| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الأثنين 23/5/ 2011                                                                                                   

 

نعم لضم العراق إلى الكويت !

مصطفى الأدهم *

جاء اعلان الكويت في (06.04.2011) عن انشأها ما يسمى بميناء "المبارك" على جزيرة بوبيان بمثابة حلقة تصعيدية جديدة من مسلسل الإستفزاز الكويتي المتعمد تجاه العراق الجديد وشعبه. حيث تعمد الكويت من خلال هذا المشروع اللا مشروع على خنق العراق مائيا. جاريا وعليه اقتصاديا.

ومن جملة الأضرار والخسائر التي سيتكبدها العراق من جراء تنفيذ هذا الميناء ما ذكره النائب العراقي عن ائتلاف دولة القانون عبد السلام المالكي الذي "طالب الكويت بالتصرف من منطلق حسن الجوار وتجنب استفزاز العراق لان قيامها بإنشاء ميناء مبارك في جزيرة بوبيان سيجعل الساحل الكويتي ممتدا على طول 500 كيلومتر بينما سيكون الساحل العراقي محصورا بطول 50 كيلومترا فقط "وهذا ينم عن نيات سيئة تجاه الشعب العراقي من خلال إغلاق منفذه البحري الوحيد ومحاصرته".

واضاف النائب العراقي قائلا "على الرغم من ان الميناء يقع ضمن الاراضي الكويتية الا ان هناك اتفاقات دولية بين الطرفين وبالخصوص قرارات مجلس الامن ومنها القرارات التي صدرت ابان غزو الكويت عام 1990 يفترض انها تجعل الجانب الكويتي يتعامل بمرونة مع معطيات القضية الاساسية وان لايجعل من العراق بلدا محروما من استغلال منافذه البحرية وبالتالي سينعكس هذا على طبيعة العلاقات العراقية الكويتية".

وبالإضافة إلى ما ذكره النائب المالكي من اضرار. اوردت صحيفة ايلاف الإليكترونية في خبر لها نقلا عن مصادر عراقية اسمتها الصحيفة حسنة الإطلاع ما يلي:
"إن بناء الكويت لميناء مبارك سيفقد أهمية ودور ميناء البصرة الكبير ومن قيمته الاقتصادية للعراق بنسبة 60%. وتشير الى ان العراق والكويت متفقان على إنشاء الموانئ لكن من دون التجاوز على الممر المائي خاصة وان المعلومات التي حصلت عليها الحكومة العراقية تؤكد تقدم الجانب الكويتي لنحو كيلومتر باتجاه الممر المائي العميق في خور عبد الله المشترك."

يتضح لنا من تصريح النائب المالكي وما نقلته صحيفة ايلاف عن مصادرها في بغداد أن ميناء "المبارك" سيكون بمثابة الضربة القاضية التي تقصم ظهر مشروع العراق الحلم المتمثل بميناء ´ البصرة - الفاو الكبير´ الذي وضع حجر أساسه العام 2010 والذي سيكون له دوره المتوقع في أحياء الحركة الملاحية والتجارية في العراق عبر النقل البحري الذي هو في مرحلة ´الموت السريري´ الأن ومنذ زمن النظام الفاشي السابق.

أن مشروع ما يسمى بميناء "المبارك" سيكبد العراق خسائر تصل إلى 60% من من القيمة الإقتصادية لميناء البصرة - الفاو الكبير، وعليه سيعيد الوضع إلى ما هو عليه من موت سريري لحركة النقل المائي للجانب العراقي. كما سيخنق ثغر العراق الباسم، ويصيب البلد بالعطش إلى طريق مائي محترم يتطابق مع الإتفاقات الدولية، ويراعي حسن الجوار الذي لا تراعيه الكويت بهذه ´الرعونة الإستراتيجية´ والتي تعيد للأذهان سجلها القبيح والملطخ بدم أبناء العراق عبر دعمها السابق واللا محدود لشخص الصنم ونظامه الفاشي الساقط، الذي ما عادته الكويت لولا احتلاله لها. تلك الجريمة التي ادانها الشعب العراقي وما يزال بل أنه دفع ثمن معارضته للطاغية الذي اقترفها، ورغم ذلك لم تحفظ الكويت الجميل للعراقيين ولم ترد التحية بأحسن منها!

إن مسلسل الإستفزاز الكويتي المتعمد تجاه العراق وشعبه يكاد يكون أشبه بالنهج الإستراتيجي لأستغلال محنة العراق الحالية، وسرقة اراضيه ومياهه وثرواته، أو على الأقل مشاركته بها أو مزاحمته عليها.
ولم يتغير هذا المسلسل حتى بعد سقوط الصنم. بل أن الكويت زادت طين هذه الاستفزازات بلة. وهي على هذا الحال سائرة، الأمثلة كثيرة منها؛ تجاوزات وتحرشات حرس الحدود ودوريات خفر السواحل تجاه الصيادين العراقيين مستمرة، وعدم ´الغاء´ أو ´التفاهم´ على وضع سقف وحد للنهب المنظم لثروة الشعب العراقي المسمى بتعويضات العراق للكويت عن احتلال الصنم لها وهو شريكها الإستراتيجي السابق لسنوات كان فيها عدوا للشعب العراقي.

لا يمكن للكويت القفز على حقائق التاريخ والجغرافية في المنطقة، والتي تقول بكبر وتفوق العراق عليها، وبهامشية وتابعتية دورها تجاه دوره الإستراتيجي والريادي في الإقليم. كما لا يمكن للكويت مع شديد الأسف أن تغير قوانين الطبيعة وسنة الله في خلقه بأن تكبر نفسها ولو بعمليات وضع السيلكون أو تصغر العراق وحاشاه عبر قضم اراضيه، وشرب مياهه، وسرقة ثرواته، أو مزاحمته فيها. فالحال هنا أشبه بمن يقود مركبة ´ميني´ على خط سريع ويزاحم شاحنة عملاقة، قد يلقى حتفه من مجرد "هويتها" التي قد تقذف به خارج السير. 

ولا يمكن للكويت أن تستمر بسياسة تبويس اللحى تجاه العراق دبلوماسيا، أو التبرع بفتات هنا أو هناك "كدعم اقتصادي"، أو انتهاج سياسة التخدير عبر الوعود الإستثمارية، أو أتباع تكتيك شراء التأييد؛ من خال نسج علاقات وتحالفات مع كيانات وشخصيات سياسية في العراق. أن كل هذه "الفيكات" ما هي إلا تكتيكات مرحلية في أحسن احالتها، غير دائمة، وغير مستقرة. لأنها هشة، غير مبنية على أسس متينة وصحيحة، وليس لها بعدا استراتيجيها يقيها شر تقلبات الأنواء السياسية للسماء العراقية المتغيرة طبقا لقواعد اللعبة الجديدة في البلد.

كما لا يمكن للكويت ومن خلال النخب السياسية والإعلامية أن تستمر بشتم العراق واهله بحجة "المقاومة" تارة وتحريره من الإحتلال "الصفوي" تارة أخرى، وما لذلك من أشكال الدعم والترويج للإرهاب في العراق عبر جمع التبرعات المالية أو "النصرة الإعلامية"، و "الفزعة المذهبية" واقبح وجوهها؛ هو الردح النيابي الطائفي الكويتي تجاه العراق، وكأن الناعق من غربان القاعدة أو شيوخ التكفير في السعودية.

أليس على الكويت حكومة، وبرلمانا، ونخبا وشعبا أن يراعوا الله وحسن الجوار في نفسهم وفي العراق الجديد وشعبه؟
هذا العراق الذي لا يكن لهم العداء، كما كان يكنه لهم الصنم ونظامه الفاشي الساقط.
ومن نافلة القول، أن عليهم أن لا يثيروا الأحقاد والكراهية بين البلدين والشعبين الشقيقين. فليس من مصلحتهم أن يكره العراق الجديد وشعبه ´الكويت الإستفزازية´.
كما ليس من مصلحتهم أن يدفعوا العراق الجديد إلى الزاوية الضيقة ويحشروه فيها مستغلين ظرفه الراهن الذي هو استثنائي. فكما لم يكن اليوم كالأمس، فأن الغد القادم ليس بالضرورة كاليوم. واهم ما يجب النظر اليه بجدية هي الدعوات التي صدرت من الصحفيين والإعلاميين والكتاب العراقيين الذين شبهوا الأستفزازات الكويتية بالسعي إلى انتاج صدام حسين جديد - لكن "بنسخة محسنة هذه المرة حيث يكون بلاه على الخارج لا على الداخل".

أن نظرة استراتيجية سلمية تنظرها الكويت على المنطقة، سترى من خلاها وكما قلنا عجزها عن تغيير الحقائق الجيوسياسية والديموغرافية في الإقليم. فالكويت اصغر من أن تؤثر في موازين القوى، وابعد ما تكون عن ابتلاع العراق أو تركيعه ولو بشكل مؤقت. فالعين لا تعلو على الحاجب. وان هذه الشطحات الرعناء من جانب المتشددين في الكويت ستكون انية أو مرحلية في أطول مدى لها، وسيعود بعدها الوضع إلى صحيح ما كان عليه.
فالعراق باق في مكانه وكذلك شعبه وهو الدائم والتحالفات هي الزائلة. لذلك ليس من مصلحة استراتيجية عاقلة للكويت في استعداء العراق على المدى الطويل. بل على العكس يجب مراعاة حساسياته الحالية وارسال الإشارات التي لها تطمينات مستقبلية له.

لأن موضوعة الحدود لم تحسم حتى الساعة، وموضوعة التعويضات أشبه ما تكون بعميلة الفرهدة المنظمة للدخل القومي العراقي التي تمت ´مع´ و ´في´ ظل نظام فاشي ساقط لا يتحمل أوزاره العراق الجديد. فكما أن الكويت لا تجرؤ على الأقدام على تنفيذ مشروع استراتيجي ما ، يشكل في أحدى صوره أو ابعاده تهديدا أو خطرا استراتيجيا على المصالح الإقليمية، والحيوية، والإقتصادية أو القومية لإيران مثلا أو السعودية، دون مشاورة أو موافقة هذه الدول فأن العراق ليس بأصغر شأنا من هذه الدول بل هو أسد المنطقة رغم جراحه.

خلاصة القول على الجانب الكويتي التمعن والتعقل في أمره، والرشد في تصرفاته، والحصافة في تصريحاته الرسمية والنيابية لا سيما الأخيرة ذات النكهة الطائفية النتنة، وان تتعلم الكويت حكومة وشعبا من دروس التاريخ والجغرافية والديموغرافية، كي تتيقن أنها أصغر من أن تغير هذه الحقائق الراسخة منذ الاف السنين، وانها ´لم´ و´لن´ تستطيع أن تغير سنة الله في هذا الإقليم، وان المأخوذ حياءا كالمأخوذ غصبا´، وما أخذ بالقوة يسترد بالقوة كما يقول هيكل.
وسيظل العراق عراقا والكويت كويتا، ولن يكون العراق محافظة كويتية في يوم ما. وان السعي لحسن الجوار مع العراق هو منفعة متبادلة بين البلدين لكن المستفيد الأكبر منها هي الكويت، لأنها ستكسب الأمن هاجسها المفقود والذي لم تستطع تأمينه وان استوردته من الخارج.

أن العراق الجديد وشعبه لا يكنون للكويت وشعبها سوى حسن الجوار، وكلا الطرفين عانى من الصنم ما عانه، على الرغم من أن للكويت صفحة سوداء في تاريخيا مع شعب العراق - يوم ساندت الصنم ضد شعبه، لكن المسامح كريم والعراق رحيم أن لم يعق الصغير الكبير. فلاداعي لكثرة الإستفزازات الكويتية التي للأسف أضحت سمة ممنهجة! ولا داعي لمحاربة العراق في رزقه ورزق عياله - كي لا يعمل بقول الصحابي أبو ذر الغفاري "عجبت لامريء دخل بيته فلم يجد فيه ما يطعم عياله ولم يخرج للحاكم شاهرا سيفه".
كما ليس من مصلحة الكويت دفع بعض العراقيين إلى صدام جديد - لأن ثقافة الكراهية والإنتقام سوف تسود بين الشعبين الشقيقين وهذا ما لا نريده أو نتمناه.
لذلك ليس من مصلحة طويلة الأمد للكويت في خسارة صداقة العراق على حساب ربح كم مليون من عائدات ميناء ما.

واخيرا على الحكومة العراقية والبرلمان واهل التحزب والسياسة، ومنهم الخارجية العراقية، الكف عن استفزاز شعبهم-الناخب بمجاملاتهم السياسية، الديبلوماسية، الأمنية، الإستراتيجية، الحدودية، والإقتصادية للتصعيد الكويتي وغيره من أشكال التعدي والتدخل بالشأن العراقي من قبل دول الجوار. وعلى الحكومة والبرلمان تكليف الخارجية العراقية بأتخاذ الموقف الحازم اقليميا ودوليا حول التهديد الإستراتيجي لما يسمى بميناء "المبارك" على الإقتصاد والملاحة العراقية. لأن الشعب العراقي ونخبته الثقافية والصحافية والإعلامية المتحررة من سجن المجاملات قد قالت كلمتها بهذا المشروع اللامشروع والتي كانت ´لا´ كبيرة. والتهاون في هذا الموضوع يعد شكلا من أشكال الفساد المالي والإداري الذي ينخر جسد العملية السياسية في العراق الجديد.
وكفى لسياسة المجاملة المرحبة بضم العراق إلى الكويت!
 

23.05.2011
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter