| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الأحد 6/2/ 2011

 

قاهرة المعز: مبارك انا لست بن علي.

مصطفى الأدهم *
mt.alad@yahoo.com

جاء الخطاب الثاني لحسني مبارك اليوم في سياق المتوقع منه لجهة اظهاره العناد والإعتتاد بالذات والتشبث بالسلطة إلى الرمق الأخير، في تجاهل واضح لإرادة شعبه المطالب برحيله.
كما ارسل مبارك من خلال كلمته المسجلة رسائل عدة بأتجاه الشارع المنتفض تمايزت بين الإهانة والتحذير والوعود مع تنازلات جزئية.
الإهانة كانت عندما نعت المتظاهرين باللصوصية والتخريب والنهب والسلب، وأظهر شعبه وكأنه إلعوبة في يد الخارج وبعض من قوى الداخل.

ولكن كيف يستقيم هذا الطرح والخارج الإقليمي والدولي هو حليف إستراتيجي لمبارك ونظامه!
وأي من قوى الداخل السياسية تملك هذا الرصيد الشعبي المليوني كي تجيش الشارع لعدة أيام على إمتداد رقعة جغرافية واسعة؟
فهو بذلك أي مبارك يعترف ضمنيا و"مجانيا" بشعبية كاسحة لمعارضيه، لم تجرء أي قوة سياسية معارضة الإدعاء بها.
وأن دل هذا على شيء انما يدل على خرف سياسي واضح بات يعانه مبارك. فهو من جهة يذم الشارع وبعد لحظات يمتدحه ويعترف بشعبوية و"عفوية" المظاهرات وأحقية مطالبها ومن ثم يصورها وكأنها محركة من قبل قوى سياسية "مغرضة". فأي تناقض هذا؟

أما التحذير الذي اشتملت عليه كلمته، كان مفادها إن الجيش معه (على الأقل إلى الأن) حينما قال إنه إبن المؤسسة العسكرية واحد ابنائها. وبما إن الجيش هو من يسيطر عمليا مع "الشعب" على الشارع والمفاصل الحيوية، فأن مبارك يلوح ضمنا بأمكانية لجوئه إلى حسم الموقف عسكريا إن تطلب سير الأحداث ذلك.

أما والوعود والتنازلات، فمثلها إعلانه المتأخر والذي بات في حكم الواقع عن عدم ترشحه للإنتخابات القادمة. ولكن ليس نزولا منه عند رغبة الشارع، بل لكونه هو من لم يفكر "أبدا" في ذلك - وهذا ما يتناقض مع سالف التلميح والتصريح منه لأمكانية أعادة ترشحه لتلك الإنتخابات.
إما المضحك من "التنازل" فكان توجيهه للبرلمان بقبول الأحكام القضائية في الطعون على نتائج الإنتخابات وهي ذات الأحكام القضائية التي ضرب بها مبارك ونظامه وحزبه عرض الحائط منذ تاريخ صدورها وقبورها في مهدها.  

أراد مبارك من خلال خطابه هذا إعادة التأكيد على إنه هو "المايسترو" وحده دون غيره، ولا شريك له في حكم مصر، فهو يهين الشعب، يقرع المعارضة، يمشي الحكومة، يوجه البرلمان، يأمر القضاء، ويطالب الأمن والشرطة ويحرك الجيش ويتوعد المتظاهرين بالمحاكمات حينما اسماهم بمثيري الشغب، ومن ثم يردف على إنه من سيشرف على ترتيبات الإنتقال "السلمي" للسلطة. وكأنه طرف محايد ذو مصداقية وشرعية لا ينازعه عليها أحد! 

الظاهر إن مبارك يعيش أزمة كرامة (لا يريد تكرار تجربة بن علي) فهو مستعد للدوس على كرامة شعبه إن كان ذلك يحفض له كرامته، وما إطرائه على سيرته الذاتية إلا دليل على ذلك، فهو يستحضر ما يعتقد هو بأنه من أمجاد ماضيه كي يستنجد بها في ستر عيوب حاضره ويتكيء عليها لتأمين "مستقلبه" عبر خروج يريده هو إن يكون مشرفا من السلطة، يرسم ملامحه هو وحده ويضع له السيناريو الذي يتلائم مع مكانته "كرجل دولة ذو انجازات"، كي لا يقال إنه رضخ لضغوط من هنا أو خضع لأخرى من هناك.
ولسان حاله يقول (اني أفضل إن يقال عني الرئيس السابق على أن يقال الرئيس المخلوع).
لذلك تراه ماضي في مقامرته، غير مكترث بالإرادة الشعبية والنصائح الدولية له بالخروج بشكل أمن من السلطة. مصرا على عدم التنازل عن عرشه لا لنائبه ولا لغيره، "واللي مش عاكبو يروح يبلط البحر".. "انة عائد على ألبكم .. وأعلى ما بخيلكم اركبوا"..
فهل ستكذب "المية الغطاس"..؟

هذا ما سترينا اياه الأيام القادمة. خصوصا إن رد الجموع المتظاهرة كان فوريا على خطاب مبارك "الشعب يريد إسقاط الرئيس".


01.02.2011
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter