| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الجمعة 8/7/ 2011                                                                                                   

 

البحرين وحوار الطرشان

مصطفى الأدهم *

لن يأتي، "الحوار الوطني"، الجاري الأن في البحرين المحتلة من السعودية، بجديد يذكر على صعيد حل الكثير من الأزمات التي تعاني منها البحرين الدولة. المجتمع. المنظومة السياسية. والنظام القمعي الحاكم.
و ´النواة السببية´، التي تدور حولها بقية الأسباب، هي، فقدان الثقة المتبادل بين أطراف الحوار. فالمعارضة، من جهة، ومعها غالبية المجتمع البحريني، لا تثق بالحكومة القمعية. وبدورها، الحكومة، لا تثق بشعبها ولا بالمعارضة الممثلة لهذا الشعب.

أن "الحوار" الجاري اليوم، في المنامة، بني على نفس قواعد اللعبة الطائفية السابقة/اللاحقة. أي وسع حكوميا عن قصد. والقصد الحكومي، خبيث. ومكمن الخبث الحكومي، طائفي. ومن مظاهر طائفيته، الإتيان بكل ما هو ممكن من الجهات والاشخاص، وحشرهم في هذا "الحوار"، ضد فريق المعارضة الواحد، فتكون المعارضة الممثلة للغالبية، أقلية، في جلسات هذا "الحوار". فيفقد صوتها بريقعه، أقلها من ناحية الترويج الإعلامي الرسمي وحلفائه، فيتم اظهار المعارضة بمظهر غير الراغب بالحوار، أو المعرقل للحوار، أو المفشل للحوار، أو غير المحترم لرأي المزور من "أغلبية" أعضاء "الحوار" .. ألخ.. من الأسطوانية المعروفة.
وبعد ذلك تلعب الحكومة مع موالاتها التي تدير دفة "الحوار" من جهة، وتشكل غالبية اعضائه من جهة أخرى، أقول تلعب الحكومة مع موالاتها، ´لعبة التصويت´ على المقرارات والتوصيات، مما يعني قبر مطالب الشعب البحريني التي قدمتها المعارضة، ورفع مطالب "اللوكية" من الموالاة. وهذه جريمة اغتصاب بحق مبدأ التصويت.

من زاوية أخرى، فأن أنعدام النية الصادقة عند النظام الحاكم في البحرين وحكومته الطائفية، يشكل حجر عثرة، بل قل جبل عثرة، في وجه النهاية السعيدة لهذا "الحوار". فكيف يصدق الشعب المقموع، ان للنظام القمعي الحاكم نوايا صادقة للحوار و الحل لمطالبه الشعبية المشروعة، في الوقت الذي لا زالت فيه البحرين محتلة سعوديا!! - ولم تخرج كامل قواتها بعد؟!
يوازي ذلك، استمرار وصلة الردح الطائفي الإعلامي، التي يمارسها لوكية الموالاة الطائفية في البحرين، مع استمرار جريمة الإغتصاب الإعلامية التي يمارسها بالدرجة الأولى الإعلام السعودي وبقية "الأشقاء" ضد الثورة البحرينية. وتغييب، بل تشويه رأي، ومطالب المجتمع البحريني المعارضة، المقموعة؛ عسكريا، واعلاميا.

أن الغاية المرجوة، من هذا "الحوار" - الذي هو، في الحقيقة، منتدى، كما وصفه أحد قيادات المعارضة. وازيد على وصفه، أنه منبر، لمدح طائفية النظام وقمعيته. غايته، تمييع، واحتواء، مطالب الشعب والمعارضة. وإيصال رسالة من النظام للخارج، تقول، "شوفوا، ترة احنة دنشتغل وخوش ولد، عدنة حوار وطني. لتوافق وطني. ولجنة تحقيق. وكلشي عال العال. فلا تكولون احنة مو ديمقراطيين. اوكي عمو سام؟ اوكي أبو ناجي؟"
واما المتبقي من الأسباب، فهي:
العمل على إضفاء الشرعية على النظام، عبر اظهار، الخيانة الوطنية، بمباركة، الإحتلال السعودي الطائفي. والدور على رداحة النظام، لإضفاء هذا المفقود من الشرعية، على كل من النظام وراعيه المحتل.

فأي حوار وطني، في ظل قوات احتلال. احتلت البلد لقمع شعبه، وفق أجندة طائفية مقية. وهل يسمح المحتل السعودي والراعي للنظام الحاكم، بتمرير مطالب الشعب البحريني أو اقرارها ولو جزئيا؟! وهو النظام الذي لا ينظر للأمور إلا من زاوية طائفية متعفنة. فكيف يستقيم الحوار، والنظام تراجع عن ما سمي ب´مبادرة ولي العهد´ وما فيها من نقاط! وقيادات المعارضة يفترشون السجون، وفقا لأحكام قرقوشية هزيلة. والحبل على الجرار، في مسلسل المحاكمات غير العادلة للمعارضين.
بما يتعارض مع أبسط مباديء حقوق الإنسان، وحرية التعبير عن الرأي.. حيث يحاكم البحريني عسكريا بتهمة ارهاب باطلة لأنه حمل وردة وسار بلافتة تقول ´كلا لظلم النظام´ .. و´سلمية سلمية ... لإرجاع الحقوق الشعبية المنهوبة من النظام´!

أية نهاية ترتجى لهكذا حوار، والتجنيس الطائفي لتغير التركيبة الديموغرافية يمثل خطا أحمرا لكل من النظام الطائفي وراعيه التكفيري. ولن يتم أيقافه. ولن يقبل النظام وراعيه، أن يتم ايقاف استيراد الميليشيات الأمنية من الخارج، لقمع الشعب. أو خروج قوات الإحتلال السعودية الطائفية. أو أخراج معتقلي الرأي والسجناء السياسيين. وايقاف المداهمات للمنازل. وايقاف تهديم المساجد ودور العبادة. والتعدي على الأعراض. والكوادر الطبية. وتسريح الموظفين. وتغير قانون الانتخابات الصورية الفاشي، المصمم على المقاسات الطائفية للنظام الحاكم، فيأتي بأقلية نيابية لأغلبية ناخبة، واغلبية نيابية مزورة لأقلية ناخبة !
النظام، لا يريد الإعتراف بوجود أزمة حكم حقيقية في البحرين لها تبعاتها الإجتماعية، وانعكاساتها المذهبية نتيجة طائفية سياساته. وعليه، لا ينتظر من هكذا نظام طائفي، بنواياه غير الصادقة، أن يقبل بملكية دستورية، وحكومة منتخبة، وقانون انتخابي عادل للصوت الواحد، أو أن يوقف التجنيس الطائفي، والتعيين الطائفي، أو يلغي سياسية الحرمان الطائفية التي تميز في الإنماء بين المناطق، أو يزيد من صلاحيات مجلس النواب كي تكون نيابة حقيقية لا صورية، أو أن يلغي مجلس الشورى المعين والمهيمن على البرلمان الصوري الموالي عدا المعارضة التي لا تستطيع وفقا لقانون الإنتخاب، ألا أن تكون أقلية نيابية....

في ظل هكذا نظام قمعي، وتحت راية هكذا احتلال تكفيري، ومع هكذا حكومة أزمة تحتل العائلة الحاكمة وحدها أغلب مقاعدها، ومع استمرار غياب النوايا الصادقة من قبل النظام، وغلوه في سياساته الطائفية والقمعية، ليس هذا المزيف من الحوار، الجاري الأن، إلا حوارا حقيقيا للطرشان. لن يترتب عليه شيء ذو قيمة استراتيجية، لأن النظام وراعيه، قد اوصدوا باب السمع عن مطالب الغالبية الشعبية المعارضة. وما وجود المعارضة في جلساته إلا كمثل الطير الذي يغرد خارج سرب النظام الطائفي.


 

08.07.2011
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter