| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الأثنين 24/10/ 2011                                                                                                   

 

بين صدام والقذافي .. تشابه واختلاف .. نفاق وطائفية !

مصطفى الأدهم *

قتل القذافي، وسقطت خيمة جماهيريته الديكتاتورية. بمقتله، طويت الصفحة الأخيرة من كتابه الهزلي الأخضر. بين القذافي وصدام، أوجه من التشابه والإختلاف. شابه القذافي صدام بأوجه عدة - دموية، ديكتاتورية فرهودية .. ألخ. لكنه، ورغم فترة حكمه الأطول، متربعا على عرش عمادة الحكام العرب، لم يصل إلى حرفية صدام الإجرامية. رغم أنه - أي القذافي - كان له بعده الإجرامي/الإرهابي على الصعيد الدولي، مع ذلك لم يصل إلى مستوى صدام بالإجرام؛ داخليا تجاه شعبه، وخارجيا تجاه جيرانه.

واخر وجوه التشابه بينما، أن وجد القذافي مختبأ في أنبوب مجاري، مستنسخا حفرة صدام. وكما أن هامت عائلته المجرمة مشردة بين القتل والدول، اقتفى بذلك أثر صدام فردا وعائلة. لكن، أوجه الإختلاف هي الأخرى كثيرة. أهمها، أن القذافي قتل عمدا. رميا بالرصاص. بعد أن وقع بالأسر وهو جريح، أعزل ولا يشكل أي تهديد على آسريه من الثوار.

قتل مع سبق الإصرار والترصد. وتقريبا على الهواء مباشرة. لكن، ليس هذا المهم. فهذا شأن ليبي داخلي، وربما دولي اذا ما شعر المجتمع الدولي بالحرج من الطريقة التي صفي بها القذافي المتنافية مع أصوله - أي المجتمع الدولي - الديمقراطية. وفي الأخير نال القذافي جزاءه. ومصيره المحتوم؛ وبشر القاتل بالقتل ولو بعد حين.

لكن الذي يهمنا من هذه الجزئية، هو التناقض العربي؛ الرسمي، الإعلامي، الشعبي .. بين موت صدام وموت القذافي. فرغم أن الأول، قد نال محاكمة أقل ما يقال عنها (أن لم تكن عادلة 100%) فأنها كانت أكثر من متزنة. بل ومرنة معه. حتى نافست بطولها طول المسلسلات المدبلجة. وكادت أن تتسبب بازمة شعبية، نتيجة استغلال الطاغية لها كمنبر أعلامي لأفكاره الخرنكعية. وبعدها عُدم الرجل وفقا لأحكام الدستور العراقي الدائم، وتنفيذا لحكم صادر عن المحكمة بعد مروره بكل المراحل القانونية التي واكبها جيش من المحامين من العراق وخارجه شكلوا هيئة الدفاع عن الطاغية واجرامه.

أما الثاني، فكما قلنا، وقبلها شاهدنا جميعا، فقد تم قتله عمدا مع سبق الإصرار والترصد بطلق ناري وتقريبا على الهواء مباشرة، دونما محاكمة، أو ادعاء، أو دفاع، ولا حقوق، ولا سجن خمس نجوم، ولا حقوق انسان ولا ولا .. مع هذا وذاك، وبين هذا وذاك، كان هناك نفاق عربي واضح ومؤلم في التعاطي والتغطية بين الطاغتين.

فالحزن على صدام كان جليا. متعمدا. ومستفزا لنا نحن أهل العراق. حتى نعت بالشهيد رغم اجرامه. واقيمت له ولابناءه الفواتح. وكان للقنوات "الثورية" دورها في تأبينه بشكل مباشر وغير مباشر، في استفزاز سافر لمشاعر العراقيين. أما القذافي، فكان الفرح والشماتة والإحتفال بموته قد وصل إلى قلب استوديوهات القنوات "الثورية". والترقيع لا التقريع هو السائد للطريقة التي قتل بها. مع لازمة أنه في جهنم وبئس المصير (وهذا مكانه). لكن، لماذا صدام شهيد بفقه القرضاوي، ولماذا القذافي زنديق واجب القتل بفقه القرضاوي؟ - انه، الإفتاء الطائفي الخاوي.

أنها الطائفية التي جعلت من يلطم على صدام، ويشق الجيوب، ويسيل الدموع، ويرتدي السواد، ويقيم العزاء، هو نفسه وهم أنفسهم من يهلل لموت القذافي، ويرش الورود، ويديم الإبتسام، ويرتدي الأحمر ويقيم الأفراح.
فهل من صورة أوضح من هذه على النفاق العربي وطائفيته (رسميا، دينيا، اعلاميا، نخبويا، وشعبيا) في التعاطي الإنتقائي في الإقليم؟ أشك!

وكما يقول أهل العراق " أن الحبل على الجرار " .....

 


24.10.2011
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter