| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

نبيل عبدالأمير الربيعي

 

 

 

                                                                                  السبت 13/8/ 2011




الأحاديث ودورها في الحث على العنف في المجتمع

نبيل عبد الأمير الربيعي

يروى عن صلاح الدين الأيوبي : إنهُ في لحظات احتضاره أوصى أولاده قائلاً "إياكم والدماء فإن الدماء لا تنام"

في الواقع تحكمنا علاقة القوة من المهد إلى اللحد فمنذ الولادة ومع حرص الوالدين الشديد فقد أظهرت الدراسات النفسية إن الطفل تساء معاملتهُ يومياً أكثر من مرة, أي إن أحدنا يخرج مشوهاً على كل حال , وحين ولوج المدرسة تبدأ لعبة الشد والجذب من جديد بين معلم يريد ضبط الصف بالعصا بدون إظهارها أو استعمالها , بل الإيحاء بها فالعصا لمن عصا؟ ومن طرف آخر التلميذ الذي يريد لشخصيته الاحترام والنمو في وسط يقتل كل نمو. ومع متوسط العمر تبدأ علاقات القوة تأخذ منحى جديداً , فبعد فترة التدريب التي تعتمد الانضباط والدقة والأداء الحسن والإنتاج الغزير تتحول مع مباشرة العمل لصالح من يستولي على مفاتيح القوة , ويصعد إلى القمة ليس أفضلهم بل أخبثهم.

وما يحدث من عنف في المجتمع من التفجيرات وكاتم الصوت وسواها , يرجع إلى طبيعة الفكر السائد, ومنها كليات ومدارس الشريعة التي تدرًس الفكر الفقهي في كل زمان ومكان, فماذا يفعل أحدنا أمام الحديث ," إنه من مات ولم يغزوا ولم يحدث نفسه بالغزو , مات على شعبًه من النفاق"؟

وأوربا جربت الحروب من كل نوع زوجين من الحروب الدينية والقومية والعالمية , حتى تابت على استخدام السلاح والقوة لحل المشاكل, والآن تتحًد أوربا بدون حروب تحرير شعبية وجهاد, أما في البلاد العربية والعراق بسبب تمسكهم ببعض الأحاديث قد تكون موضوعة من قبل السلف السابق , بدأ الناس يقتلون بعضهم بعضاً بسبب تفشي الطائفية والعنصرية والقومانية , وهو أمر متوقع بسبب الظلم المجحف من النظام السابق والدعوة من الروزخونية في الوقت الحالي وتغذية الشباب بالمباديء الطائفية ومناهج التأريخ في مدارسنا وذكر الحروب ومعارك القتل منذ الدولة الأموية و اضطهاد الساسة في تلك الفترة لأهل البيت, كل هذا مما يدعو الشباب إلى التوتر والعنف والدعوة لإقصاء الآخر , أما الدعوة للسلام فهو مبدأ يغمر الروح بفيض من السعادة الداخلية , كما وصفها الشاعر الألماني غوتة في أبيات:

آلاف من الأقواس تتواثب وتتلاقى
من النجم الوضيء إلى الطين
تتزاحم وتتدافع لتجد سلامها الأبدي
وأمنها الأزلي في الله..

العنف شجرة خبيثة جذورها الكراهية وثمرتها الخوف والجريمة , واللاعنف شجرة مباركة جذورها الحب وثمرتها الأمن والسلام , وأهم ما فيها تحرير إرادة الإنسان من علاقات القوة ومنحة السلام الداخلي العميق والطمأنينة الروحية.

أن تدمير الباطل ليس بقتله بل بعدم طاعته أو التعاون معه , التديًن قد يكون جنوناً وقد يكون عقلاً بقدر تحكيمه بالوعي أو تسميمه بالتعصب , وقد تخرج نسخ من إسلام ضد إسلام , كما نلاحظه من إسلام بن لادن الذي يدعوا إلى العنف والقتل وتدمير الحضارات المدنية وتغذية عقول الشباب بالسلاح هو الحل, والإسلام هو الحل , وإقصاء الآخرين ورفض الواقع الاجتماعي , والتدين ضد الحياة , والطاقة الروحية غير المرشدة في الدين قد تنتج إرهابيين مثل الصاعقة التي تحرق وتدمر , وقد حدثت الصاعقة في الوطن العربي بسبب غرس روح الكفاح والانتقام في نفوس الشباب.

بدلاً من شيوع المفاهيم الإنسانية والتطورات التقنية في النتً والقنوات الفضائية , شاعت بشكل علني ما عرف بالعيادات القرآنية , حيث مجموعات من المشعوذين أمثال أبو علي في قناة شهرزاد وعلي خليفة , الذين يصفون آيات من القرآن الكريم لعلاج كل مرض ويوعزوه إلى الجن والشياطين بما فيه مرض السرطان الذي يدعًي هؤلاء المشعوذين إنهُ من عمل الجن , وإنهم قادرين على معالجته والشفاء منهُ وهنالك الآلاف من الجهلة الذين يتصلون بهذه العيادات عبر القنوات الفضائية أو زيارتهم الخصوصية لعياداتهم وتصديقهم والانتظار طواربير من الزبائن , ويجمعون هؤلاء المشعوذين منها رغم فقرهم الملايين من الدولارات.

من الصعب معرفة الاتجاه الصحيح في الحياة التي أصبحت غابة شائكة من كثرة الفتاوى المضادة التي تواجه الإنسان المسلم بشكل يكاد يومياً , ولا أعتقد إن هناك فتوى من عالم أو فقيه إلا واجهها فتوى مضادة تنقضها , فأين وكيف يسير المسلم , وأية فتوى يتبع؟ منها قتل الآخر في التجمعات في أوربا هي عمليات استشهادية وإن المقتول شهيد والتحريض على اغتيال المفكرين أمثال الدكتور فرج فودة بسبب كتابه ومناقشاته حول زواج المتعة ,والدكتور حسين مروه,والدعوى بالتفريق بين الدكتور الراحل نصر حامد أبو زيد وزوجته والتهديدات العلنية للكاتب السيد القمني, وفتوى تحريم رواية ( وليمة لأعشاب البحر) للكاتب السوري حيدر حيدر , والفتاوى المدعومة بمحاولة التفريق بين الدكتورة نوال السعداوي وزوجها الدكتور شريف شحاته, وفتاوى تبيح وتشجع الشباب السعودي للقتال في العراق والقتيل يعتبر شهيداً ليفطًر مع الرسول ويغانق حور العين, هذه الفتاوى عندما تسود في البلاد العربية تزيد من نسبة الأمية فيه , وتزيد من الاحتقان الخفي بين الشباب , وفتاوى لفقهاء هم وحدهم من يملك مفاتيح الجنًة, وأغلبهم لا يملك الخبرًة الفقهية إلا مظهر الجلباب القصير واللحية الطويلة التي شهدت بها بعض البلاد العربية. إن هذه التربية وما يصاحبها من تثقيف يومي في المساجد والزوايا والفضائيات العربية لن ينتج عنهُ سوى هذا العنف الذي تشهده الساحة العربية والعراقية, ويتجلى بوحشية تجد لها غطاءً يوفره البعض من الدين والثقافة الإسلامية.


 



 

free web counter