| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الأربعاء 6/4/ 2011                                                                                                   

 

قاهرة المعز: الوفد يشهر إسلامه والإخوان برئاسة قبطي!

مصطفى الأدهم *

أستوقفي وانا أقوم بجولتي اليومية على الصحف والمواقع الإخبارية، خبر غريب في فحواه ومهم في مغزاه. مصدر الخبر من قاهرة المعز، والناقل له هي صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية اللندنية. حيث قالت الصحفية في عددها (11813) والصادر بتاريخ 04.04.2005, ما نصه:
"ففي الوقت الذي أعلنت فيه جماعة الإخوان المسلمين موافقتها على أن يترأس مسيحي رئاسة حزب ´الحرية والعدالة´ الذي تعتزم الجماعة أنشاءه

. وتراجع موقفها السابق في 78 الأقباط والمرأة في الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية، أعلن حزب ´الوفد´ المصري تمشخ بمباديء الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسي للتشريع، وكما أعلن رفضه ل´العلمانية التي تنادي بفصل الدين عن الدولة´". انتهى.

أعتقد الأن وبعد نقل الخبر سوف يشاطرني القاريء الكريم غرابة فحواه واهمية مغزاه. فأذا ما قمنا بتشريح الخبر وفق القاعدة الصحفية المعروفة بال-"& 1 H 5 Ws" ... فسنرى التالي:

 الزمان: هو ما بعد الثورة المصرية التي اطاحت بالرئيس المصري السابق حسني مبارك، نفس هذا الزمان يقترب كل يوم خطوة نحو انتخابات رئاسية ونيابية قادمة. مما يعني إن كل الأحزاب والجماعات والشخصيات راغبة وطامحة في خوض غمار هذه الانتخابات بل و"اكتساحها" عبر الفوز الأولي بأكبر قدر ممكن من رضا الناخبين، والذي يعني عمليا الفوز فيما بعد بأصواتهم. والشاطر أكثر سيربح أكثر. والشطارة هنا هي "البراغماتية" - العملية أو بكلمات أخرى هي التناغم مع ´نبض الشارع´ بدغدغة مشاعره.

واما من المعني, فهم:
أولا جماعة ´الإخوان المسلمين´ المحظورة سابقا (رغم استمرارها في العمل وبشكل علني حتى سقوط الرئيس المخلوع مبارك) أعلنت عن عزمها وبعيد انتصار الثورة المصرية على انشاء حزب جديد، تشارك من خلاله في الحياة السياسية المصرية، "بحلة جديدة" تريد من خلالها الجماعة تبديد الصورة النمطية التي دأب نظام مبارك على رسمها عنها ومحاولة ترسيخها في العقل الجمعي في الداخل المصري أو الخارج الإقليمي والأهم الدولي، من أنها جماعة تمثل تهديدا وتميل الى العنف، والتفرقة الطائفية (المسألة القبطية)، وتشكل تهديدا على المجتمع ومصالح المجتمع الدولي في مصر. وبما أن للجماعة تاريخ معروف في ممارسه العنف سواء في مصر أو خارجها، يضاف إلى مواقفها المعلنة من رئاسة القبطي أو المرأة للجمهورية. فأرادت الجماعة بأعلانها الجديد والوارد في الإقتباس أعلاه، أن تبدد تلك الصورة النمطية المأخوذة عنها، واستبدالها بصورة جديدة أكثر انفتاحا وتقبلا للأخر والركون إلى الحوار (نموذج حزب العدالة والتنمية التركي)، مما يبدد مخاوف المجتمع الدولي ويحرج المخاصم الإقليمي ويطمئن هواجس المجتمع المصري من بعبع الدولة الدينية - "الثيوقراطية" فيما إذا ما وصل الإخوان إلى السلطان.

ثانيا حزب "الوفد": فهو أحد أقدم واعرق الأحزاب المصرية، ذو التوجه العلماني والليبرالي والذي يرفع شعار "الهلال والصليب"- دلالة الوحدة الوطنية وعدم تدخل الدين في الدولة. يبدو أن أكبر الأحزاب "العلمانية سابقا" قد أشهر مؤخرا "اسلامه السياسي" وتنازل عن "صليب شعاره" المرفوع منذ سنين، وذلك من أجل مجاراة "نبض الشارع" والتلاقي مع "مزاجه" ومنافسة "جماعة الإخوان" في عقر دارهم وشارعهم "الإسلامي". وهذه تعد "براغماتية"- جديدة في العمل السياسي العلماني من أجل استقطاب أكبر قدر ممكن من الناخبين!

وأما المكان: فهي قاهرة المعز، حيث تشهد تباري خصوم الأمس أصدقاء ثورة اليوم، على كسب ود الشارع كما قلنا، وهي المدينة والبلد التي تشهد الأن وبفعل افرازات الثورة ولواحقها، تلاقحا للأفكار ، مع مخاضات ونقاشات وحوارات مستمرة ومختلفة بين مختلف الفصائل والشخوص ، حول مستقبل وشكل ودور ونظام حكم "مصر الجديدة". فتأثير المحيط المكاني له وقعه في اختمار هكذا قرار من قبل "الإخوان والوفد".. يضاف إلى تأثير بقية العوامل.

أما حول ماذا - فهو فحوى الخبر المنقول أعلاه.

واما لماذا؟
 فهي وبكل بساطة "الحلة الجديدة" لجماعة الإخوان في زحفهم نحو السلطان ، وفي المقلب الأخر هي "الطلة الوليدة" لحزب الوفد في تكتيكه الجديد لإستقطاب أكبر عدد ممكن من الناخبين. فكل ينافس الأخر في عقر داره وشارعه من أجل الحصول على دعم الشريحة الأكبر من المجتمع. 

واما في ما يخص السؤال حول كيفية حصول فحوى الخبر:
فالإجابة وبكلمة هي - البراغماتية - التي يبدو إن كل "الإخوان والوفد" قد تحلى بها من أجل "عين الصندوق الإنتخابي" - فهم أي "الإخوان والوفد" يعتقدون بان نقطة ضعف الأولى هي الشريحة الليبرالية والعلمانية مع الأقليات الدينية (الأقباط) والمرأة ومن أجل عذوبة "الصوت الإنتخابي" لتلك الشرائح، خلع الإخوان الطربوش، وتلقفوا "الصليب المخلوع" من شعار حزب الوفد بقبولهم برئاسة القبطي لحزبهم القادم، لا وبل الجمهورية! وليس هذا فقط بل أن "سلة التنزيلات" شملت القبول بالنظر بترشح المرأة لرئاسة الجمهورية! فأن كانت هذه استراتيجية اخوانية - فأنها نقلة فكرية نوعية في منهاجهم - تستحق التوقف والتأمل.

وان كانت مجرد تكتيك - فأنها ستكون "صفحة وتعدي" - مع ضعف الثقة بينهم والمتلقي. والأمر يسري على حزب الوفد الذي أشهر بدوره "اسلامه السياسي" وتلقف الطربوش الذي خلعه الإخوان. في مشهد ل"تبادل الأدوار" بشكل مثير للفضول وكما قلنا للتوقف والتأمل.
والسؤال المهم هنا، هل يعد هذا قفزة في المنهاج ونقلة في التفكير - "استراتيجية" - ام إن الأمر لا يعدو كونه تكتيكا مرحليا لمقتضيات "المصلحة الإنتخابية العليا"...؟!
هذا ما ستجيب عنه قادم الإيام في قاهرة المعز و "ويا خبر بفلوس بكرة يبئة اببلاش"
 

06.04.2011
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter