| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الأربعاء 27/4/ 2011                                                                                                   

 

نواب لرئيس الجمهورية ام هدر للمال العام؟

مصطفى الأدهم *

حتى ساعة كتابة هذا المقال ، لم يحسم مجلس النواب العراقي موضوع أنتخاب نواب رئيس الجمهورية، رغم المحاولات السابقة - الفاشلة لحسم هذا الموضوع الذي طال واستطال ، حيث عرض على التصويت لأكثر من مرة دون جدوى تذكر!
فعلى الرغم من أن الدستور في بابه الثالث - السلطات الإتحادية - وفي المادة (69) ثانيا، نص على الأتي:
(تنظم بقانون أحكام اختيار نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية). وتأسيسا على هذه المادة شرع مجلس النواب القانون المسمى ب"قانون نواب رئيس الجمهورية" والذي فسح المجال لإنتخاب نائب أو أكثر للرئيس ، على أن يكون الحد الأقصى ثلاثة نواب.
وبهذا يكون الدستور قد "أخلى" ساحته و "ابرى" ذمته أمام نفسه والرأي العام ، ورمى الكرة في "ملعب" الكتل النيابية ، التي ما زالت تتقاذفها مع تبادل الإتهامات ب"التعطيل أو الإنسحاب من الإتفاقات"..!!
ومن المعلوم إن منصب رئيس الجمهورية للدورة الحالية هو منصب شرفي - بروتوكولي "شبه" خالي من الصلاحيات سوى التشريفية منها ، مع عدم وجود حق "النقض" كما كان الحال في الدورة السابقة.
ومن هنا يتضح أن منصب نائب أو نواب الرئيس لا يعدو هو الأخر أن يكون "أكثر" بروتوكولية! حيث لا صلاحيات واضحة لنائب أو نواب الرئيس في الدستور ، سوى ما "يمنحه" أو يكلف الرئيس به نائبه (من ضمن صلاحيات الرئيس - شبه المعدومة) ، يضاف لها، حلول النائب محل الرئيس حال غيابه.
من هنا يمكن القول بانتفاء الحاجة لنواب ثلاثة لرئيس الجمهورية ناهيك عن الرابع (مقترح باء بالفشل. رفضه الشارع - الناخب ، واغلب النواب) ، حيث سيكون نواب الرئيس الثلاثة في حالة شبيهة ب"البطالة المقنعة" حيث لا عمل حقيقي ولا انجاز واقعي ، لإنتفاء الصلاحيات كما أسلفنا. لكنها "ضرورات" - "الشراكة الوطنية" التي "تدعو" إلى استحداث هذه المناصب وغيرها كي ترضى الكتل واعضائها على بعضهم البعض ، حتى وان كان رضاهم بسخط الشارع - الناخب عليهم ، وحتى لو جائت هذه "التوافقات" على حساب الميزانية وكاهل المواطن - الناخب!
حيث سيشكل كل نائب للرئيس عبئا اضافيا على كاهل الميزانية العراقية ، من راتب. حمايات. قافلة مدرعة. مقر. محل اقامة. سكرتارية. مستشارون. وغيرها وغيرهم ، وكل ما ذكر يكلف الميزانية أموالا، المواطن والوطن (البنية التحتية) بأمس الحاجة لها. فالوضع الإقتصادي في البلد لا يتحمل هذه "الرفاهية المناصبية" وهذه "آللاابالية التوافقية" التي تنتهجها الكتل النيابية. فهذا تقاسم "مقونن" لكعكة الميزانية ، تقوم به الكتل فيما بينها ، عبر اختراع المناصب المستحدثة "لقيادييها" - الذين يترفعون عن الإكتفاء بشرف النيابة عن الشعب في البرلمان!

إن تأخر وفشل الكتل النيابية في حسم "معضلة" نواب الرئيس ، على الرغم من أن الأسماء الثلاثة كان متفق عليها أو "شبه متفق" ، واصرار هذه الكتل على اللجوء إلى خيارها المفضل المسمى ب"السلة الواحدة" - (حيث يصوت الجميع في وقت واحد ومرة واحدة على الأسماء الثلاثة) - لهو دليل جديد على "أزمة الثقة" التي تعيشها هذه الكتل فيما بينها والتي كلفت بدورها الوطن والمواطن الكثير الكثير ، حيث لا شغل ولا عمل لهذه الكتل سوى الخاطبة والمناكفة و"المناكر" فيما بينها مع تبادل الإتهامات ب"الإقصاء" تارة و"نقض الإتفاقات" تارة أخرى وهم كلهم "شركاء" في حكومة "الشراكة الوطنية"!
إن ما تفعله الكتل السياسة ، يعد نوع من أنواع الإستهتار بالمال العام. حيث لا يجوز استحداث مناصب على مقاسات وامزجة الكتل وقادتها ، وان كانت تلك الكتل منتخبة وممثلة للشعب. حيث أن تمثيلها هو توكيل مشروط ومؤقت قابل للسحب والتجديد وتحت الإشراف والمراقبة الشعبية والصحفية والقانونية. وعليه يتوجب على هذه الكتل أن لا تتجاوز حدود التمثيل، بأن تسيء استخدام الأمانة، بما يمكن الإصطلاح عليه ب"الحيل التشريعية أو القانونية".!
ففي كل الديمقراطيات العريقة ، لا يستغل المشرع (البرلمان) صلاحياته التشريعية - القانونية لإستحداث مناصب من أجل سواد "عيون" الكتلة الفلانية أو خاطر "الشخصية القيادية" أو من أجل دواعي "المحاصصة الوطنية". "الشراكة الوطنية". "المشاركة الوطنية". "المصالحة الوطنية". "التوافق الوطني" وما إلى ذلك "تعددت الأسماء والمسمى واحد".!!
حيث تخضع عملية استحداث المنصب إلى جدل دستوري. قانوني. تشريعي. أعلامي والى حوار وطني عام - والأخير هو أكثر ما تفتقده ديمقراطيتنا الوليدة! وعند التوصل إلى نتيجة تفيد بأن المنصب الجديد سوف يكون له دور نفعي يعود على الناخب بشكل ما ويبرر ما سوف يخصص لهذا المنصب من مصاريف يتم حينها اقراره. وعلى ذكر المصاريف  فهي من أموال دافعي الضرائب - أي من المال العام ، الذي هو مال الشعب وليس مال الكتل النيابية - وهذا ما على الكتل النيابية أن تفهمه في العراق الجديد ، وهذا ما يتوجب على المثقف العراقي أن ينبه إليه كل من الناخب والمنتخب ، كي يعرف كل من الأول والثاني حقه وحقوقه وما عليه من واجبات والتزامات.

وعليه وبما إن منصب رئيس الجمهورية منذ الدورة الحالية ، هو منصب شرفي - بروتوكولي ليس له صلاحيات واسعة ولا يحظى بحق "النقض" ، وبما إن الرئيس استطاع أن يؤدي مهامه الرئاسية مع عدم حسم موضوع نوابه إلى الأن دون حصول "عوارض" تعوق سير عمل السلطة التنفيذية التي تتكون وفق الدستور من كل من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء.
اذا لا حاجة فعلية وعملية لهذا العدد الكبير من نواب الرئيس ، الذين لن تكون لهم صلاحيات "حقيقية" ولكن ستكون لهم تكاليف مالية حقيقية لا داعي لها. حيث الوطن والمواطن بأمس الحاجة لها ، فالإرمال. الأيتام. ذوي الإحتياجات الخاصة. المرضى. كبار السن. البطالة. الخدمات. الشباب. الطلبة. إلخ أحق بهذا المال.
ولو أن الكتل النيابية صرفت من الجهد والوقت على العمل التشريعي والرقابي كما صرفت وتصرف على موضوع "نواب الرئيس" لكانت ربما قد قدمت للناخب ما يستدعي أن يعيد انتخابها من أجله!
لذا فأن الوجه إلى الإكتفاء بنائب واحد لرئيس الجمهورية بدل ثلاثة هو خطوة في الطريق الصحيح ، يجب على النواب ألإستمرار بالسير بها حتى انجازها.

فهل ستنتصر أرادة النواب على "توافقات الكتل النيابية" التي هم جزء منها؟
هذا ما نتمناه. 

 

27.04.2011
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter