| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الأحد 21/8/ 2011                                                                                                   

 

على فكرة .. في العراق شعب يقصف !

مصطفى الأدهم *

بينما يسقط الشهداء الأبرياء من المدنين العزل في اقليم كوردستان العراق نتيجية القصف الجوي والمدفعي التركي اليوم، تنشغل الكتل النيابية المؤلفة لحكومة "الشراكة الوطنية" في معاركها الجانبية التي لا تنتهي. والتي أدت إلى حالة من الشلل العام على صعيد أدارة الدولة. فما أن يصدر موقف من الكتلة الفلانية حول قضية ما، حتى يلحقه نقيضه من الكتلة العلانية.. فتكون المحصلة معركة جابنية أخرى؛ تشتت الأراء وتبدد الجهود - التي تصرف بدورها في المبارزة الكلامية و "صولات البيانات" بين هذه الكتل؛ من دعم للموقف الأول وتفنيد الثاني، والعكس يسري من الطرف الثاني على الأول.. وهكذا دواليك في "دولاب هوة" العملية السياسية!

فحتى كتابة هذه السطور، لم يصدر موقف معلن من الحكومة العراقية ممثلة بمجلس الوزراء أو وزارة الخارجية، والأمر يسري على رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء. وكأن القصف يستهدف جزر "الواق واق" وينتهك سيادة جمهورية "الموز الشعبية" ويقتل مواطني دولة "البزمتي الديمقراطية"! فلا بيان أو خبر حول الموضوع في الموقع الرسمي؛ لرئاسة الجمهورية، أو رئاسة الوزراء، أو الأمانة العامة لمجلس الوزراء، أو وزارة الخارجية! فلولا تداول الأنباء اعلاميا وتغطية قناة "العراقية" للحدث مع زميلاتها من الفضائيات، لمر الحدث دون تغطية تذكر - وهو ما يثير في النفس العديد من الأسئلة؟
من جملتها؛ بيانات رفع العتب التي اعتدنا عليها؟ حتى هذه اختفت اليوم، ولم نسمع بها، ولم تنشر في ما ذكر من المواقع الرسمية لعليا السلطات في البلد!

يفترض، وفي مثل هكذا حالة، أن تبادر وزارة الخارجية، وتلكف نفسها عناء استدعاء السفير التركي للإحتاج مثلا، أو تسليمه رسالة شديدة اللهجة، وما الى ذلك من سياقات العمل الديبلوماسي الذي يفترض أنه من صميم عملها، بدل الكسل والتعذر بحجج لم يعد لها من قيمة؛ لا تقدم ولا تؤخر تجاه السياسة الممنهجة للجوار العراقي في التجاوز على سيادة البلد، وتهديد شعبه ومصالحه. كل هذا وسياسيتنا الخارجية صائمة عن الموقف الحازم، وان أفطرت، فعلى بيان رفع عتب؛ أستقفدناه اليوم !

شعبنا يقصف في اقليم كوردستان، والحجة عند البعض من أهل السياسة والنيابة تتمثل في لعبة رمي المسؤولية على كاهل حكومة الإقليم أو الحكومة الإتحادية. وبين هذا وذاك ينشأ الجدل العقيم؛ جديده والقديم، هل "الصوج" هو من المركز أم الإقليم في حماية السيادة والحدود والمواطن! وكأن الدستور لم يحدد الصلاحيات والواجبات لكل منهما، وكأن المسألة تقف عند هذه الشكلية التي هي قناع يضعه البعض للتهرب من اتخاذ موقف واضح وحازم لإيقاف هكذا اعتداءات تزداد ولا تنقص مع تقادم الزمن.
ومن هذه الخلفية يخرج "جهابذة" القلم، لتصفية الحسابات السياسية، فيقول قائلهم شامتا " هذه نتائج الفيدرالية " ويضيف أخر بشوفينية واضحة " دعوهم للأتراك كي نرى بطولاتهم " وكائنه يتحدث عن أعداء له في بلد أخر هو في حالة حرب معه، لا عن شعبه وبلده وحدوده التي يتغنى عن وحدتها من زاخو حتى الفاو !

أن أكثر ما يثير للإستغراب، هو أختفاء الأصوات التي هبت للدفاع عن سيادة العراق الملاحية ومصالحه المائية عند بدء الكويت تنفيذ ميناءها المسمى ب-"مبارك الكبير" ! بل أن منهم من يشد بشكل أو أخر على يد المدفع القاصف من هنا والطائرة القاصفة من هناك لشعب هو حتى الساعة جزء من "الفسيفساء" العراقي الجميل الذي سطرت في فرادته المعلقات شعرا ونثرا ! لكنها الحسابات السياسية الضيقة مع بعض من الشوفينية التي لا يمكن تغافلها هي من عمت الأبصار وصمت الاذان وشلت الإيدي عن التطرق إلى هذه القضية التي هي وطنية وانسانية في آن.

يفترض أن تبادر رئاسة الإقليم إلى اجتماع طاريء مع الحكومة الإتحادية في بغداد من أجل اتخاذ التدابير الديبلوماسية اللازمة في مثل هكذا حالات، ولا ضير من اجتماع لمجلس الأمن الوطني الذي يفترض أن مثل هكذا حالة تدخل في صميم واجباته العملية لحماية الأمن القومي للبلد، فلا فرق بين أمن زاخو ومن الفاو - هكذا يفترض!

وعلى الخارجية العراقية أن تجهد نفسها قليلا رغم "عناء" الصيام وتتحرك للقيام بجزء من الواجب، خصوصا في هذه الشهر الفضيل؛ عسى أن يتقبل الله منها الطاعات .. وصالح الأعمال التي يرضى عنها الشعب/الناخب.
ففي العراق اليوم .. شعب يقصف يا صيام!

 


21.08.2011
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter