| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نبيل عبدالأمير الربيعي

 

 

 

                                                                                  الثلاثاء 31/7/ 2012




الشهيد باسل الطائي (أبو تغريد)...مفخرة مدينة الحلة

نبيل عبد الأمير الربيعي

ثمة طريق واحد في العالم ,لا أحد يقدر أن يسلكها سواك, لا تسأل: إلى أين تؤدي, أسلكها - نيتشه

لإكمال مسيرة النضال والطموح لبناء العراق, لا زال الكثير من المناضلين رافعي مشاعل النضال والحياة للمشاركة الدءوبة في الكثير من الفعاليات والنشاطات النضالية رغم تغير العهود والأزمان, فقد مر الكثير من المناضلين في طريق النضال الطويل , وسطروا صفحات بيضاء في تأريخ الحزب الشيوعي العراقي.

الوطن ومحطات المسيرة التي تستحق أن يكون لها هذا التوثيق , فقد أفنى الكثير من مناضلي الحزب زهرة شبابهم في دروب النضال والكفاح الطويل ومنها النضال في صفوف الأنصار , الذي دعا لها الحزب بعد أن تفرط التحالف الجبهوي عام 1978 بين الحزب الحاكم والحزب الشيوعي العراقي, بسبب دكتاتورية النظام وإملاء ما يحلوا له على المشاركين في العملية السياسية.

فبعد أن شعروا الشيوعيون بصعوبة البقاء داخل المدن والنضال , حملوا السلاح وتوجهوا لجبال كردستان العراق للمشاركة في حياة الكفاح المسلح, فخاضوا التجربة خلال عقد الثمانينات ضد حاكم بغداد , وكانت هذه التجربة يفخر بها الشيوعيون وأصدقائهم منذ مسيرة عام 1979 الشاقة , التي انتقل فيها الحزب برفاقه وقياداته وجزء كبير من مناصريه وأصدقائه إلى الخارج .

كان من ضمن المشاركين في الحركة الأنصارية من مدينة الحلة الشهيد (باسل كاظم نادي علي الطائي) أبو تغريد..من مدينة الحلة التي قدمت الشهداء الذين ارتقوا مرتبة الشهادة والعطاء الأكبر الذي لا عطاء غيره , فالجود بالنفس والغالي والثمين, وهو العارف بدقة لن يوهب هذه الفرصة مره أخرى , لكن إشاعة الموت من قبل الجلاد وهذا منطقهُ , فهو يغتصب لنفسه مرتبة الإلوهية وأداتها , لكنهُ عاجز عن ذلك, فالمناضلين يشيعون التفائل بمستقبل أفضل لتنبت شقائق النعمان حمراء بلون دم الشهداء.

"سأحكي لولدي عن قصة ذلك الفتى الذي حلم يوماً بالعراق الجميل الذي تسودهُ العدالة سأحكي للناس عن البسالة والهمم وسنُكملَ الطَريق وهو أجمل الوَفاء" رفيق دربه (نجم خطاوي)

أبو تغريد ذلك الطالب في معهد الإدارة – السليمانية,تولد الحلة1958 ,قبل الالتحاق بفصائل الأنصار تم استدعاءه من قبل ضابط أمن السليمانية (علاء الصفار من مدينة الحلة إبن أخت محمد سعيد الصحاف) وخلال التعذيب فقد السمع بأحدى أُذنيه ثم أُفرج عنه,كان وسيم الطلعة , متوسط القامة تغطي وجهه لحية طويلة تميل إلى الصفرة , يعلوها شارب كث طويل غطى شفتهُ العليا, لهُ الطيبة والوقار , وفكاهة لذيذة وتعليقاتهُ الساخرة وهو في لب المعارك الأنصارية في كردستان العراق قرية (هيلة وه) , لكن كانت لهُ القدرة الهائلة على كبت الألم وتحويل الحزن إلى ما يشبه الفكاهة , يذكر رفيقهُ الأنصاري نجم خطاوي من مدينة الكوت في مقالته (عشاء الطائي الأخير): (عند التحاقي بفصائل الأنصار عام 1982 في وادي بولي الصغير , في هذا الموقع الجديد استقبلوني بفرح ورفقة , وكان معهم الشهيد باسل (أبو تغريد) والذي جذبني لعلهُ لا زال يحتفظ بذكرى الفتاة التي أرغم على مفارقتها ,فيه أسمهُ الذي لا يخلو من رومانسية فسمى نفسهُ هكذا حباً بها),من ذلك أتى اسمهُ الأنصاري (أبو تغريد) , كان طالباً وإسم على مسمى فقد عرف ببسالته في طريق النضال والشيوعية , ومهماتهُ الأنصارية وطيباً وكريماً وشهماً , كان إنساناً طائياً بالمعنى الذي ارتبط به الإسم, فهو من عائلة الطائي في مدينة الحلة, تلك العائلة التي ساهمت في الحركة الوطنية اليسارية والنضال في طريق الشيوعية.

في منطقة بولي كان فصيلاً يحمي الرفاق في وادي بشت ئاشان عامي 1982 و1983 , كان عمل الشهيد أبو تغريد القتال وحماية الوادي (بسرية عباس) والفصيل المتكون من خمسة عشر مقاتل إضافة إلى عملهُ الآخر مهمة خباز وتفاصيل عمل الخبر كان يجيدها من مقادير وعجين الطحين والخبز وسط أحاديثهُ ومزاحهُ وضحكهُ, فيأكل رفاقهُ من الخبز الحار مع إتقانه لطبخ قوت الأنصار البسيط من العدس والفاصوليا واللبن ,فقد عهدهُ رفاقه بنفس الابتسامة ونفس السخرية والطيبة والبساطة, والتدخين لا يفارق يدهُ النحيفة, أحبهُ رفاقهُ من عرب وكرد وتعززت علاقتهُ الطيبة بهم, وهو يجهد لتعلم اللغة الكردية محاولاً إتقانها ,و الرشاش الأسود يتدلى من على كتفه .

عملية استشهاده :

وسط سهل أربيل نشطت أربع سرايا أنصارية جسورة (أربيل, به رانتي,عباس, قه ره جوغ),نسب الشهيد أبو تغريد للعمل في سرية عباس, في الأيام الأخيرة التي سبقت استشهاده (13 تشرين الثاني 1987) على تراب قرية (هيله وه) الممتدة على سهل أربيل قدم جسدهُ قرباناً لعراق كان يحلم به مزدهراً وبمعركة باسلة على اسم القرية .

كانت خطة العملية هجوم فصيل الشهيد أبو تغريد المتكون من15 مقاتل على الموقع العسكري في قرية هيله وه وبعد السيطرة على الموقع , وقد استغل الشهيد الفرصة بتوفر هاتف في الموقع فتمكن من الاتصال بدار جده الواقع في بغداد اليرموك وتعريفهم بنفسه لاطمئنانهم عليه, ولكن بسبب تواطؤ مختار القرية مع الجيش, تمكن من الإبلاغ عن عدد المقاتلين,فحضرت قوات النظام وبدأت معركة غير متكافئة ولمدة تسع ساعات وبغطاء جوي , مما أدى إلى جرح الشهيد أبو تغريد وطلب من رفاقه الانسحاب فتمكن من الانسحاب ثمانية من المقاتلين عبر الجبل,أما بقية المقاتلين فقد نفذ عتادهم , وتم قتلهم بوحشية لا مثيل لها بعد ربطهم بالأشجار وكي أجسادهم بالنار والتمثيل بهم وقد دفنت أجسادهم الطاهرة في مقبرة الشهداء في أربيل,وهم (علي نذي أحمد) عادل,عثمان خضر كاكيل (سركوت),هيرش مجيد (سمكو), ممتاز محمد إبراهيم (بيشرو) , هذه الكوكبة كانت تقاتل مع الشهيد أبو تغريد بمفخرة مدينة الحلة.











 


 

free web counter