| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نبيل عبدالأمير الربيعي

 

 

 

                                                                                  الثلاثاء 7/6/ 2011




المؤسسة الدينية وظاهرة الزواج المبكر

نبيل عبد الأمير الربيعي

لقد شرعت في بلاد الرافدين أولى القوانين المدنية في تأريخ البشرية , هذه القوانين سنت وطبقت في العراق وقد سبقت غيرها من المجتمعات المدنية بحقب وقرون عديدة منها قانون حمورابي 175(ق.م) وقانون أورنمو عام(2111 ق.م) وقانون أشنونةعام (1950 ق.م) وقانون لبت عشتار عام (1934-1923 ق.م) .

وقد سأل أحد الفلاسفة الأغريق :(لماذا نحتاج الى القوانين , كان جوابه : الخوف من غرائزنا) فعلى الرغم من سعة الإشراق الإبداعي والحضاري في حياة مجتمع وادي الرافدين وأسبقيته والمدنية, فقد سنت قوانين الأحوال الشخصية لحماية حقوق الأفراد وحرياتهم, وتعد العلاقات الزوجية مهمة صعبة في الشرق الأدنى القديم وبصورة عامة لم يكن هناك تعدد زوجات ,والزيجات السعيدة ورد ذكرها في الأزمنة الغابرة .

ولدى السومريين خاصة , أقوال مأثورة تبين فيها حالات الزهوّ والإفتخار بالزواج وإنجاب أكبر عدد من الأطفال وحماية حقوق المرأة وإعطائها المكانة المرموقة في المجتمع السومري والبابلي والأكدي , أما في المجتمع الجاهلي فتذكر كتب التأريخ ان المرأة كانت تتمتع بحرية واسعة تكاد تتكافأ مع حرية الرجل في مجتمع عديم الدولة. وقد تبدل الوضع في الإسلام وأصبح المجتمع ذكوري وأصبحت المرأة حبيسة البيت.

لو نرجع في القرن الحادي والعشرين الى قانون الأحوال الشخصية العراقي بعد سقوط النظام , سنلاحظ هنالك استغلال ذاتي للمذاهب والأديان للقوانين المدنية في أمور تحديد سن الزواج للأنثى والذكر وشروط زواج الأولاد القاصرين , وهذا مما يعني سلطة مطلقة لرجال الدين المعنيين حسب تعاليم مذاهبهم.

الزواج حسب التعريف للقانون المدني : (هو عقد بين رجل وامرأة تحل لهُ شرعاً , غايتهُ إنشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل). وهذا يفترض المساواة بين الرجل والمرأة , كما يفترض مستوى حضاري معيناً لمجتمع ونظاماً لا تسلطياً . لكن عقد الزواج في المحاكم الشخصية يشترط في صحة عقد الزواج حضور شاهدين رجلين مسلمين عاملين سامعين الإيجاب والقبول, أي بما معنى إن الرجل تذكره أكثر
من المرأة , ولكن من برهن يوماً إن المرأة أكثر نسياناً من الرجل. لماذا اشترط الشهود مسلمين ولا نشترط الشهود عقلاء, أي بالغاً عاقلاً سامعاً الإيجاب والقبول.

إن أهلية الزواج في الفتى تكتمل بتمام الثامنة عشر من العمر , لكن في الوقت الحالي وحسب قانون الأحوال الشخصية يسمح الزواج حسب المذاهب والأديان, وبعض المذاهب تسمح للزواج ما بعد التاسعة للأنثى وهذا أنا اسميه زواج الأطفال وحسب فتوى السيد كاظم اليزدي في منهاج العروة الوثقى الجزء الثاني باب النكاح والزواج يذكر: ( لا يجوز زواج الأنثى دون سن التاسعة ,ولكن يجوز تقبيلها ولمسها وتفخيذها حتى الرضيعة) . وقد ذكرت هذه الفتوى في رسالة السيد محسن الحكيم في مستمسك العروة الوثقى ورسائل كل من المجتهدين السيد الخوئي . والسيد السستاني وقد الغى كلمة الرضيعة ولكن في رسالة الشهيد محمد باقر الصدر هذه الفتوى غير موجودة ما معناه لا يرغب بها . إذن الشرع الإسلامي وقانون الأحوال الشخصية العراقي يجيز بزواج الأطفال , وهو لا يهتم بسعادة أبناء المجتمع وبغض النظر عن قيام أُسرة فاشلة أو سعيدة , مع العلم قانون العمل يمنع عمل الأطفال دون سن السادسة عشر فكيف يعيل الطفلان نفسيهما؟ ومن المعلوم إن الطفل لا يقدر على تربية الأطفال فكيف يترك المجتمع أطفاله دون عناية وتربية؟؟؟ وكيف يتصور القانون الجماّع بين فتاة في سن التاسعة أو العاشرة وفتى في سن الخامسة عشر؟ وأزيدكم علم فقد نقلت قناة LBC اللبنانية فلم فيديو تيب عن حالة زواج أطفال في سن العاشرة لشباب في سن الخامسة عشر , بزواج جماعي وقد تم استضافة داعية اسلامي ليؤكد ان هذا الزواج قد تم مع عائشة أم المؤمنين والرسول محمد ، بسن السادسة خطبها وبسن التاسعة تزوجها. قد تكون حالة الرسول كنبي لا تطبق على باقي افراد المجتمع.

أنا أتساءل كيف يتم هذا الزواج ولم يبلغ الطفلين نداء الجنس لديهما, إن هما بلغا فيزيولوجياً الى درجة الجماع. ولذلك سوف تحصل مضاعفات صحية على الطفلة وحالة نفسية مرضية, من هذا نحصل على أسرة تعيسة نضيفها إلى مجموعة الأسر التعيسة التي تملأ العراق بهذا الوضع الاقتصادي والخدمي والصحي والتربوي التعسّ وتنتج لنا أُناساً تعساء. إذن لا مسؤولية في القانون أن يسمح بمثل هكذا زواج.

عقد الزواج عند المأذون الشرعي
عند المأذون الشرعي يتم عقد القران بدون السؤال عن السن والعمل والتغاضي عن العمر حسب المذهب المراد العقد بموجبهِ , وهذه جريمة بحق العائلة العراقية وحق الأطفال , وقد تفشت ظاهرة زواج الأطفال في المجتمع العراقي وكثرة حالات الطلاق بظاهرة الزواج المبكر حيث هنالك إحصائية في مدينة النجف الأشرف إن 700 حالة طلاق شهرياً بسبب الزواج المبكر, فقد ورد في النشرة الحسينية وتدعى ( الأحرار) العدد(183) في 2 تموز 2009 بعنوان (عقد قران أصغر عروسين في العتبة الحسينية الزوج البالغ من العمر 15 عاماً المدعو أمير حسين السلامي والزوجة زينب كاظم مهاوي البالغة من العمر 10 أعوام بحضور أهليهما , فقد تم عقد قران الزوجين من قبل الشيخ فريد محمد الحميري.) ومن المستغرب لهذا الزواج هو الدعوة الموجهه من قبل هيئة التحرير للنشرة الإسبوعية من قبل حسن الهاشمي الى منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الخيرية والخطباء والمثقفين والخيرين للتّشجيع على هذا الزواج وعدم وضع العراقيل للحد من هذه الظاهرة ودعوة المؤسسات الحكومية والخيرية لإعطاء القروض الميسرة والإبتعاد عن التعقيد المطلوب توفرها لشيوع هذه الظاهرة , ولتكن في متناول الجميع.

نحن نعيش في القرن الحادي والعشرين وأدعو المجتمع للكف عن هذه الظاهرة ومحاربتها لأسباب اقتصادية واجتماعية وسايكولوجية , هذه الزيجة الرخيصة التي أدت وساعدت على طلاق الأطفال المبكر وقد تركت الكثير من الفتيات والأطفال مقاعد الدراسة بسبب إجبار أولياء الأمور بناتهم لهذا الزواج , وبعضهنّ بدون عقد زواج صادر من المحكمة الشرعية مما يساعد على غبن المطلقة حقها من الحاضر والغائب والنفقة الشرعية للمطلقة, بينما منذ عصر الخليقة والمشاعية البدائية, المرأة كانت سيدة الموقف وهي الرابط الأسري ولكن مع بداية القرن العشرين والقهر السياسي والاجتماعي والاقتصادي تم سحب البساط من تحت عرش المرأة وسيادة المجتمع الذكوري . على المرأة الإعتزاز بنفسها وعلو جبينها والإصرار والرفض لهذه الزيجة الفاشلة التي تمس كرامتها.

ولأهمية معرفة المرأة لحقوقها وممارستها لا كشعارات مكتوبة بل ممارسة عملية من خلال حماية حقوقها,

هنالك الكثير من الأفاعي في بلادنا المبتلاة التي تريد التهام حقوق المرأة لأن الأخيرة في بعض الأحيان تخشاها.





 



 

free web counter