| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الخميس 25/8/ 2011                                                                                                   

 

كوردستان العراق .. و (سلطان العرب) أردوغان !

مصطفى الأدهم *

عندما هاجمت القوات الإسرائيلية قافلة أسطول الحرية وعلى رأسه السفينة التركية "مافي مرمرة" في المياه الدولية؛ فجر يوم (31 مايو 2010)، طالبت تركيا اسرائيل بتقديم اعتذار رسمي عن الإعتداء وما نجم عنه من قتلى وجرحى اتراك. هذا الطلب التركي لاقى مساندة عامة على الصعيد الشعبي، النخب، وحتى بعض من الرسمي في العالم العربي والشرق الأوسط بما يتضمنه من تعدد قومي وجغرافي. وتحول الطلب إلى شرط تركي لأعادة الوصل مع "الصديق الإسرائلي" في ظل عدم انقطاع التواصل معه، قبل وبعد "مرمرة" !

ومع قصف القوات التركية لإقليم كوردستان العراق مؤخرا في عملية عدوان وانتهاك واضحة لسيادته والإعتداء على أمنه ومواطنيه. خفتت أو صمت تلك الأصوات العربية؛ النخبوية والإعلامية وحتى الدينية - التي نادت بالسيد اردوغان "سلطانا" جديدا على العرب، يحيي لهم ما اندثر من "باب عالي" يدغدغ مشاعر الحنين عندهم لدولة الطائفة المنشودة! فلم نسمع لهم كلمة حق في مناصرة ضحايا القصف التركي من المدنيين العراقيين الذين لا ناقة لهم ولا جمل فيما حصل؛ سوى أنتمأهم القومي والجغرافي الذي دفعوا ثمنه شهادة في شهر الصوم. وبينما يتفقد (سلطان العرب) المجاعة في الصومال؛ فيهتز لها، ويدعو للمساعدة الإنسانية هناك، وهو ما نشاطره اياه. يأسف الرجل لكل قطرة دم تسفك المنطقة. لكنه لم يهتز، ولم يأسف لقطرات الدماء التي سفكتها قواته في اعتدائها على العراق!! في مشهد متناقض حد التضاد، بين صورة اردوغان "السلطان"؛ التي دأب الإعلام العربي على رسمها له. فحيثما حل قوبل بالتهليل والتبجيل. و "شو ما قال"، أطرب الاسماع، فتمطرت سماء الصحافة والإعلام؛ دراسات وتحليلات ومقالات عن البعد الإستراتيجي لمقاله "السامي"، والتفاتته التأريخية نحو الشرق؛ الذي يحن بحسبهم إلى أمجاد احتلال عثماني غابر - يحلمون أن يعيده الرجل اليوم - بثوب النموذج الاسلامي المعتدل للحكم !

يقول عبدالرحمن الراشد، مدير قناة "العربية" السعودية، في مقالة (اردوغان بين الحقيقة والدعاية)؛ المنشور في صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية بتاريخ (22.08.2011) "أعتقد أن اردوغان يمتلك الكثير ليقدمه للمنطقة؛ أوله أنه قادر على تقديم نموذج الإسلامي المعتدل في زمن غلب فيه الإسلاميون المتطرفون. ودولته تركيا، الدولة الإسلامية الكبيرة، قادرة على أن تقدم نفسها نموذجا أيضا للدولة الإسلامية الحديثة." ويضيف "لا ننسى أن لأردوغان مواقف تاريخية رائعة، منها تصالحه مع الأكراد ودعمه حقوقهم .. كذا ".

وعليه، كيف سيوفق (سلطان العرب) بين نظرة "رعاياه" الجدد له، والصورة النمطية التي دأب ودأبوا على رسمها له، وبين صور الشهداء والجرحى والدمار الذي خلفها قصف قواته لإقليم كوردستان العراق؟

سؤال قد تطول الإجابة عليه. وقد تكون محسومة سلفا لدى البعض. لكن، بين البعض الأول؛ المدافع عن السلطان (لو شو ما كان)، وبين البعض الثاني؛ المنتقد له في مواضع الخلل؛ المؤدي إلى التناقض الذي يقفده المصداقية. ثمة اعتذار تركي مفقود - يشبه الإعتذار الإسرائيلي المطلوب تركيا!

فهناك في أعماق البحر كانوا ضحايا ابرياء. وهنا على الجبال الرواسي هم ضحايا مدنيين ابرياء. ومن يريد أن يدعي فرقا بينهما، فليستعر لسان هتلر كي يكون الكلام على المكشوف!


24.08.2011
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter