| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الأربعاء 21/9/ 2011                                                                                                   

 

الكتلة الأكبر من العراق الى الدانمارك ..!!

مصطفى الأدهم *

جرت وانتهت الخميس (15.09.2011) الإنتخابات النيابية الدانماركية. وجاءت نتائجها على النحو التالي:

حزب الدانمارك الليبرالي - "الفنسترا" / (
Venstre) -  بزعامة رئيس الوزراء السابق، رئيس حكومة تصريف الأعمال اليومية لحين تشكيل الحكومة الجديدة، ورئيس تكتل المعارضة القادم :
لارس لوكة راسموسن (
Lars Leokke Rasmussen)، حصل الحزب على المركز الأول من حيث عدد المقاعد في البرلمان الدانماركي (Folketinget - الفولكتنك) - 47 مقعدا. وبذلك أصبح الحزب الأكبر في البلاد. وهو الموقع الذي حافظ عليه في الإنتخابات السابقة. لكنه خسر هذه المرة الإستمرار في قيادة الإئتلاف الحكومي السابق. كما خسر حق تشكيل الحكومة الجديدة المنبثقة عن الإنتخابات، كونه لا يتمتع وحلفائه من بقية الأحزاب المشكلة "للكتلة الزرقاء" (تحالف يمين) بغالبية برلمانية.

الحزب الديمقراطي الإشتراكي - (
Socialdemokratiet)، بزعامة النائبة هيلة تورننغ شميت (Helle Thorning-Schmidt)، رئيسة الوزراء القادمة حسب نتائج التسمية على المنصب التي اجرتها الملكة بالتشاور مع رؤساء الأحزاب الفائزة بالإنتخابات. حيث سمتها الملكة - كمفاوض ملكي - مع الأخذ بعين الإعتبار تشكيل حكومة جديدة. حصل حزبها على 44 مقعدا. 

حزب الشعب الدانماركي - (
Dansk Folkeparti) / (يمين متطرف)، بزعامة النائبة بية كاسكو (Pia Kjærsgaard)، والذي حصل على 22 مقعدا.

حزب اليسار الراديكالي - (Det Radikale Venstre) - بزعامة النائبة مارغريتة فستيية (
Margrethe Vestager)، الذي حصل على 17 مقعدا.

حزب الشعب الإشتراكي - (
Socialistisk Folkeparti)، بزعامة النائب فيلي سونديل (Villy Soevndal)، والذي حصل على 16 مقعدا. 

حزب القائمة الموحدة (
Enhedslisten)، بزعامة النائبة الشابة يوهانة شميت نيلسن (Johanne Schmidt-Nilsen)، والذي حصل على 12 مقعدا.

حزب التحالف الليبرالي (
Liberal Alliance)، بزعامة النائب أنس صامولسن (Andres Samuelsen)، والذي حصل على 9 مقاعد.

حزب الشعب المحافظ (
Det Konservative Folkeparti)، بزعامة النائب أنس بافود (Lars Barfoed) والحاصل على 8 مقاعد.

بالإضافة إلى مقعدين لجزيرة غرينلاند ومثلهما لجزر الفارو. 

المهم بعد هذا العرض هو؛ كيف تقسمت أو تحالفت هذه النتائج، كي نفهم كيفية تسمية رئيسة الوزراء القادمة. وفيها ما يتشابه مع ما حصل في الإنتخابات العراقية؛ والذي ما تزال نتائجه السلبية حتى اليوم؛ وهي أزمة الكتلة الأكبر أو الكتلة التي لها ألحق (الأولي) لتشكيل الحكومة.
أن النتائج أعلاه هي لتسعة احزاب فائزة بالإنتخابات النيابية، وتشغل بمجموعها مقاعد البرلمان الدانماركي المكون من 179 مقعد. لكنها، أي هذه الكتل؛ تنقسم عموديا إلى كتلتين؛ زرقاء تسمى ب (
Blaa Blok)، وحمراء (Roed Blok) ، تمثلان اليمين واليسار على التوالي.

"الكتلة الزرقاء"؛ هي عبارة عن تحالف كل من؛ حزب الدانمارك الليبرالي - فنسترا، وحزب الشعب الدانماركي، وحزب المحافظين، وحزب التحالف الليبرالي. والبالغ عدد مقاعدها النيابية 86.
"الكتلة الحمراء"؛ هي عبارة عن تحالف كل من؛ الحزب الديمقراطي الإشتراكي، وحزب الشعب الإشتراكي، وحزب القائمة الموحدة بالإضافة إلى حزب اليسار الراديكالي. والبالغ عدد مقاعدها  النيابية 89
يضاف من الأربعة مقاعد المخصصة لكل من جزيرة غرينلاند وجزر الفارو، 1 لل "كتلة الزرقاء" و 3 لل "كتلة الحمراء". فتكون النتيجة النهائية 87 مقعدا لل "كتلة الزرقاء" (اليمينية). و 92 مقعدا لل "كتلة الحمراء" (اليسارية)
وعليه، تكون الغالبية النيابية لصالح "الكتلة الحمراء"

التي بذلك سمت مرشحتها لرئاسة الوزراء، زعيمة الحزب الديمقراطي الإشتراكي، النائبة هيلة تورننغ شميت.

على الرغم من أن حزب الدانمارك الليبرالي - "الفنسترا"، هو أكبر احزاب الدانمارك حجما في البرلمان، والحزب الفائز بالمركز الأول في الإنتخابات، وزعيمه رئيس الوزراء السابق، رئيس حكومة تصريف الأعمال، النائب لارس لوكة راسموسن، هو صاحب أعلى نسبة تصويت شخصي من بين السياسيين . لكن، ومع كل هذا أعلن مساء يوم الانتخابات وبعد اعلان النتائج التقريبية النهائية، والتي اشارت إلى خسارة كتلته المتحالف معها وفوز تحالف احزاب "الكتلة الحمراء" بغالبية ثلاثة مقاعد، أعلن أنه سيسلم مفاتيح رئاسة الوزراء إلى رئيسة الوزراء القادمة – مرشحة "الكتلة الحمراء" الممثلة للغالبية النيابية الجديدة المنبثقة عن الإنتخابات - على الرغم من ان حزبها مني بخسارة انتخابية هي الأسوأ بتاريخه منذ (108) عام. لكنها، وحزبها تتمتع بغالبية نيابية يوفرها لها ائتلاف "الكتلة الحمراء"، وهنا بيت القصيد. فكما تقول السيدة هيلة ”الغالبية النيابية هي غالبية نيابية”.

من هنا، نستشف بشكل جلي أن ألمهم في العملية الديمقراطية البرلمانية، ليس من هو الحزب أو القائمة الفائز أو الفائزة بالإنتخابات، ما دامت هذه القائمة أو هذا الحزب لا يستطيع تأمين أغلبية نيابية تؤهله لتشكيل حكومة أو تعيق منافسيه من تشكيلها. وهذا بالذات هو مربط الفرس في الحالة العراقية الناجمة عن الانتخابات النيابية المنصرمة؛ والتي كانت نتائجها فوز القائمة "العراقية" ب (91) مقعدا، وائتلاف "دولة القانون" ب (89) مقعدا، والإئتلاف  "الوطني العراقي" ب (67) مقعدا، وائتلاف "الكتل الكوردستانية" ب (57) مقعدا، ألخ من بقية القوائم والكتل النيابية المعروفة...

فجاء بعدها تشكيل التحالف "الوطني العراقي"، من تحالف ائتلاف "دولة القانون" مع الإئتلاف "العراقي الموحد" فشكل الكتلة النيابية الأكبر والتي دخل بها البرلمان. وعليه، أعاق هذا التحالف عمليا امكانية تشكيل غيره للحكومة ما لم يتم التفاهم معه. ناهيك عن أن الواقعية السياسية المعروفة قد رسمت شكل العملية السياسية - اقله في المرحلة الراهنة - وهذه الواقعية تقول بصراحة أستحالة تشكيل الحكومة من جهة غير "التحالف الوطني" أو أحد أركانه؛ "القانون" و"الوطني". لكن، مع ذلك تبقى أهمية أنه يشكل عمليا الأغلبية النيابية التي تعيق غيره من تشكيل الحكومة.

ومع ذلك، أصرت القائمة "العراقية" ورغم تفسير المحكمة الإتحادية للمادة الدستورية الخاصة بتشكيل الحكومة وقالت "أن الكتلة النيابية الأكبر هي من تملك ألحق (الأولي) لتشكيل الكحومة" - لكن، هذا كله لم يحسم الجدل القائم بين أطراف العملية السياسية في حينه والمستمر حتى اليوم بصور و وجوه أخرى.. وظلت القائمة "العراقية" تراوح مكانها في أنها الكتلة النيابية الأكبر وليس فقط القائمة الفائزة الأولى، وانها هي من له ألحق الأولي لتشكيل الحكومة.. ولم تعترف القائمة بكل من "التحالف الوطني" وتفسير المحكمة الإتحادية..
وبعد رضوخها للأمر الواقع تعود بين الحين والأخر للتراجع والقول بعدم وجود هذا التحالف او تشكك بتفسير المحكمة الإتحادية أو تقلها جهارا أنها هي الكتلة الأكبر رغم كثرة الإنشقاقات بداخلها والتي جعلتها أصغر من ائتلاف "دولة القانون" ناهيك عن "التحالف الوطني". ولهذه الخلفية وغيرها، نتائجها السلبية على العملية السياسية وسيرها، بالذات في هذه الدورة البرلمانية.
فالجميع متحالف مع الجميع. والجميع معارضه للجميع. فلا هي حكومة شراكة حقيقية، ولا هي بحكومة أغلبية! ولا توجد معارضة برلمانية حقيقية. بل هي "رجل في الحكومة واخرى في المعارضة" .. والنتيجة هي الشلل الحاصل نتيجة التقاتل بين الشركاء - "الأعداء" ..

وعليه، فأن الدرس الذي وفرته نتائج الإنتخابات النيابية الدانماركية للعملية السياسية العراقية، يتمثل في أن بيت القصيد ليس في القائمة الفائزة بالمركز الأول في الإنتخابات. ولا هو بحجم الحزب أو الكتلة أو القائمة في البرلمان - و أن كان هذا الحجم هو الأكبر بين نظرائه من الكتل - لكنه بلا تأثير ما لم يوفر أو يؤمن فرديا أو جماعيا بالتحالف؛ أغلبية نيابية تشكل الحكومة وتعيق غيره من تشكيلها.
 
فهل ستمعن الكتل النيابية في العراق النظر جيدا في هذا المثال (الغالبية النيابية وتأمينها هو المهم وليس فقط المركز الأول) ؟
سؤال أترك اجابته لكم ...


21.09.2011
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter