| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

السبت 24/3/ 2012                                                                                                   

 

أنا ورئيس البرلمان وافواج الحماية ؟!

مصطفى الأدهم

جمعني اجتماع خاص قبل أيام مع رئيس البرلمان الدانماركي (الفولكتننغ)، السيد مورغن لوكتوفت، الذي دعيناه كضيف شرف، ولبى الرجل بسرور الدعوة، وعلى الموعد كان، بل أنه وصل قبل موعده بحوالي النصف ساعة.

عندها هم الرجل بالسلام على الحضور والتحدث معهم بشكل منفرد والتعرف اليهم وهكذا استمر الأمر حتى حانت ساعة "الصفر" معلنة على لسان عريف الحفل بدأ الحوار مع السيد لوكتوفت.

ألقى الرجل كلمته، التي تخللتها قفشات ونكات مع الحضور، وبعدها فتح باب النقاش من خلال طرح الأسئلة على الضيف والإستماع إلى اجاباته والتحاور حولها.

وارتأى كاتب السطور أن يستثمر الفرصة ويسأل الضيف في السياسة الخارجية، خصوصا وانه وزير خارجية الدانمارك الأسبق وله برنامج تلفزيوني خاص عن السياسة الخارجية. وجهت له عدة اسئلة عن "الربيع العربي" والشرق الأوسط، وعن اهمال الغرب للثورة البحرانية.

وطرح الرجل رؤيته لواقع الخريطة في الإقليم، معترفا بأن الوضع الأنساني في البحرين سيء والأسباب متعددة منها الداخلي، الإقليمي والدولي الذي تربطه مصالح مع البحرين.

وبعد أن قفل باب الحوار، معلنا انهاء فقرة الضيف. شكرنا بدوره على "كرم" الدعوة، و"حفاوة" الإستقبال وعلى النقاش الذي دار بيننا، و ودعنا منصرفا على وقع تصفيق الحضور.

مربط الفرس هو، أن الرجل الذي يشغل منصبا سياديا كرئيس للبرلمان والذي يعد أرفع بروتوكوليا من رئيس الحكومة، بالإضافة إلى كونه وزيرا مزمنا سابق، وبرلمانيا مخضرم، حل أهلا ورحل سهلا، دونما أفواج من الحماية، ولا بوديغاردات، ولا موكب ولا حتى سكرتير.

ولم تكفلنا دعوته وضيافة سوى ثمن فنجان قهوة بلاستيك وقدح ماء ! - وكنت قد التقيته في عدة مناسبات سابقة كان خلالها نائبا وزعيما للمعارضة الإشتراكية الحاكمة اليوم - ولم يتغير فيه شيء أو من بساطته سوى حلقه ل "سكسوكته" الذي كانت بمثابة ال"LOGO" الخاص به.
كل ما ورد أعلاه لا يمثل مفاجأة في هذا البلد. واعلم أن المقارنة مع العراق تشوبها عدم الدقة، لإختلاف الوضع الأمني والسياسي هنا وهناك.

لكن، مع ذلك، سأقارن "ببعد مستقبلي و ليس آني" بين المسؤول الدانماركي السيادي ونظيره العراقي الذي يتمتع بأفواج ألفية من الحماية والمرافق وموكب مدرع من السيارات المصفحة يحتوي على كل أنواع الأسلحة الخفيفة وربما المتوسطة. بالإضافة إلى حاشية مكتبية من السكرتارية في بلد يفترض أن يكون هو الأخر ديمقراطيا.

متى يصل المسؤول العراقي إلى بساطة المسؤول الدانماركي مثلا ؟ ـ سؤال "مستقبلي".
فيفكر في بساطته التي يحبذها الناخب بدل البهرجة والتبذير والإسراف والمبالغة غير المنظبطة ؟

نعم، وضع العراق الأمني غير.
لكن، مادامت الأجهزة الأمنية والسلطات المعنية تتحفنا ليل نهار عن تحسن الوضع الأمني - لماذا تطالب المواطن بالتعاطي الإيجابي مع هذا التحسن، وتطالب الصحفي بالترويج له، بينما المسؤول غير معني بهذا التحسن ولا بالترويج له!!
وهو تصرف يعكس صورة سلبية عن الوضع الأمني في البلد.

فعندما يحتفظ المسؤول السيادي والقيادي بحماياته الألفية من الأفواج ومواكبه المدرعة - المسلحة، في الحرب الأهلية، وما قبلها من تدهور، وما بعدها من تحسن - أما يعكس بذلك عدم وجود أي تغير ملموس في الوضع الأمني. كون المسؤول لم يتفاعل مع هذا التحسن المفترض ـ فقلص أو قلل من حماياته ومدرعاته - وهو ما يرسم صورة سلبية عن حقيقة هذا التحسن في ذهن المتلقي.

عندما يطالب النواب بالمدرعات لأنفسهم، وبالأسلحة لحماياتهم في هذه المرحلة، انما يقولون بذلك للمتلقي أن الوضع الأمني في العراق على حاله السابق من السوء!

وهنا الطامة الكبرى؛ الإزدواجية التي يتعاطى بها المسؤول العراقي مع الواقع العراقي ومع المواطن (الناخب) العراقي. وهذه نقاط سلبية في سجل المسؤول الذي سيحتاج إلى الناخب (الشعب) في القادم من الدورة الإنتخابية.

لتكن بساطة رئيس البرلمان الدانماركي على الأقل مثالا وقدوة يحتذى بها ولا أقول استنساخها، ليقيني باستحالة ذلك لأسباب ذاتية واخرى موضوعية.

23.03.2012
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter