| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الثلاثاء 22/11/ 2011                                                                                                   

 

مصر.. "ميدان التحرير" و "المجلس العسكري" !

مصطفى الأدهم *

كان لمشاهد العنف المفرط التي واجهت بها قوات الشرطة العسكرية، وعناصر وزارة الداخلية المصرية اليوم الأحد، ضد الإعتصامات والمظاهرات في "ميدان التحرير" بالقاهرة، الرافضة لوثيقة "السلمي" حول المباديء الدستورية - التي أثارت جدلا سياسيا، حقوقيا، اعلاميا وشعبيا واسعا، اثرها في تعاطي الداخل المصري والخارج.
أن تلك المشاهد التي تناقلتها وسائل الإعلام، اظهرت عنفية شرطية ملفتة لنظر المراقب، كونها وللأسف تعيد الذاكرة إلى المشاهد العنفية لقمع المتظاهرين من قبل الشرطة أيام حكم مبارك. وكأن من استخدم العنف اليوم، كان يعاني من "كبت العنف"، نتيجة عدم ممارسته، خلال "عهد الثورة" بعد تنحي مبارك. فأراد انتهاز الفرصة اليوم من اجل الإنتقام؛ لأعادة "عز" الإيام الخوالي!
أن بعض قوات الشرطة؛ عسكري ومدنية، ربما يعاني وبحسب ما اظهرت الصور من "فائض قوة" غير مستخدم، تماشيا مع "مقتضيات عهد الثورة" - لكنه تلقف الفرصة أو صنعها اليوم وافرغ فائض قوته المكبوت على من تظاهر واعتصم في الميدان ضد وثيقة "السلمي" الدستورية.

في المقابل، فأن صبر قطاعات واسعة من الشعب المصري؛ سياسية واجتماعية، ربما أخذ طريقه للنفاذ من تحمل ما يسموه ب-"حكم العسكر"، حيث الخوف والتوجس من نيات وتوجهات المجلس الإعلى للقوات المسلحة الحاكم. لذلك، ترى أن البعض في مصر أدمن التظاهر والإعتصام والمعارضة، والغايات مختلفة بين ألسلب والإيجاب. والنيات هي الأخرى متباينة بين الوطنية والمصلحية الفئوية.. لكن، هناك قلق عام يمكن رصده من الطريق الذي ستسلكه مصر في ظل قيادة العسكر. فهل سيسلم المجلس العسكري السلطة لقيادة مدنية أم لا ؟ - هو السؤال الأهم والأكثر طرحا في الداخلي والخارج. والإجابة عليه تتراوح بين السلب والإيجاب. ولكل فريق دلائله ومعطياته.

وعليه، فأن صدامات اليوم، قد غيرت مؤشر البوصلة إلى اتجاه جديد غير مسبوق على الأقل من حيث هذا الكم والزخم والتعاطي، فعودة المتظاهرين إلى الميدان، وتجمعهم هناك بالالاف واطلاقهم شعارات جديدة مطالبة بأسقاط المجلس الأعلى للقوات المسلحة! بعد أن كانت تقتصر في الماضي على التعجيل في تنفيذ عملية نقل السلطة ايداي مدنية. كلها معطيات ومؤشرات لا تصب في مصلحة المجلس العسكري.

فليس من مصلحة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الدخول في مواجهة مع "ميدان التحرير"، لأنه بذلك سيستنسخ المشهد السابق، حيث كان مبارك في مواجهة الميدان، وخرج المجلس حينها ك"شريك" في الثورة، لا يفترض به اليوم أن يأخذ مكان مبارك المشار اليه. لأن المعركة مع الميدان ستضعف المجلس وتخرجه بكل الأحوال خاسرا.. أقلها خسارة الإجماع على وطنيته - التي حمته حتى اليوم من تهمة "جيش النظام" وزكته بدل ذلك ك "جيش الشعب والوطن".

الأفضل هو أن تأتي حكومة جديدة بقيادة جديدة وصلاحيات واسعة؛ لرئيسها حيثيته الشعبية، تكون على قطيعة مع النظام السابق، تحضر لانتخابات قادمة تسرع وتضمن نقل السلطة من المجلس إلى قيادة مدنية منتخبة. يكون المجلس العسكري في هذه الفترة موجه عن بعد، بدل التدخل في التفاصيل فعلا أو حشرا، كما هو الأن. فكلما تدخل المجلس في التفاصيل كلما استنزف من رصيده.

 

20.11.2011
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter