| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

السبت 21/1/ 2012                                                                                                   

 

العراق.. أين حماية القضاة من شبح الإغتيال ؟

مصطفى الأدهم *

خلال استضافته في برنامج "مجلة العراق اليوم" على كل من راديو "دجلة" و القناة الألمانية "DUTTSHCE WELLE"، ذكر القاضي الأستاذ منير حداد، الذي حكم الطاغية المقبور صدام حسين، أن "الحكومة تركتنا (القضاة) في الشارع، بلا حماية"، وأضاف أن "أغلب قضاة (متقاعدين) المحكمة الجنائية الخاصة بمحاكمة المقبور صدام حسين يتصلون بي ويطالبوني بعدم ذكر اسمائهم في الإعلام" جراء الخطر الملازم لحياتهم من شبح الإغتيال. من جابنه قال الخبير القانوني الدكتور منذر الفضل في نفس البرنامج أن "مجموع الشهداء من القضاة وصل إلى 48 شهيد من خيرة القضاة، وانه لا يتمنى أن يكون الشهيد رقم 49 هو القاضي منير حداد". (1).

أن ما ذكره القاضي حداد والدكتور الفضل محزن حقا ومثير للقلق فعلا، كونه يشير إلى ثغرة أمنية خطيرة، فالقضاة هم حماة الحقوق وفرسان العدالة وان تقاعدوا. فكما نطالبهم وفقا للدستور بالعمل بأستقلالية وحيادية ومهنية دون الرضوخ إلى الضغوط من أي سلطة أو جهة. علينا في نفس الوقت توفير كل من العيش الكريم والأمن لهم - أثناء الخدمة وبعدها. فلا يعد من الإنصاف ولا حتى من العدالة أن نجعل من القضاة مشروع أستشهاد مؤجل إلى حالة التقاعد أو الإستقالة، ما ان ينزل من كرسي القضاء حتى يجد نفسه في "الشارع" بلا حماية شخيصة تؤمنه.

فلكل قاضي عداوات وخصومات، خصوصا في بلد شرق أوسطي، لا زال الثأر جزءا من الموروث الإجتماعي، ناهيك عن تواجد بقايا نشطة من التنظيمات البعثية والإرهابية والتكفيرية تعتبر نفسها "متضررة" من السلطة القضائية وبالتالي القضاة. بل هي تعتبر نفسها خصما للقضاء والقضاة. هذا من جهة. ناهيك عن أن بعض الساسة الكبار والصغار ممن اتهموا، وادينوا في قضايا من فساد مالي وأداري وارهاب هددوا ويهددون القضاء والقضاة بشكل مستمر.

ان كل ما ذكر يشكل منظومة من الضغوط على القضاة بشكل فردي وعام. ومع ذلك، فأن السلطة القضائية ما زالت تعمل وفقا للدستور والقانون كسلطة مستقلة لا تخضع لهذه التهديدات والابتزازات والضغوطات، رغم كم الشهداء.
عليه، أرى أنه من حق العدالة على الشعب والدولة (رئاسة الوزراء، وزارة الداخلية، وزارة العدل) أن يكون لهم دور ما في حماية القضاة الذين هم في مجال الخدمة ومن هم في حالة التقاعد. كي تردم هذه الثغرة الأمنية في الجدار القضائي، ولا نبقي مجالا لزاوية يمكن أن يرشح من خلالها ضغط على قاضي ما. وهذا جزء من حقهم علينا.

لا يعقل أن يكون قاضي بوزن القاضي حداد، الذي حاكم المقبور صدام، لا يمتلك حماية كونه متقاعدا. بل أنه من المخزي أن يوضع القضاة الأبطال من المحكمة الجنائية الخاصة بمحاكمة الطاغية في هذا الموقف المؤسف، "أن يطالبوا القاضي حداد أن لا يذكر اسمائهم خوفا على حياتهم وسلامتهم الشخصية لعدم وجود حماية تؤمنهم". في حين أن الوزراء والنواب والوكلاء والمستشارين والسفراء والمدراء العامين يتمتعون بحمايات أمنية كبيرة. ناهيك عن الرؤساء وأصحاب المناصب السيادية، والضباط. والقضاة ليسوا بأقل من هؤلاء وان تقاعدوا.

لذلك، اقترح أن تقوم رئاسة الوزراء أو وزارة الداخلية أو وزارة العدل بمبادرة لايجاد صيغة تحل هذه المسألة التي لا تليق بسمعة العراق الجديد ولا تليق بمكانة القضاء والقضاة. لا ضير من أن يعتبر القاضي المتقاعد بدرجة مستشار مثلا وعليه يحصل على الحامية اللازمة، وان احتاج ذلك إلى تشيريع قانون. أو على أقل تقدير الأخذ بالصورة المعمول بها في أغلب دول العالم المتحضرة وهي أن يتقدم المواطن، القاضي في هذه الحالة إلى الجهة المختصة بطلب مسبب لتوفير الحماية الشخصية له في حال تعرضه للخطر.

أن القاضي الذي يفصل في قضايا كبرى كقضايا الطاغية المقبور ونظامه الساقط وازلامه القتلة، وقضايا ارهاب، وقضايا فساد مالي واداري، "أبطالها" من الوزن الثقيل وأصحاب اليد الطولى لا بد وان يكون مؤمننا على حياته وحياة عائلته أثناء العمل وبعد التقاعد، كي نأتمنه على حياتنا وحياة عوائلنا حينما يحكم في هكذا قضايا نوعية، فلا ندعه فريسة للتهديد بالموت المؤجل إلى حين..

 

(1) رابط اللقاء مع الدكتور الفضل والقاضي حداد
http://www.dw-world.de/popups/popup_single_mediaplayer/0%2c%2c15679722_type_audio_struct_9048_contentId_6700795%2c00.html

 

21.01.2012
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter