| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نبيل عبدالأمير الربيعي

 

 

 

                                                                                  الخميس 1/12/ 2011




إذا لم يضع المواطن نهاية للحرب ..ستضع الحرب نهاية للمواطن العراقي

نبيل عبد الأمير الربيعي

قلبي يزداد أسى لشعب خالي من الأفكار الوطنية ,متشبع بتقاليد وأباطيل دينية , لا تجمع بينهم جامعة ,سماعون للسوء ميالون للفوضى,ومن المحزن المبكي يسرق المال العام وتصرف أموال هذه الأمة المسكينة التي لم تشاهد الأمن والاستقرار, يقول خالص الجلبي (إن الله اعتبر الكون مبنياً على التعددية , ومبرمجاً على الاختلاف ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة).

نحتاج لساسة أن يكونوا حكماء مدبرين, وأقوياء مادة ومعنى , غير مجبولين لحسيات أو أغراض شخصية أو طائفية أودينية متطرفة , يداومون على سياسة العدل والموازنة والاحترام لتقاليد المجتمع, إذ لا ينقادون إلى تأثيرات الأفكار الرجعية أو المتطرفة , ولكن أين نجد مثل هذه المواصفات في قادة العراق السياسيين ممن يميلون لطوائفهم أو قومياتهم أو مصالحهم الشخصي, لقد أصبحت مددنا خربة فقد اختفت الخدمات وظهروا مصاصي قوة الشعب وسارقي المال العام بمشاريعهم الوهمية و وثائقهم المزورة ,ومواعيدهم الوهمية لمشاريع المستقبل فترة الدورات الانتخابية ومجالس المحافظات حسب التوزيع الطائفي و المحاصصة التي بيعت وزاراتها في أسواق الدول المجاورة.

الساحة العراقية تنتشر بالانتهازيين والطائفيين والمهرجين, الذين اعتلوا أكتاف الجماهير المغفلة المؤمنة بالمقدس والخرافة , وراحوا يلعلعون بخطبهم المطنبة , عن مشاريعهم الرائعة في خدمة الجماهير الكادحة المسحوقة.

لقد اختلفت وجوه الجلادين وسياطهم وطرقهم ولكن الحجًاج نفس الحجًاج في كل عصر وزمان , والمداحين من الشعراء والمثقفين اختلفت وجوههم , لكن أفكارهم وأقلامهم لم تختلف, هذه الأقلام التي استمرت في نسج التاريخ , وفق ما أملتهُ المعطيات للخلفاء والملوك والرؤساء, فنسيت حياة الجماهير وانشغلت بتفاصيل القصور , من قصور الدولة الأموية والعباسية وصولاً إلى القصور الرئاسية , لكنهم تغافلوا عن الكثير من الظلم والاضطهاد الذي لاقتهُ الجماهير المعارضة , من قطع الرؤوس وكاتم الصوت لكل معارض, والسلطات تمرق بسياراتهم الفخمة التي ضمت حشرجات أصوات آلاف الضحايا , من أصحاب المقابر الجماعية والقتل في السجون والشوارع , إضافة لصناعة الموت الجديدة من المفخخات والأحزمة الناسفة,وأخيراً كاتم الصوت المزود من دول الجوار لتصفية المعارضين وحملة الشهادات والكفاءات , ليصبح العراق ساحة لتصفية الخصوم,والمؤسف الصمت الذي نلاقيه من قبل السلطات العراقية وأجهزتها الأمية , وتسجل الحادثة ضد مجهول, وقبل أيام بدأت التصفيات لمدراء العقود في الوزارات , كل هذا يدلل على الصراعات على سرقة المال العام وتصفية الخصوم .

لو نتذكر الانتهازيين الذين تحولوا من فكر إلى آخر من قوى وكتل إلى أخرى لغايات ومصالح فئوية وشخصية,نلاحظ التأريخ يعيد نفسه, الانتهازي فترة حكم الدولة الأموية في بلاد الرافدين (عامر بن شرحبيل الشعبي)الذي أظهر التشيع فأشترك في ثورة المختار بن أبي عبيدة الثقفي , ثم أرتد بعد فشل الثورة واشترك في حركة عبد الرحمن بن الأشعث , فلما أخفقت أعلن توبتهُ أمام الحجًاج , فولاه قضاء الكوفة, فلما سقطت الدولة الأموية أظهر ولاءه لبني العباس , فثبتوه منصبه, وهذا ديدن الانتهازيين والسياسيين الحاليين الذي انتقلوا من كتلة إلى أخرى ومن حزب لآخر ليتسابقوا لاحتلال مناصبهم ومراكزهم في الدولة العراقية , بدعم كتلهم وأحزابهم المشاركة في العملية السياسية, ومن جانب يدعمون الإرهاب مادياً ولوجستيا , وهذا ما نقلتهٌ أحد الفضائيات قبل أيام عن انطلاق الصواريخ من أحد الأحزاب الإسلامية في مدينة بغداد جانب الكرخ.

أصبح الشعب العراقي يندب حظهُ بعد التغيير ويترحم على الماضي حين لم يجد من الحكام الجدد إلا المزيد من غناهم وترفهم , وهو يزداد جوعاُ وذلاً وتشرداً, أصبحت أمانيهم محبطة والحاكم يزداد بغضاً لمواطنيه .

وهنا أتساءل ما هو دور المثقف وما فائدة الفكر والفن والأدب , إذا لم يخرج على جور زمانه؟ لكن لنتذكر الحلاج وما قادهُ فكره إلى القتل والصلب بسبب الفكر والعقيدة التي يحملها, في زمان كان القتل والإقصاء مصير من يخالف الحاكم وفكره وعقيدته ولكن الآن نحن نعيش في القرن الحادي والعشرين هذا العالم الذي أصبح قرية صغيرة وهنالك لوائح لحقوق الإنسان تحمي المواطن من أي اضطهاد أو قمع فكري, والدستور العراقي قد أكد على احترام الفكر والعقيدة وإحترام الرأي والرأي الآخر, ولو نتابع ما يحصل على الساحة العراقية من قمع للمتظاهرين واعتقالات لمن يطالب بأبسط الخدمات , لنلاحظ الازدواجية الشخصية للحكام وزبانيتهُ.


 



 

free web counter