| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الأثنين 2/5/ 2011                                                                                                   

 

وسقط صنم الإرهاب بن لادن..

مصطفى الأدهم *

واخيرا وبعد طول انتظار ، سقط اليوم صنم الإرهاب أسامة بن لادن غير مأسوف عليه، بعد عملية نوعية لجهة دقة المعلومة الاستخبارتية ونجاح التصويب على الهدف - المشترك للإنسانية جمعاء ولكل ضحية من ضحايا الإرهاب الذي كان بن لادن أحد وجوهه السوداء.
اليوم وبعد أكثر من عقد كامل من المطاردة والتخفي ´المضاد´ نجحت قوة أمريكية خاصة بقتل زعيم ومؤسس تنظيم القاعدة الإرهابي المجرم أسامة بن لادن ، حيث تمت العملية في مدينة آبت آباد الباكستانية ، حيث القصر ´الجديد´ والمحصن والذي بني خصيصا له ويعود تاريخ بنائه إلى العام 2005 !! ويقع في مدينة ذات بعد أمني واضح ناهيك بعد عسكري استراتيجي له أهميته ورمزيته ، حيث مدينة آبت الباكستانية ، تقع على بعد لا يزيد عن 60 كيلومتر من العاصمة اسلام آباد ، ويقع في آيت آباد مؤسسات عسكرية وامنية منها أكاديمية عسكرية معروفة ومعسكرات تدريب يضاف لها مساكن العديد من منتسبي السلك العسكري الباكستاني، واغلب المدارس المتواجدة في المدينة تعود إلى الجيش الباكستاني - وهذه مفارقة أكثر من غريبة بل أقل ما يقال فيها انها مريبة !
ففي هكذا مدينة ذات خلفية أمنية أشبه ما تكون ب"ثكنة" عسكرية مفتوحة ، نجد الإرهابي بن لادن واسرته وافراد حمايته يسكنون فيها ، في منزل ، وصف كما أشرنا بالقصر ، يقع مقابل مؤسسة عسكرية ، والمنزل المستهدف كان خالي من الإمدادات الإليكترونية والكهربائية ورغم ذلك لم يظهر الريبة! ولا الشك! - في منطقة يتم مسحها أمنيا بين الفينة والأخرى ؟ مما يعزز ما كانت تدعى مزاعم عن دعم الإستخبارات الباكستانية أو بعض أجنحتها لإبن لادن وتنظيمه الإرهابي.
ومن خلال القراءة الأولية لعملية قنص بن لادن الناجحة يتبين الأتي:

1. تدعيم الصورة شبه النمطية "السابقة" عن أن باكستان هي الملاذ الأمن للإرهاب والارهابين - الكبار منهم والصغار. واحراجها داخليا ودوليا.
لكون الأمر اختراق مني لا يمكن التقليل من شأنه ، حيث وصل زعيم الإرهاب العالمي إلى مشارف العاصمة الباكستانية ويسكن في قصر محصن أو مجمع أمني في مدينة عسكرية دونما "خوف" ، والإحراج الداخلي الثاني للحكومة الباكستانية يتمثل في "سماحها" لقوة أجنبية وان كانت صديقة لها في "اختراق السيادة" الوطنية برا وجوا ، وهذا سيضع الحكومة في اسلام أباد في مواجهة مع القبائل والنتزيمات والحركات الإرهابية والمتشددة الداعمة لها ، مما يولد احتمال شن الهجمات الإرهابية في الإيام القادمة أو الإنتظار إلى عمليات نوعية.

2. تقوية المؤشر على وجود تواطيء باكستاني - رسمي أو شبه رسمي - مع الإرهاب و"كبار" رجاله. و أ لا كيف يمكن اعطاء تفسير منطقي يقنع المتابع أن الأجهزة الإستخبارية والأمنية الباكستانية لم تلاحظ ولم تلحظ ولم تشم ولم تسمع ولم تشك بوجود شيء ما يمكن الإشتباه به في هذه المنطقة ذات البعد الأمني!
وهذا ما يعزز بدوره "النظرية" القائلة بوجود تعاون استخباري باكستاني مع كل من بن لادن ، القاعدة من جهة وحركة طالبان باكستان وافغانستان، يصل حد الحماية والرعاية. وهذا ما سيصعب على باكستان نفيه ناهيك عن اقناع خصومها، واشدهم الخصم التقليدي والجارة اللدودة الهند، حيث صرح وزير داخليتها اليوم تعقيبا على الخبر بأن باكستان هي الملاذ الأمن للإرهاب.

3. فشل عملية "التخفي البدائي" التي مارسها بن لادن. وان كان لها نجاحها الطويل نسبيا لكنه ظل وقتيا وغدا اليوم من الماضي ما يدل على فشله. وفي المقلب الأخر نجاح العمل الأمني "الكلاسيكي" المسمى بتعقب العنصر البشري. حيث كان بن لادن لا يستخدم أية أجهزة كهربائية أو آلكيترونية يمكن تعقبها كالهاتف والجوال ألخ. في نفس الوقت تم تعقب العنصر البشري الذي كان يزوده بالرسائل والتواصل معه مما أدى الى دقة التشخيص كما قلنا ونجاح التصوب على الهدف بعدها.

4. نجاح نوعي للإستخبارت الأمريكية والقوة العسكرية البرية الخاصة. ونجاح "للتعاون" اللوجستي بين كل من الباكستان والولايات المتحدة. وان كان لهذا التعاون شروطه وثمنه لكل طرف. وهو بالتالي غير موثوق وغير مستقر لوجود أزمة الثقة بين الأجهزة الأمنية في البلدين لتضارب المصالح والأولويات كما ورد أعلاه.

5. أحداث هزة أرضية (على مستوى القيادة كون العملية بحد ذاتها اختراق أمني للتنظيم. يستدعي تغيير التكتيكات المتبعة) تفوق هزة فوكوشيما داخل تنظيم القاعدة الإرهابي - الأم - شبه العاطل عن العمل (الحمد لله) - لضرورات التخفي الدائم في الجحور "الأمنية" ، كما شملت الهزات الارتدادية تنظيمات القاعدة - الأفراخ حول العالم.

6. أحداث ´أزمة خلافة´ في تنظيم القاعدة نتيجة فراغ القيادة المتولد من عملية اليوم. حيث لا يوجد هناك اجماع فوري داخل التنظيم على الشخصية الإرهابية التي ستحل محل بن لادن، على الرغم من أن أيمن الظواهري هو المرشح الأقوى للمنصب وهو القائد الميداني والعقادي الفعلي للتنظيم منذ اعوام.
7. تيتيم العديد من "عيال" بن لادن العقائدين في أنحاء العالم، حيث شاهدوا "ملهمهم" تهزمه رصاصة واحدة في الرأس فخسر المعركة التي اعلنها وخاضها ضد المسلمين أولا ومن ثم ضد العالم والإنسانية.

8. ستكون الهند واحدة من أكبر الرابحين من هذه العملية بعد الولايات المتحدة وبالتحديد الرئيس اوباما وادارته وحزبه الديمقراطي مما سيعزز موقعه الإنتخابي في الإنتخابات القادمة. أما الهند فستقوم بالضغط على باكستان بقوة عبر التأكيد دوليا على أن الأخيرة هي ملاذ للأرهاب وراعية له مما يشكل خطرا استراتيجيا على الهند والسلام في المنطقة خصوصا وان في باكستان قنبلة نووية يتخوف من وصولها في أيدي الإرهاب.

9. ستكون العملية بمثابة الضربة المعنوية الموجعة لحركة طالبان الإرهابية في كل من افغانستان وباكستان حيث فقدت حليف استراتيجي وشريك تاريخي استثنائي بالنسبة لها. وفي نفس الوقت نقطة يمكن للرئيس الأفغاني استخدامها بأيجابية لصالحه.

وعليه يبقى القول أن عملية قتل زعيم الإرهاب العالمي أسامة بن لادن هي نصر للإنسانية على الإرهاب ، ونصر للمسلمين ضحايا ارهاب بن لادن كما هي نصر للأمريكان وكل من كان ضحية للإرهاب. ومن أكثر شعوب العالم تضررا من الإرهاب هم نحن شعب العراق بكل قومياته واديانه وطوائفه حيث دفعنا من دمنا الغالي الطاهر دعما للديمقراطية ومقاومة للديكتاتورية والإرهاب من القاعدة والبعث وراعي الأولي وشريك الثاني الحركة الوهابية الحاكمة في السعودية، دفعنا أكثر من أي شعب في العالم وان كانت لكل قطر دم برئية أهميتها في أي مكان في العالم.

ولا يفوتنا في الختام لفت نظر من يهمهم الأمر ومنهم الحكومة العراقية و"العالم الحر" وعلى رأسه راعيته الولايات المتحدة ، أن الحركة الوهابية التكفيرية الحاكمة في السعودية شراكة مع آل سعود هي الحركة وهم النظام الراعية والراعي للإرهاب على المستوى الفكري. العقادي. المالي. الإعلامي وحتى البشري. فكل فكر تنظيم القاعدة الإرهابي - الأم هو وهابي سلفي سعودي وهو الحال مع فروعه في العالم. وايمن الظواهري وتنظيمه الجهادي هو الأخر سلفي تكفيري، كذلك هو حال تنظيم وشخص الإرهابي أبو مصعب الزرقاوي. البغدادي. المصري. والإرهاب في الصومال وحركة طالبان في كل من أفغانستان وباكستان، وكل من قام بعمل ارهابي في العالم هو ينتمي أما فكرا أو عقيده أو مالا أو بشريا إلى السعودية والفكر الوهابي السلفي ألتكفيري الحاكم هناك بالشراكة مع آل سعود من خلال صفقة تقاسم السلطة حيث تحظى الأولى بالسلطة الدينية والرقابة الإجتماعية وعليها أو تسنبغ الشرعية على الثاني (ال سعود) الذين بيدهم الحكم. السلطة والمال ويدعمون ويتغاضون ويحمون بقوة الدولة الشريك الأول (الحركة الوهابية بقيادة آل الشيخ - أحفاد محمد عبد الوهاب مؤسس الحركة الوهابية التكفيرية الراعية والداعمة والمفرخة للإرهاب).
لكن المفارقة المثيرة للإشمئزاز هي ان هذا النظام الحاكم في السعودية بهذه الشكلية هو حليف "استراتيجي" مع "العالم الحر" بقيادة الولايات المتحدة، مما يجعل "الضحية" في صداقة درامية مع "الجلاد" وهذا ما يثير أكثر من علامة استفهام هو علاقة المصالح والقيم!؟

ان بموت بن لادن اليوم ، يكون صنم الإرهاب قد سقط. لكنه الصنم الأصغر للإرهاب. لذا يجب اسقاط الصنم الأكبر للإرهاب المتمثل بالنظام السعودي وشريكته الحركة الوهابية التكفيرية لكونهم مصدر الإرهاب ورعاته في العالم.
فمتى سنشهد سقوط الصنم الأكبر للإرهاب؟ وعلى يد من .....؟!
سؤال قد تطول الإجابة عليه - لكن مع ذلك, أن غدا لناظره قريب..
والله من وراء القصد.

 

02.05.2011
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter