقع اربع وحدات (350 (م.و)) وبقدرة اجمالية مقدارها 1,400 (م.و).
جيم: اكمال الوحدات الاربع سعة 300 (م.و) لمحطة صلاح الدين البخارية بقدرة اجمالية 1,200 (م.و).
دال: تفعيل انشاء محطة الانبار البخارية (اربع وحدات سعة 300 (م.و)) وبقدرة 1,200 (م.و).
هاء: تفعيل عقد انشاء محطة الزبيدية البخارية (اربع وحدات سعة 330 (م.و)) وبقدرة اجمالية 1,320 (م.و).
واو: انشاء محطتي شمال بغداد البخارية (اربع وحدات سعة 300 (م.و)) ومحطة الكفل البخارية (اربع وحدات سعة 300 (م.و)) وبقدرة اجمالية لكلا المحطتين 2,400 (م.و).
زاء: اضافة ما مقداره 7,066 (م.و) من الوحدات الغازية المركبة.
هذه المحطات الجديدة (البخارية والغازية المركبة) تدخل الخدمة حسب الجدول الزمني التالي: 1,238 (م.و) عام 2007, 1,648 (م.و) عام 2008, 5,110 (م.و) عام 2009, 3,440 (م.و) عام 2010, 1,380 (م.و) عام 2011, 3,900 (م.و) بين 2012-2015. مما يعني وصول القدرة الانتاجية المتاحة الى 13,441 (م.و) عام 2009 والذي يشهد نهاية ازمة الكهرباء, والى 19,416 (م.و) عام 2011 والى 24,596 الف (م.و) عام 2015. وبما ان في العراق الجديد التخطيط والتنفيذ خطان متوازيان لايلتقيان. لم ينفذ السيد وحيد كريم مشروعا استراتيجيا واحدا من خطته المركزية للاعوام 2006-2010 واكتفى فقط بتشييد الوحدات الغازية صغيرة الحجم ووحدات الديزل مكملا الطريق الذي سلكه قبله ايهم السامرائي يضاف اليه تدهور الوضع الامني وشحة التخصيصات الاستثمارية. عام 2008 وبعد اقتناع وحيد كريم بفشل الحلول الترقيعية ونتيجة تأزم ازمة الكهرباء, وقع العراق عقدا مع شركتي جنرال الكترك وسيمنز الالمانية لتجهيز العراق بستة وخمسين وحدة غازية من نوع (اف9ي) و10 وحدات نوع (في 94.2) سعة 160 (م.و)وست وحدات نوع (في 94.3) سعة 265 (م.و) وبقدرة اجمالية مقدارها 10,000 (م.و) في حالة استخدامها في الدورة المفتوحة ومايقارب 13,000 (م.و) في حالة استخدامها في الدورة المركبة. هذه المولدات وبعد ثلاث سنوات من وصول اغلبها لازالت وزارة الكهرباء في مرحلة تقييم العقود واختيار شركات التشييد وايجاد مصادر التمويل. في عام 2009 وعندما استلم حسين الشهرستاني وزارة الكهرباء تغيرت الستراتيجية مرة اخرى فقد تم التريث بنصب وحدات جي ي وسيمنز والتحول نحو المحطات البخارية وذلك بتفعيل عقد محطة الزبيدية والذي كانت شركة شنقهاي تماطل به منذ 2004 والذي ينص على انشاء اربع وحدات بخارية بسعة 330 (م.و) لكل وحدة بعد رفع قيمة العقد من 700 الى 924 مليون دولار مع اضافة وحدتين جديدتين بسعة 610 (م.و) لكل وحدة بقيمة اضافية مقدارها مليار و80 مليون دولار. كان يفترض بدء التشييد في صيف عام 2009 والانتهاء من الوحدات الست وبطاقة اجمالية مقدارها 2,500 (م.و) في ربيع 2013. لحد هذه اللحظة لم تبدأ عمليات البناء الفعلية ولازال العمل مقتصرا على فحوصات التربة على الرغم من اقالة مدير المشروع. ايضا تم تفعيل عقد محطة اليوسفية البخارية مع الشركة الروسية لتكملة ما تم انجازه من 40 بالمئة للوحدات الثلاث (210 (م.و) لكل وحدة) مع اضافة خمس وحدات جديدة بنفس السعة ومن المؤمل الانتهاء من التنفيذ الكلي في صيف 2012. ايضا لا اعتقد ان الشركة باشرت بعملها. في حكومة المالكي الجديدة تم تغيير الستراتيجية مرة اخرى فبدلا من المشاريع الغازية والبخارية تم تبني انشاء 50 محطة ديزل بطاقة 5,000 (م.و) وبكلفة 6,500 مليون دولار, كل محطة تحتوي على 25 وحدة ديزل بقدرة 4 (م.و) من اجل ان تصبح جاهزة صيف العام المقبل مع تمديد خطة نصب وحدات جي ي وسيمنز وتغيير موعد اكتمالها حتى عام 2015. اما المحطات البخارية فقد تم تأجيلها حتى 2015-2017. عالميا فأن عامل الاهلية (نسبة الاستخدام السنوي) لوحدات الديزل لا يتعدى 3 بالمئة (تستخدم لمدة 10 ايام سنويا), بينما عامل الاهلية للمحطات البخارية 85 بالمئة والمحطات الغازية المركبة 87 بالمئة والمحطات الغازية احادية الدورة كالتي تنفذ في العراق 30 بالمئة فقط.
في الجزء الخامس سوف اتناول نجاح ومعوقعات السياسة الراهنة في حل ازمة الكهرباء وهل هناك حلا في الافق القريب او البعيد؟.

 

مشغان, الولايات المتحدة الامريكية
 

دراسة فنية شاملة لأزمة الكهرباء العراقية (2-6)
دراسة فنية شاملة لأزمة الكهرباء العراقية (1-6)

 

 

 

free web counter