| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الأحد 6/2/ 2011

 

قاهرة المعز من فرعون إلى نيرون

مصطفى الأدهم *
mt.alad@yahoo.com

بات جليا إن حسني مبارك لن يغادر سدة الحكم ولن يتنازل كما اسلفنا أمس عن عرشه لا لنائبه ولا لغيره.
ولم يكتفي في كلمته المسجلة الثلاثاء بإهانة كرامة شعبه عبر نعته المتظاهرين باللصوصية والتخريب والسلب والنهب، وتهديده اياهم بالمحاكمات القادمة لمن اسماهم بمثيري الشغب وتحذيره من الفوضى والمجهول.
بل إنه اليوم إتخذ خطوة عملية إلى الإمام لجهة تنفيذ تهديده ووعيده لكن ليس عبر سياق المحاكمات وانما من خلال أساليب رجال العصابات.
وذلك بالهجوم المسلح لأنصاره على الجموع المنتفضة سلميا ضده في ميدان التحرير.

إن هجوم مؤيدي مبارك اليوم لم يكن عفويا بل أعد له سلفا وفق خطة منظمة لتشتيت المتظاهرين والقضاء على انتفاضتهم عبر ارهابهم بمشهد الجمال والأحصنة والبغال الذي شاهدناه حيث قام بلطجية الحزب الحاكم وبالتعاون مع رجال الأمن والشرطة السرية بأستخدام الأسلحة البيضاء وإلقاء قنابل المونتوف على مناهضي الفرعون ونظامه في إشتباك غير متكافيء قد يولد شرارة حرب أهلية إن إستمر الحال على ما هو عليه من تصعيد يرافقه حياد للجيش وموت سريري لحكومة الوقت الضائع وصمت القبور من "الرئيس" الذي تحدث عن "امانة" امن الشعب والوطن التي لن يتخلى عنها! 

لقد كانت كلمة مبارك الثلاثاء بمثابة ساعة الصفر للإنتقال إلى المرحلة الفوضى الخلاقة وكلمة السر كانت حينما وجه الشرطة كي ترجع إلى الشارع وأن تكون في "خدمة الشعب"، وهي الخدمة التي شاهدها العالم أجمع عبر الأثير من حرق وقتل وبلطجة قام بها رجال الشرطة في خدمة النظام.

إن لجوء مبارك إلى سياسة الفوضى الخلاقة ما هي إلا مقامرة جديده منه تضاف إلى اخواتها، يريد خلالها إن يستثمر في المواجهات الشعبية ويتذرع بها كحجة "مقبولة" دوليا وداخليا للمطالبة الفعلية بإنهاء الإنتفاضة، لفض الإعتصامات عبر بوابة "حفض السلم الأهلي" وبذريعة مفادها إن الأمر لم يعد مقتصرا على حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي بل تعداه إلى مصادمات دامية وتخريب قد يولد شرارة حرب أهلية. وقد انطلت هذه الحيلة المفضوحة على البعض الذي راح يصرخ مسرعا معلنا قبوله بقاء مباركو على الدخول في "حرب أهلية" وأن إعترف في نفس الوقت إن هذه المقاربة وهذه النتيجة هي الهدف الذي يتوخاه النظام من خطته المنهجية لحسم المعركة لصالحه وبأي ثمن كان.

إن مبارك اليوم قد إنتقل من المرحلة الفرعونية إلى النيرونية مستحضرا من التاريخ الأسود لذلك الإمبراطور المجنون، مشهد حريق روما الشهير عام 64 ميلادي، عندما بدأت النيران من القاعدة الخشبية للسيرك الكبير واخذت تلتهم أحياء المدينة تباعا، وبينما كانت النيران تتصاعد والأجساد تحترق وسط صراخ الضحايا كان نيرون جالسا في برجه يتسلى بمنظر الحريق وبيده آلة الطرب ويغني أشعار هوميروس التي يصف فيها حريق طروادة.

وهذا ما فعله مبارك الأربعاء باكتفائه الجلوس في قصره دونما أدنى تدخل (ولو من باب رفع العتب) وهو يشاهد ميليشياته حزبه وبلطجيته يلقون قنابل المونتوف على الحشود المتظاهرة والمتحف المصري لاحراق ميدان التحرير وسط القاهرة الذي يفترض ان يكون تحت حماية قوات الجيش.


02.02.2011
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter