| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الثلاثاء 8/2/ 2011

 

قاهرة المعز: اللواء أول كبش للفداء

مصطفى الأدهم *

بعد وضعه تحت الإقامة الجبرية، منذ اقالته وعدم إعادة توزيره في الحكومة المصرية الجديدة - التي اسميناها حكومة الوقت الضائع، احيل اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية السابق على التحقيق في محل اقامته الجبرية، وهو الذي كان له "شرف" قيادة المعركة "المصيرية" و"التأريخية" ضد أبناء شعبه المصري الثائر على نظامه "الأبوي العادل"، وكان ما كان من إتقان وبراعة بل وحرفية قمعية غاية في الدقة، قامت بها الاجهزة الأمنية والشرطية تحت امرة اللواء العادلي. 

أقول حاولت هذه الأجهزة الأمنية والشرطية وبكل "شرف" و"بسالة" تغلفها "روح الفداء" للقائد الفرعون وتأطرها "الوطنية العالية" في قمع جموع الشعب -"المعادي" لكونه قد ثار في البداية وبشكل سلمي على اللواء الوزير وإدارة وزارته وأجهزتها الأمنية والشرطية القمعية في ضل نظام "الإستقرار الأبوي" للبابا الفرعون. 

لقد قاد الوزير العادلي معركة غير متكافأة بين جموع شعبية منتفضة تتظاهر بشكل سلمي في مسعى إعتراضي لنيل حقوقها، التي كان العادلي وشلته القمعية من أوائل من هضمهم اياها، وبما إن لكل معركة أسلحتها فأنزل "صاحب المعالي" السابق أدوات المعركة من سيارات مدرعة وقوات مكافحة الشغب وعناصر الشرطة وقوى الأمن، مسلحا اياهم بالرصاص الحي والمطاطي والقنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه، وأعطى أوامره بالإنقضاض على جموع "الخونة" و"المأكورين" و"المدفوعين" من قوى خاركية ضد نظام "العدالة والحرية" في ظل حكم سيادة "الريس" محمد حسني مبارك. فقامت قوات الوزير المقال من الشرطة - لقمع الشعب والأمن - لتأمين النظام ، بخوض غمار صولات كر وفر مع العزل إلا من الحجارة ( في مشهد يذكر بأنتفاضة الحجارة) في شوارع وكوبريهات وحواري قاهرة المعز والمحروسة عموما، مستخمدة كل ما طالتها أيديها من الأسلحة سالفة الذكر وركبت أعلى ما في خيولها، في غزواتها ضد "العيال المشاغبين" - "بتاع النت" فابتدأت بخراطيم المياه ومرت بالرصاص الحي والجمال والأحصنة والبغال وحتى الدهس "بالعربيات" والله أعلم أي سلاح سينهي "المعركة"..؟

ومع إستمرار جموع الشعب الثأر في تظاهرها وإصرارها على حقها في التعبير عن رأيها المعارض للنظام - رئيسا وهيكيلة ومنهجية - ومع تزايد الإعداد وكسرها حاجز الخوف رويدا رويدا، فما كان من "فرسان" الداخلية و"ركالة" العادلي إلا إن فروا (في مشهد يذكرنا بفرار البعثية الأنجاس بملابسهم الداخلية عام 2003) تاركين الميدان للشعب يشاركه الجيش السيطرة عليه.

وبعد إن باشرت الحكومة الجديدة - حكومة الوقت الضائع - اعمالها وما رافق ذلك من سلة "وعود الإصلاحات" و"التنازلات الجزئية" كان لا بد من قرابين يضحي بها النظام كي يمتص من خلالها شيء من النقمة الشعبية، محاولا رسم صورة جديدة عنه في عيون شعبه الثائر عليه، صورة النظام الذي يحارب الفساد في هبة واحدة مبتدأ بالحيتان و"الروس الكبيرة" وخير دليل على هذه "الكدية" التضحية بالرجل الأقوى في "الحقبة السابقة" وهو وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي وجعله شماعة يعلق عليها النظام كل مساوئه من الفساد والمحسوبية والقمع والإثراء المشبوه .... إلخ فيسدل النظام الستار على تلك "الحقبة السوداء" بحاكمة وزير أو وزراء، وكأن هذا الوزير أو ذاك كان يدير وزارته وفق رؤية شخصية أو فردية تتعارض وسياسة ومنهجية الحكومة خصوصا وسياسة ومنهجية النظام ورئيسه عموما! 

لكن كما يقال (لكل زمان دولة ورجال)، يردد لسان حال النظام المصري على نفس النغمة "لكل مرحلة رجالها وكبش فدائها" الذي يتوجب عند الضرورة التضحية بهم كورقة محروقة ووجوه مستهلكة لن يأسف عليها أحد .. فبعد إن إستنفذ النظام "طاقاتها" وأستغنا عن خدماتها "لضرورة المرحلة" ومواكبة "العهد الجديد" ينحرهم بسهولة دون إن يرمش له جفن ويشارك الناقمين عليهم بعدم التأسف على مصيرهم.

وما اللواء حبيب العادلي واحمد عز ووزيري السياحة والتجارة السابقين إلا خير مثال على مرحلة يراد إظهار انقضائها، ببدء أخرى، فكانوا أكباش الإنتقال بين المرحلتين .. واللواء العادلي هو أول كبش فداء لإستمرارية النظام.

فالى مزبلة التاريخ كل طاغية صغيرا كان أم "كبير" فكلهم إلى نفس المصير.


08.02.2011
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter