| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الأثنين 6/6/ 2011                                                                                                   

 

الجزيرة والرأي الواحد في البحرين

مصطفى الأدهم *

بدأت قناة "الجزيرة" القطرية بالتعريج على الشأن البحريني مجددا وان على استحياء. وذلك منذ أن رفعت حالة الطواريء التي كانت مفروضة في المملكة الصغيرة بعيد دخول القوات السعودية المحتلة لها تحت غطاء "درع الجزيرة".
عادت الجزيرة إلى ´شبه التغطية´ للشأن البحريني بعد انقطاع متعمد يدخل في خانة التعتيم الإعلامي المقصود والذي أصبح مفضوح. حيث تم انتقاد الجزيرة على عدم الحيادية واللامهنية الإعلامية التي تعاطت بها القناة مع الثورة السلمية لشعب البحرين. فكان التشويه الإعلامي ماركة مسجلة بأمتياز. ولم نعد نلمس فرقا بين تغطية ضرتها قناة "العربية" الموتورة وبين تغطية "فضائية الثورات" - الجزيرة؟!
بعد أن كان الفرق واضحا بين تغطية كل منهما للثورة في تونس واتسع أكثر في الثورة المصرية. حيث انحازت الجزيرة للثورة منذ بدايتها على عكس العربية، حيث علاقات المالك السعودي استرايجية مع الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، بينما كانت تعاني من الفتور وشبه العداء المزمن مع مالك الجزيرة القطري.
إن الثورة السلمية للشعب البحريني كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر بعير الجزيرة، لأنها تراجعت بشكل علني عن "ثوريتها" وراحت تتبارى مع العربية على براعات الإختراع في مجال التشويه الإعلامي للثورة البحرينية. وفازت الجزيرة في المبارة كونها عارضت ما تدعيه على نفسها من كونها "قناة الشعوب" و "نصيرها" تجاه الأنظمة الإستبدادية و احد الطرق لإيصال صوتهم المطالب بالحق في الحياة الكريمة. لكن هذه الأخيرة ليست من حق الشعب في البحرين من وجهت نظر كل من الجزيرة وضرتها العربية.
أن قناة "الرأي والرأي الأخر" - حرقت شعارها المزعوم هذا منذ تغطيتها العمياء للشأن العراقي. وزادت من طين عماها بلة حينما وصل الأمر للبحرين المحتلة.
والأن وبعد العود اللأحمد لتغطية الجزيرة للشأن البحريني اجترت القناة مجددا سياسة التشويه الإعلامي المقصود. حيث تتعمد اللعب على وتر الكلمات في طريقة صياغة الخبر وهو ما لا تفعله مع تغطية أحداث أخرى في بلدان أخرى يفترض أن شعب البحرين له نفس حق تلك الشعوب!
فحين تقول الجزيرة مثلا في صياغة خبر عن تعرض بحارنة عزل بمجلس عزاء إلى قمع مصور من قبل الميليشيات المستوردة للنظام الإستبدادي الحاكم في البحرين، تقول الجزيرة على لسان مذيعها قبل عرض الفليم الذي يظهر القمع "تعرض المواطنين إلى ما قيل أنه قمع من قبل قوات الأمن" وبعدها تعرض القناة "المحترمة" كليب يظهر بشكل جلي كيف أن مرتزقة النظام الحاكم في البحرين بدؤا باطلاق قنابل الغاز المسيلة للدموع بشكل  مفاجيء، مباشر، ومكثف على الناس في الحي السكني، وسط حالة من الهلع والصراخات انتابت سكان الحي. مع استمرار مرتزقة نظام قائم مقامية الإحتلال السعودي بأطلاق قنابل الغاز بشكل همجي من أجل خنق أكبر عدد ممكن من الناس.
ورغم أن الكليب يظهر كل هذا وبشكل واضح إلا أن القناة "الثورية" لم تجد في قاموسها المهني كلمة مناسبة لوصف الحدث (مضمون الشريط المصور) إلا "ما قيل أنه قمع" وكأن الأمر عبارة عن باقات من الورد قامت مرتزقة مليشيات النظام برميها على ساكني الحي العزل, و أن العزل افتروا على الورود الملقاة عليهم, واسموها, بالقمع وقنابل الغاز المسيلة للدموع!؟
وبعد عرض الشريط المصور استضافت القناة عبر الهاتف من المنامة السيد ناصر الفضالة عضو ´جمعية المنبر الإسلامية´ الموالية للنظام الطائفي في البحرين، حيث بدء الرجل وهو غير المعني بتمثيل المتظاهرين، بدء بوصلة الردح الطائفي المقيت ضد شعب البحرين. وهذه سقطة اعلامية مهينة للجزيرة, أن تستضيف مخاصم لمن يعنيهم أمر الشريط المصور، حيث حرمتهم من عرض وجهة نظرهم.
ولم تكتفي بتشويه مضمون الشريط والتشكيك به، فاستضافت من يشوه وطنية المقموعين في ذلك الشريط المصور وبنفس الوقت تمجيد قمع الميليشيات الأمنية المستوردة للنظام! 
وفي سياق نفس النشرة قامت قناة "المقاومة" بنشر خبر عن الشأن العراقي، حيث قالت "عن تعرض اليات أمريكية إلى عملية من قبل أحدى التنظيمات المسلحة" وعرضت الشريط واردفت أنه لم يتسنى لها التأكد من صحته من مصدر موثوق! - فالجزيرة هنا تعرض كليب لمجموعة ارهابية في العراق لكنها تقف على "الحياد الإيجابي" منه فتقول فقط أنه لم يتم التأكد من صحته، كي لا تدخل في "سين وجيم" مع قاعدة العديد المجاورة، لكنها في نفس الوقت لم تلجأ إلى الطعن غير المباشر في صدقية محتواه وتركت الحكم للمتلقي. على العكس من ذلك ومع الفرق في مضمون الكليب, في الشأن البحريني فأن الجزيرة لجاءت إلى الطعن بمحتوى الشريط عبر قولها "ما قيل أنه تعرض المتظاهرين إلى القمع من قبل قوات الأمن" وهو ما يظهره الشريط ´بلسان عربي مبين´!
من هنا تتجلى لنا  أكثر فأكثر صورة الإنحياز الإعلامي الصارخ الذي تنتهجه الجزيرة في تغطيتها الإنتقائية للأحداث وصياغتها المشوهة للأخبار. فهي والحال هذه تكيل بمكيالين، أولهما انتهازي وثانيهما طائفي، حينما تنحاز لشعب ما على حساب أخر.
فمنذ تغطيتها للشأن العراقي وتشويهها المروج للإرهاب والبعث الفاشي ووصولا للثورة البحرينية المقموعة، أصبحت الجزيرة عربية أخرى برأي واحد فقط لا أخر له، وهو رأي النظام الطائفي الحاكم وراعيه نظام الإحتلال السعودي للبحرين.
فدفنت الجزيرة شعارها المحروق "الرأي ... والرأي الأخر" .. وأستبدلته بشعار جديد "الرأي الواحد عندما تقتضي المصالح الطائفية "...


 

06.06.2011
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter