| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الثلاثاء 2/4/ 2013                                                                           


 

العراق والتخوف من السيناريو السوري

ترجمة : مصطفى الأدهم

تتواصل التظاهرات المناهضة للحكومة في الجزء الغربي من العراقي. وزيرا المالية والزراعة اعلنا الاستقالة من كرسي الوزارة.. كلاهما ينتمي إلى القائمة "العراقية" - التي تمثل المحافظات الغربية في البرلمان وفقا للتقسيم "الطائفي" للخارطة السياسية في العراق.

خلفية المشهد

بتاريخ (20.12.2012) تم اعتقال 10 من أفراد حماية وزير المالية المستقيل في العاصمة بغداد على خلفية تهم تتعلق بالإرهاب، بناء على أوامر القاء قبض صدرت من القضاء بحقهم. جاءت عملية القاء القبض كعود ثقاب أشعل فتيل التظاهرات المناوئة للحكومة في المحافظات الغربية.

لماذا استقالا؟

بتاريخ (01.03.2013) أعلن وزير المالية استقالته من حكومة "الشراكة الوطنية" من على منبر التظاهرات التي شارك فيها ضد الحكومة، متهما رئيسه "السابق" وحكومته "السابقة" بـ "بعدم العدالة، الديكتاتورية والطائفية تجاه العرب السنة في العراق".
على الرغم من أنه كان وزيرا لمالية نفس الحكومة لما يقرب من الـ 4 سنوات، وقبلها كان نائبا لرئيس الوزراء في الحكومة السابقة التي ترأسها في حينه رئيس الوزراء الحالي. ناهيك، عن أن الحكومات في العراق الجديد ومنذ العام (2003) هي حكومات "وحدة وطنية" أو "شراكة وطنية" - كما هو حال الحالية، ما يعني تمثيل كل الأديان والطوائف والقوميات فيها مع مراعاة التنوع الجغرافي، كل بحسب وزنه البرلماني. ما جعل مجلس الوزراء نسخة مصغرة عن مجلس النواب من حيث تمثيل الكتل بخلفياتها المختلفة.

وبتاريخ (08.03.2013) أعلن وزير الزراعة هو الأخر استقالته لاحقا بزميله وزير المالية، بعد أن قتل متظاهر برصاص رجال الأمن في محافظة الموصل مسقط رأس الوزير المستقيل.

ائتلاف "العراقية"

ينتمي كل من وزير المالية المستقيل، ووزير الزراعة المستقيل إلى "العراقية" وكتلتها النيابية والوزارية. "العراقية" تم انتخابها في الجزء الغربي من العراق، لذلك تراها تحتكر لنفسها صفة تمثيل "السنة" في كل من البرلمان والحكومة.

"العراقية"؛ عبارة عن ائتلاف سياسي انتخابي بين احزاب وشخصيات سياسية ودينية وعشائرية، واعضاء سابقين في حزب "البعث" المحظور، وقوميين، اضافة إلى الحزب "الإسلامي" - الجناح العراقي لتنظيم "الإخوان المسلمين"، والذي ينتمي له وزير المالية المستقيل.

"العراقية"؛ هي ثاني أكبر الكتل السياسية في البلاد لجهة حجم التمثيل في البرلمان والوزارة. ووفقا لنظام المحاصصة حصلت على سلة من المناصب العليا؛ منها رئيس مجلس النواب، نائب رئيس الجمهورية، نائب رئيس مجلس الوزراء، 7 وزراء، العديد من وكلاء الوزراء، والسفراء.
يرأس هذا الإئتلاف، الدكتور اياد علاوي، رئيس الوزراء الأسبق الذي تم تعيينه من قبل الحاكم المدني الأمريكي السابق في العراق (بول بريمر) في الفترة ما بين عامي (2004 - 2005).

العلاقة مع حزب البعث - الصدامي

الدكتور علاوي بدأ مشواره السياسي عضوا قياديا في حزب البعث العربي الإشتراكي - الصدامي، لكنه ما لبث أن انشق في السبعينيات من القرن الماضي على أثر خلافات طرأت بينه و"القيادة" انذاك.

تتهم "العراقية" بأنها واجهة سياسية لحزب "البعث" المحظور، وتعمل لصالحه - اقله لجهة تطابق الأفكار والأسلوب - وتتهم أيضا بالعمل على تقويض العملية السياسية الديمقراطية من الداخل لإعادة حزب البعث الفاشي إلى السلطة من جديد أو لصيغة ما على شاكلته. وما يعزز من هذه الإتهامات دفاع نواب ووزراء وقيادات ائتلاف "العراقية" عما يسمونه بـ "حقوق البعثيين" و"قيادات الجيش السابق والأجهزة الأمنية المنحلة وميليشيات (فدائيو صدام)". على الرغم من أن الدستور العراقي يحظر حزب البعث على غرار حظر الديمقراطية الألمانية للنازية.

اضافة إلى ما سبق، فأن عددا من قيادات "العراقية" أو من قيادات الكيانات المؤتلفة فيها تمت ادانتهم بعمليات تتعلق بالإرهاب والقتل والفساد المالي والإداري، اضافة إلى سوء استخدام السلطة لدعم وتنفيذ أنشطة ارهابية لإشعال حرب أهلية بخلفية طائفية في العراق، ومنهم نائب رئيس الجمهورية السابق، وزير الثقافة الأسبق، وزير الدفاع الأسبق، اضافة إلى مجموعة من أعضاء مجلس النواب ومجالس الحكومات المحلية.

السعودية، قطر وتركيا

قامت الحكومة بتشكيل عدة لجان رسمية للتعاطي مع مطالب المتظاهرين، واخرها ما سميت بالجنة الوزراية السباعية برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء، والتي قطعت شوطا كبيرا في طريق تحقيق مطالب المتظاهرين التي تقع تحت سقف صلاحيات السلطة التنفيذية بما لا يحظره الدستور أو يمنعه القانون. لكن، وعلى الرغم من ذلك، فأن قيادات ائتلاف "العراقية" ما زالت غير راضية عما تم أنجازه.

"العراقية"؛ مدعومة من قبل أنظمة الحكم في كل من السعودية، وقطر، أضافة إلى حكومة حزب "العدالة والتنمية" في تركيا - التي لها جذور في أرضية تنظيم "الإخوان المسلمين". لذلك، ليس من المفاجأة بمكان أن يحظى نائب رئيس الجمهورية السابق - والمدان بتهم قتل وارهاب، طارق الهاشمي، بضيافة وحماية رئيس الحكومة التركية.

السيناريو السوري

الوضع الحالي يثير قلقا كبيرا في صفوف أبناء الشعب العراقي، والنخبة السياسية والصحفية من "السيناريو السوري" - حرب أهلية بخلفية طائفية. مع الأخذ بعين الإعتبار الدور الواضح الذي تلعبه كل من تركيا، قطر والسعودية في ملف الأزمة السورية.
علاوة على ذلك، يدعم هذا المحور (تركيا، قطر والسعودية) وبقوة ائتلاف "العراقية" ويتبنى التظاهرات في المنطقة الغربية سياسيا واعلاميا، بشكل يصورها على أنها "ثورة" ديمقراطية ضد نظام "ديكتاتورية" يتماشى مع تصويرهم للـ "ربيع العربي".. على الرغم من ان الحكومة في العراق اليوم منتخبة على عكس نظيرتها في الرياض والدوحة.
أن محور تركيا - قطر - السعودية لا يخفي عداءه للعراق الجديد، ويقف بشدة ضد تقدم العملية الديمقراطية فيه، وافضل وصفة للنجاح في ذلك هي "السيناريو السوري" - اشعال فتيل حرب أهلية ليتم تقسيم البلد على خلفية طائفية.

بعد مرور 10 سنوات على غزو العراق ما زال الوضع خطرا رغم التقدم البطيء.


-
عن زاوية كاتب السطور في صحيفة دنكورت أفيس الدانماركية.

 

* صحفي وكاتب عراقي.

free web counter