| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. نزار أحمد
Nezarahmed@hotmail.com

 

 

 

السبت 20/2/ 2010

 

عندما يقود اللاديمقراطيون الديمقراطية

د. نزار احمد
Nezarahmed@hotmail

ما لاحظناه خلال الاسابيع القليلة الماضية وما حدث عند انطلاق الحملة الدعائية من محاولات تسقيط وتشويه سمعة الخصوم ومارافقه من عمليات تمزيق اعلانات الخصوم الدعائية وعمليات الاغتيال والاشتباكات المسلحة وسياسة الاقصاء المسيسة كلها دلائل تشير الى ان هناك اطراف متنفذة في العملية السياسية تحاول جاهدة مصادرة الديمقراطية وفرض خياراتها على الناخب بدلا من كسب قلب الناخب. طبعا لا احد توقع ان تكون عملية تكريس الديمقراطية سهلة وخالية من المشاكل حيث ان الشعوب التي سبقتنا في تطبيق الديمقراطية هي الاخرى مرت بمراحل كانت فيها العملية هشة وغارقة في المشاكل والتهديدات ولكن في تجارب الشعوب اتخذت مرحلة النضوج الديمقراطي خطا تصاعديا وهذا ما لم المسه في العملية الديمقراطية العراقية حيث جميع الدلائل تؤكد لي بأن العملية تتجه نحو المصادرة وفرض الارادة وليس العكس حيث بدلا من ان نرى تصاعدا في النضوج الديمقراطي بدأنا رؤية اندحار النضج الديمقراطي. السؤال الذي يطرح نفسه هو بماذا نختلف عن باقي الشعوب؟, فهل نحن شعب لا نتقبل الديمقراطية؟ ام المشكلة تقع بقادة العملية السياسية؟. في الدول المتحضرة كان قادة العملية الديمقراطية اناس يؤمنون بها حيث وضعوا مصلحة بلدهم وتكريس العملية الديمقراطية فوق مصالحهم الشخصية والفئوية. عندما تحررت امريكا عسكريا من قبضة الاحتلال البريطاني, قادة عملية التحرير او ما يعرفون بالمؤسسين الآباء كان بوسعهم تأسيس نظام شمولي ولكنهم اختاروا النظام الديمقراطي عن رغبة وليس كرها او منفعة. ومع هذا واجهت العملية الديمقراطية الامريكية مشاكلا وصعوبات عدة تم التغلب عليها لأن روادها كانوا يؤمنون بها واتخذوا من تكريس وانعاش العملية هدفا ساميا لهم. اما في العراق فأن العملية الديمقراطية فرضت على المشتركين بها بواسطة امريكا حيث ان رواد العملية لا يمكن وصفهم على انهم اشخاص ديمقراطيون فاغلب الاحزاب السياسية التي اشتركت في العملية السياسية وخصوصا الاحزاب الدينية هي احزاب دكتاتورية عقائدها ومنهجيتها تتعارض مع ابسط اسس ومبادئ الديمقراطية واشتراكها في العملية السياسية كان نابعا من غاية الاستفادة من العملية في الوصول الى السلطة وليس نتيجة الاقتناع بها. فاحزاب الدعوة والمجلس الاعلى والحزب الاسلامي هي احزاب شمولية تأسست لغرض احداث ثورة شعبية تنشأ عنها دولة اسلامية شمولية. ايضا الدين لا يؤمن بالديمقراطية حيث ان اهدافه تتعارض كليا مع مبادئ الديمقراطية فالديمقراطية تدعو الى احترام حريات الشخص الفردية بينما الدين يقيد حريات الشخص بثوابت الدين ويعتبر من يعارضها كافرا يحل قتله. فمثلا هل تقبل الاحزاب الدينية للملحد في اشهار الحاده وهو حق شرعي مشابه لحرية الاسلامي في ممارسة طقوسه الدينية؟. فالدين انتشر عن طريق التهديد والتخويف وليس عن طريق الرغبة بالفوز بالملذات. فلو كان الدين لا يدعو الى معاقبة الكافر عن طريق حرقه في النار حيا وكان مقتصرا فقط على الوعد بالجنة لما تمكن في كسب ايمان المؤمن.عندما كان صدام حسين يزور مدن العراق كان الناس يرقصون له ويهتفون باسمه ليس حبا به او طمعا بمكارمه ولكن خوفا من بطشه. وهذا بالضبط الدافع الرئيسي من الالتزام الديني فالاقتناع بالدين سببه خوف المواطن من عقوبة الكفر وليس طمعا بملذات الجنة. وهذا ما نلاحظه في ستراتيجية احزاب الاسلام السياسي في حملتها الانتخابية التي اصبحت محددة بتخويف المواطن العراقي من احتمالية حدوث مؤامرات تحاك ضده في حالة عدم انتخابه لاحزاب الاسلام السياسي. فالاحزاب الدينية والقومية والطائفية اشتركت في العملية السياسية التي قادتها امريكا لانها وجدتها فرصة تأريخية في الوصول الى السلطة بعد ان فشلت جميع محاولاتها في احداث ثورة شعبية او تنفيذ انقلابا عسكريا. واكبر خطأ ارتكبته امريكا في العراق هو اسناد مهمة صياغة الدستور الى عناصر بارزة في الاحزاب الشمولية والتي بدورها كتبت الدستور بصيغة تفضل مصالح الاحزاب الطائفية المتنفذة وتقيد امكانيات الاحزاب الوطنية وتسهل عملية مصادرة الديمقراطية وتحويلها الى ديمقراطية الخيار المفروض.
احزاب الاسلام السياسي تعرف جيدا بأن الوجود الامريكي في العراق لابد له ان ينتهي يوما ما حيث خلال الست سنوات الماضية كانت خطة احزاب الاسلام السياسي في مصادرة الديمقراطية وتحويلها الى نظام شمولي يتخذ من الديمقراطية قولا ومن الدكتاتورية ممارسة تتكون من:
1: الضغط على امريكا في تعجيل انسحابها من العراق (غاب القط العب يا فار)
2: السيطرة على وسائل الاعلام العراقية حيث تمكنت الاحزاب الاسلامية من تأسيس عشرات القنوات الفضائية ومئات الصحف والمواقع الالكترونية الخاصة بها مع التأثير على استقلالية الوسائل الاعلامية المحايدة والاقلام الحرة وذلك عن طريق التهديد والاغراء وشراء الذمم.
2: امتلاك مليشيات خاصة بها وذلك لاستخدامها في عمليات قمع افواه كل من لا يتفق معها او يمثل تهديدا لها وايضا استخدام المليشيات في تصفية الخصوم والضغط على المواطن وسلب خياراته الشخصية.
3: سياساتها في كسب التأييد الشعبي ممثلة بفرض ارادتها على خيار المواطن مستخدمة الدين والتهديد والتخويف وتأجيج المشاعر والهائه في ممارسة الطقوس الدينية وليس عن طريق كسب قلبه عن طريق الاداء والسلوك الحسن والنزاهة والكفاءة والنجاح.
4: اللجوء الى الرشوة وشراء صوت الناخب.
5: السيطرة والتحكم بالمجتهدين ووكلاء المرجعية وخطباء وائمة المساجد والحسينيات واستغلال عطف وانحياز المرجعية.
6: الابقاء على الشعب فقيرا ومتخلفا لأن التخلف الثقافي والفقر عادة يكونا ارضا خصبة للانتماء الديني.
حيث من خلال دراستي لستراتيجية احزاب الاسلام السياسي في الفوز بولاية ثانية وجدتها مقتصرة ومحددة بالاساليب التالية:
1: تخويف المواطن البسيط من عودة البعث.
2: القاء اسباب فشلها في تحقيق تطلعات المواطن على اكتاف الآخرين والذين تصفهم بمخربي العملية السياسية على الرغم من ان العدد الكمي لهؤلاء الذين تصفهم احزاب الاسلام السياسي بالمخربين لا يتعدى العشرين نائبا في البرلمان. فشخصيا كيف استطيع الاقتناع بأن اقلية ضئيلة لا يتعدى عددها عشر البرلمان العراقي تمكنت من تعطيل القوانين والمشاريع؟.
3: الايحاء للشعب بوجود عشرات المؤامرات الخارجية التي هدفها تخريب العملية السياسية . هذه المؤامرات تتطرق اليها احزاب الاسلام السياسي باستخدام الرموز والالغاز وبدون تقديم دليلا واحدا يثبت ادعاءاتها او حتى تسمية الاطراف المشتركة بها.
4: تشبيع المواطن بالوعود الزائفة.
5: اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى تصدق نفسك.
6: استخدام المليشيات العائدة لها في تخويف المواطن وجبره على التصويت لها.

وبما ان لكل مشكلة هناك حلا وبما ان احزاب الاسلام السياسي هي احزاب شمولية فئوية مصلحية فأن نهايتها سوف تكون على ايديها حيث انقسمت هذه الاحزاب كثيرا خلال الست سنوات الماضية وتحول عناصرها من اصدقاء الى اعداء. وهذا المسلسل سوف يستمر بعد انتخابات آذار القادمة حيث من المتوقع ان تدب الانقسامات والخلافات بين احزاب الاسلام السياسي حال انتهاء عملية فرز الاصوات مما سوف ينتج عنه اشتباكات مسلحة وعمليات تصفيات. فشخصيا اتوقع تحول العراق الى ساحة دموية حال انتهاء عملية فرز الاصوات يكون اطرافها ليس القاعدة او البعث ولكن مكونات احزاب الاسلام السياسي. ايضا هل سوف تقبل مكونات الاسلام السياسي المتناحرة مع بعضها البعض بنتائج الانتخابات ام سوف تحمل السلاح؟. في انتخابات 2005 وحال انتهاء عملية التصويت اعلن عبد العزيز الحكيم وقبل البدء بعملية فرز الاصوات بان الائتلاف العراقي الموحد الذي كان يحتوي على جميع احزاب الاسلام السياسي بأن الائتلاف قد حصل على 70% من اصوات الناخبين, وفيما اذا اسفرت عملية فرز الاصوات على عكس ذلك فأن الائتلاف سوف يحمل السلاح ويحول العراق الى حمام دماء بوجه الامريكان, يعني تهديد واضح مفاده اما فوز الائتلاف او تدمير العراق كليا. وعليه وحسب اعتقادي الشخصي فأن الديمقراطية في العراق لا يمكن لها ان تنضج او تكتمل الا عندما يكون روادها اناس يؤمنون بها ومستعدين على التضحية بمصالحهم الشخصية والفئوية من اجل تكريس مبادئها وممارساتها. وحتى تتخرج كوكبة من السياسيين الديمقراطيين قولا وتصرفا فأن العراق يظل راقدا في خبر كان واخواتها.
 

 

مشغان, الولايات المتحدة الامريكية
 

 

free web counter