| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الخميس 19/1/ 2012                                                                                                   

 

عار لبنان سمير جعجع يعير العراق !

مصطفى الأدهم *

سمير جعجع غير مؤهل لإبداء "النصح والإرشاد"، وأصغر من أن يتدخل في الشأن الداخلي العراقي. واقع الرجل الناتج من رحم تاريخه، لا يسمح له بأرتداء ثوب النيافة، ولا حمل لواء الحكمة، وأن تنطع برفع شعارات أنسانية؛ كعزفه النشاز على "ورقة" أبناء الوطن - أتباع الدين المسيحي الكريم. فهم مكون تاريخي وأساسي في الفسيفساء العراقية، ولهم قياداتهم الروحية الكبيرة ذات الثقل الدولي، كنيافة الكاردينال مار عمانوئيل دلي الثالث، وبقية زملائه البطاركة والقساوسة، ناهيك عن تواجد القيادات السياسية الممثلة بالكوتة المحفوظة في مجلس النواب. والقضاء والدستور هما الحصانة والضمانة لهذه الفسيفساء.

ما طال الأقليات الدينية في العراق، هو ما طال الأغلبية. فالجوامع والمساجد والحسينيات كالكنائس وبقية دور العبادة، دنستها نجاسة الإرهاب. والقتل والإغتيال والخطف على الهوية لم يفرق بين دين ودين. وهو قول كبار رجال الدين والسياسة المسيحية العراقية.
لذلك، فأن خروج جعجع عن أصول اللياقة الديبلوماسية، واداب الضيافة بتجاوزه على الشعب العراقي، والتدخل في الشأن الداخلي، هو بذاءة. صدرت لغاية داخلية لبنانية، لتسجيل هدف من خارج المعلب في مرمى حلفائه وخصومه في المارونية السياسية. وهذا دأبه في لفت الأنظار، بالإكثار من ادعاء الإخطار، وتضخيم الذات لإبراز أهمية مفقودة.. وربما هي عقدة التاريخ؟

لا يملك شخص مثل جعجع، أي حظ في ادعاء الطهارة وان اغتسل بمياه دجلة والفرات. فسجل الرجل، الناتج عن زواج تاريخه مع حاضره، يرسم لنا صورة أقل ما يقال عنها - بشعة. تغلب عليها الحمرة. فهو أحد أمراء الحرب الأهلية اللبنانية، أسمه مرتبط ليس فقط بالجريمة السياسية، بل بالمجازر السياسية؛ كمجزرة "أهدن" التي استهدفت نجل رئيس الجمهورية اللبنانية الأسبق، الوزير طوني سليمان فرنجية، وعائلته التي لم ينجو منها سوى ابنه، سليمان (الحفيد) طوني فرنجية - النائب الحالي. وعملية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق، رشيد كرامي، شقيق رئيس الوزراء السابق، عمر كرامي، ناهيك عن مجزرتي "صبرا وشاتيلا".. فهذه كلها مجازر لها بعدها السياسي، ناهيك عن هولها الإنساني..
مع الأخذ بعين الأعتبار أنه خريج سجون، ومجرم مدن من القضاء اللبناني، خرج من سجن وزارة الدفاع بصفقة سياسية، في ظرف أستثنائي ما زال يثير اللغط الدستوري والقانون والسياسي.

أما وزنه في الساحة السياسية، فليس بالثقيل. يمتلك سبعة مقاعد نيابية (من أصل 124 تشكل المجلس) ضمن الأقلية المسماة بجماعة "14 آذار"، ويعيش وحزبه "القوات" (وهو نفس أسم ميليشياه السابقة) في حالة صراع نفوذ وتمثيل مع حليفه اللدود حزب "الكتائب" - الذي كانت "القوات" ذراعه العسكرية (قبل الإنشقاق)، ناهيك عن خصومته المزمنة مع آل فرنجية وما يمثلونه في المارونية السياسية من خلال تيارهم "المردة" وثقلهم الزغرتاوي، ومع آل كرامي، البيت الوازن والمؤثر في الساحة السياسية اللبنانية عامة، والسنية والطرابليسة خاصة، بالإضافة إلى المصارعة مع التيار "الوطني" الحر، الحزب المسيحي الأكبر، بزعامة ميشال عون والكيمياء المفقودة مع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط و عدد كبير اخر من الزعامات والأحزاب.

عليه، لا يمكن لرجل مثل جعجع، تاريخه يلطخ حاضره. وماضيه الدامي يسبق مضارعه، اعماله تسمى بلغة العصر عمليات ارهابية ومجازر ابادة جماعية، تتجاوز الكلاسيكي من الجريمة السياسية المتمثل بجريمة الإغتيال السياسي، الى التصفية على خلفية سياسية، ودينية ومذهبية وحتى عرقية، وبالتعاون مع القوات والموساد الإسرائيلي، أقول لا يمكن لهكذا شخص أن يحاضر من مذبح القداسة ولا يعتلي منبر الحكمة ولا يرتقي منصة الإنسانية، كونه عار لبنان، ونقطة سوداء في جبين المارونية السياسية، وصفحة دموية من تاريخ بلاده.

الخارجية العراقية، اللجنة النيابية للعلاقات الخارجية، الناطقية الرسمية بأسم الحكومة وسفارة العراق في بيروت، أمام مسؤولياتهم اليوم، لإستنكار شديد اللهجة للجهات الرسمية اللبنانية على بذاءة جعجع، كي لا يتكرر المشهد السخيف، ويطول مسلسل تطاول الأقزام.
العبرة لهم، من التحرك الفوري للخارجية التركية التي استدعت السفير العراقي في أنقرة، لإبلاغه الإستياء من الدفاع العراقي المؤدب على الوقاحة الاردوغانية، والصلافة كانت في ادعاء الحق في التدخل في الشأن الداخلي العراقي! - هكذا تعمل الحكومات على مصالحها، ونحن لسنا أقل منهم في الدفاع عن مصالحنا.

 

18.01.2012
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter