| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الأحد 27/11/ 2011                                                                                                   

 

مصر وشرعية الميدان

مصطفى الأدهم *

أسقط "ميدان التحرير" حكومة عصام شرف. الذي جاء بتزكية من الميدان. بعد تكليفه تشكيل الوزارة، زار الميدان من أجل نيل الشرعية، وحصل عليها. قبل حكومة شرف، أسقط الميدان حكومة ورئيس وسعى إلى اسقاط نظام. قيل أنه نجح، وقال هو (الميدان) أنه لم ينجح تماما في اسقاط النظام. بدليل كلام الثوار عن "الثورة المضادة" و"الفلول" وجمعات حماية الثورة واستكمال المتطلبات الثورية. حتى وصل مسار الثورة إلى ما نراه هذه الإيام من اعتصامات تحاكي أيام الثورة على حكم مبارك.

تدارك المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم، "الثورة الثانية" القائمة على عدم تسليمه السلطة لإياد مدنية، فقبل استقالة حكومة عصام شرف، وعصب )بالضم( الأمر برأسها، واتى المجلس العسكري بعدها بكمال الجنزوري، رئيس الوزراء السابق في عهد مبارك. لكن، تكليف الجنزوري بتشكيل حكومة "انقاذ وطني" لم يجد صداه الإيجابي لدى الميدان وساكنيه. بل على العكس، اظهرت المقابلات مع رواد الميدان، أنهم ضد هذا التكليف، لأنه وبحسبهم "لا يلبي شعاراتهم وطموحاتهم التي عاودوا الإعتصام من أجلها، واهمها القطيعة التامة مع العهد السابق لمبارك، ونقل السلطة لمجلس رئاسي مدني مؤقت". كما لم تلقى اليد التي مدها الجنزوري للثوار وأئتلافاتهم من أجل التشاور معه اي تجاوب منهم.

أن المشكلة هي مشكلة تواصل بين كل من المجلس والميدان - بما يمثله شعبيا وسياسيا. وعليه، تبرز أزمة جديدة وهي أزمة تفاهم. لأن في أنعدام التواصل، أو في قلته، يكون التفاهم تقريبا شبه معدوم أن لم يكن معدوما. فليس من السهل انشاء قناة تفاهم عن بعد بين المجلس والميدان.
الميدان يتهم المجلس أنه لا يفهم على لغته الثورية. لانه - أي المجلس - لا يزال يتعاطى مع وجوه وشخصيات من عهد مبارك، وعلى نفس النسق السابق الذي قامت عليه الثورة. يضاف عليها أن الميدان متخوف بل متوجس من نوايا المجلس حول تسليمه السلطة مع المتى والكيف ولمن! المجلس بدوره ما انفك يدافع عن نفسه، وعن حمايته للثورة والوطن والمواطن، ويضيف؛ أنه ليس له نوايا حول التمسك بالسلطة.

لكن، ما لم يفهمه المجلس حتى الساعة، أو اقله أنه لم يجد التعاطي معه، لاقناع الميدان به؛ أن الشرعية اليوم والأمس وغدا هي للميدان، وليست للمجلس، ولا لثورة الضباط التي انجبت نظام نجيب الذي ورثه عبدالناصر وورثه لمبارك. فمنذ اسقاط مبارك لم يعد من شرعية في مصر غير الشرعية الثورية. ومصدرها ميدان التحرير لا ال-(50) سنة من عمر نظام عبدالناصر. أن وعى المجلس هذه الحقيقة، أو أن تقبلها، وعليه أجاد التعاطي معها، جنب نفسه والبلاد والعباد سلسلة من الأزمات لن تكون اخرها أزمة اليوم.

أن الميدان هو مصدر الشرعية اليوم في مصر كأمر واقع،:وكحقيقة ثورية شرعيتها تفوق غيرها. ومجازا هو "البرلمان" الشعبي المؤقت حتى تسير العملية السياسية على السكة الصحيحة. وعليه، فأن الميدان هو مصدر السلطات. ومانح الشرعية. وهو من ينزعها. وهو بعد المحاسب. والمراقب بالتعاون مع القضاء والمجلس والإعلام. ومن يدخل معه - أي الميدان في ظل كمه وزخمه الحالي - في مواجهة يخرج قطعا خاسرا.

 

25.11.2011
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter