| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الخميس 22/12/ 2011                                                                                                   

 

قراءة حول حصانة نائب رئيس الجمهورية

مصطفى الأدهم *

في مؤتمره الصحفي الذي عقده (الثلاثاء) في أربيل، استغرب نائب رئيس الجمهورية، المطلوب للقضاء، طارق الهاشمي أن يكون "للنائب (في البرلمان) حصانة، ونائب رئيس الجمهورية ليس له حصانة؟!" .. وكرر هذا التساؤل عدد غير قليل من النواب والمراقبين، مدعين أن لنائب رئيس الجمهورية حصانة. بل أن بعضهم علل وجهة نظره بالقول؛ يجب أن تكون له حصانة، لأن منصبه رفيع، كبير وسيادي في الدولة العراقية!

بداية، لا شك في أن منصب الهاشمي، رفيع، وكبير في هرم الدولة العراقية. وبكل تأكيد أن منصب نائب رئيس الجمهورية، هو منصب سيادي. لكن، الجواب الدستوري على الإستغراب والسؤال الذي طرحه الهاشمي وغيره، هو وبكل بساطة؛ نعم، لا توجد أية حصانة لنائب رئيس جمهورية العراق. (1). دستور جمهورية العراق لعام (2005 م).
هكذا لم ينص الدستور في أي من مواده أو فقراته على منح أي نوع من أنواع الحصانة، لأعضاء السلطة التنفيذية، سواء أكانوا من "السياديين" أو من أصحاب الدرجات الخاصة. عدا أعضاء مجلس النواب.
لذلك فأن رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ورئيس مجلس القضاء الأعلى، ونواب رئيس الجمهورية، ونواب رئيس الوزراء، والوزراء ليست لهم حصانة. وهو المعمول به على الأغلب عالميا، على مستوى الديمقراطيات المخضرمة في العمل الديمقراطي. بأستثناء؛ مثل الجمهورية الفرنسية؛ التي يمنح دستورها حصانة رئاسية، لرئيس الجمهورية، مدة جلوسه على سدة الرئاسة؛ كون نظامها رئاسي برلماني. وتسقط بأنتهاء مدة الرئاسة. وما الحكم القضائي التاريخي الأخير بحق الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك الا دليل. (2).
"الشرق الأوسط" اللندنية.
أما في الجمهورية الإيطالية، فأن المحكمة الدستورية كانت قد ألغت قرارا حكوميا مرره البرلمان يقضي بمنح حصانة رباعية مطلقة، لرئيس الجمهورية، رئيس الوزراء، رئيس مجلس الشيوخ ورئيس البرلمان. وهو ما أنصاع له سيلفيو برليسكوني، رئيس الوزراء. (3).
"أيلاف".
وفي كلتا الحالتين، ما أن تتوفر أدلة بحق "المحصن" فأن القضاء يطالب، وبحسب السياقات القانونية برفع الحصانة عنه، ولنا في حادثة برليسكوني، مثال جيد، حيث مثل لطلب الحضور أمام محكمة ميلانو بخصوص اتهامات مالية و جنسية.(4).
"الجزيرة" نت.

أن تسائل الهاشمي ينطوي على ثلاثة أمور لا رابع لهما؛ أما جهله كنائب لرئيس الجمهورية بالدستور، وهو ما يفترض أنه يسهر على تطبيقه والإلتزام به مع الرئيس؟
أو علمه به، لكنه تعمد التسائل من أجل التشكيك، أو التضليل، أو استدرار التعاطف؟
أو أنه يحتقر ويستصغر العمل البرلماني، مقارنة بالمناصب السيادية/الرئاسية؟ - لذلك، استغرب متسائلا كيف يمنح البرلماني "الصغير" حصانة، ولا تمنح لنائب رئيس الجمهورية "الكبير"؟! - كيف أذن تعطى للأول متجاوزة فخامة الثاني؟!

لكن، في الحقيقة، أن في كل ضلع من أضلاع هذا المثلث - المصيبة أعظم. ونقطة سلبية تحسب على الهاشمي. لأنه كنائب لرئيس الجمهورية، يفترض به وكما نص الدستور بن يسهر على حمايته وضمان تطبيقه مع الرئيس. (5).
(المادة (67)) دستور. ما يستوجب علمه التام بأحكامه ومواده.

أن البرلماني هو المشرع. المراقب. المحاسب. وممثل الشعب. لذلك، تمنح له الحصانة بموجب الدستور. (6).
المادة (63. ثانيا.أ) دستور. كي يستطيع القول، والفعل والعمل على اتمام مربع عمله الذكور. دونما ضغوط، أو تهديد أو أعاقة، أو ابتزاز.
وحتى الحصانة البرلمانية، فهي محددة ومؤقتة. (7).
المادة (63. ثانيا) دستور.
حدودها؛ مالم يخرق النائب القانون أو يثبت عليه جرم مشهود، يستدعي رفعها. أما مدتها؛ فتنتهي بأنتهاء الدورة البرلمانية. (8).
المادة (63. ثانيا) دستور. واستقالة النائب، أو اقالته، أو تقاعده، كلها منافذ تضاف لما ذكر، ترفع عندها الحصانة.

أما العضو في السلطة التنفيذية (رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء)، فهو منفذ، أذن هو متنفذ. لذلك، هو يراقب. يحاسب من قبل المشرع/المراقب/المحاسب - الذي هو البرلماني.
والعمل التنفيذي فيه نسبة متفاوتة من الخطأ في اتخاذ القرار. عليه يحاسب ويعاقب وقبلهما يراقب، دونما حصانة. كي لا يستسهل الخطأ؛ سهوا أو عمدا. ولا يرتفع عن المسائلة. ولا يترفع عن القانون. ولا يسيء استخدام السلطة، ولا يستغل المنصب. فيتجاوز على الدستور. والأمر يشمل النائب لكن، بصيغ مختلفة منها معاقبة الناخب له بعدم أعادة انتخابه.

عليه، لا ينفع في مثل هذه الحالة، التساؤل ولا التشكيك أو محاولة التضليل بالإستغراب أو استدراك العواطف، بعقد المقاربات والمقارنات. كما لا ينفع الإفتاء قانونيا ودستوريا من هنا وهناك، ما لم يرتكز التصريح على رأي أو وجهة نظر قانونية ناضجة من مختص أو على الأقل وجهة نظر معتبرة لا تتقاطع مع نص دستوري أو تشريع قانوني.

نعم هناك أحتمال واحد. وهو منفذ قانوني. لكنه، شبه مستحيل من الناحية العملية نظرا لتعقيدات الواقع السياسي العراقي الراهن. يتمثل بأجراء تعديل دستوري ضمن الشروط الدستورية، يمنح بموجه نائب رئيس الجمهورية حصانة مدة شغله المنصب. وينظم ذلك بقانون. وهو ما يستدعي وجود أغلبية نيابية داعمة.

السؤال هو؛ هل يستطيع الهاشمي ومن يؤيد وجهة نظره تأمين الأغلبية النيابية الداعمة؟

ملاحظة، ينص الدستور على أن الفصل في التهم الموجهة إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والوزراء يقع ضمن صلاحيات المحكمة الإتحادية العليا وينظم ذلك بقانون. (9).
المادة (93) دستور.

 

1. دستور جمهورية العراق لعام 2005 م
http://iraqja.iq/view.77 /
2. "الشرق الأوسط" اللندنية
http://aawsat.com/details.asp?section=4&issueno=12071&article=654597&feature =
3. "أيلاف"
http://www.elaph.com/Web/Politics/2009/10/491114.htm
4. "الجزيرة" نت
http://www.aljazeera.net/Mob/Templates/Postings/NewsDetailedPage.aspx?GUID=EF346EE6-6B6D-4DE9-967D-843FE0230DB4
5. دستور جمهورية العراق لعام 2005 م. المادة (67)
http://iraqja.iq/view.77 /
6. دستور جمهورية العراق لعام 2005 م. المادة (63.ثانيا.أ)
7. دستور جمهورية العراق لعام 2005 م. المادة (63. ثانيا)
8. دستور جمهورية العراق لعام 2005 م. المادة (63. ثانيا)
9. دستور جمهورية العراق لعام 2005 م. المادة (93)

 

21.12.2011
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter