| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مصطفى الأدهم

 

 

 

الجمعة 18/3/ 2011                                                                                                   

 

البحرين كربلاء ثانية

مصطفى الأدهم *

العنوان أعلاه هو نص حرفي لجملة قالها رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان (سني محافظ) يوم أمس مختصرا وواصفا المجزرة التي تقوم بها القوات السعودية الغازية لشعب البحرين تحت مسمى "درع الخليج" (الذي لم يشهد له تحرك أي عسكري من قبل، عدا مشاركة رفع العتب الرمزية في حرب تحرير الكويت) وبالشراكة مع القوات العسكرية والأمنية لنظام قائممقامها في المنامة. حيث قال اردوغان: 
«لا نريد كربلاء أخرى في المنطقة، والأحداث الأخيرة في البحرين قد تؤدي إلى عواقب مشابهة لكربلاء».
وهو تشبيه تاريخي ذكي وموفق من اردوغان حيث أتى على وزن ´ما قل ودل´ لم يخلو من الصراحة التي تخيف البعض لجهة تسمية الاشياء بمسمياتها. وبما أن القائل التركي (سني)،  فهو بذلك قد نجى من تهمة ال"Take away" الجاهزة والمعلبة المسماة بالطائفية!..

إن ما يجري في البحرين ومنذ دخول القوات السعودية الغازية يعد وكما قلنا في مقال سابق غزوا واضح المعالم ومتكامل الأركان، ينتهك السيادة البحرينية وحرمة شعبها وحقه القانوني بتقرير مصيره وفقا لإرادته الحرة والتي كفلها له القانون الدولي واقرتها له شريعة حقوق الإنسان والتي انتهكها وما يزال وبشكل سافر و"Live" النظام البحريني وبالتعاون مع راعيه السعودي، حيث لم يكتفي نظام الوصاية الطائفية السعودية في البحرين من قتل أبناء شعبه المنتفض سلميا لرفع الظلم الذي يمارس ضده منذ سنوات تحت "خيمة" التمييز الطائفي المقيت، لم يكتفي نظام المنامة بهذا بل أسرف في تماديه لجهة انتهاكه القانون الدولي وحقوق الإنسان بحق شعبه من قتل وقمع استكملها بفتح البلاد للقوات السعودية الغازية كي تقمع له ومعه الشعب البحراني بشكل طائفي تماشيا مع فتاوى التكفير التي اصدرها مشايخ الحركة الوهابية ضد المتظاهرين سلميا في البحرين، حيث يقول الكاتب السعودي وسليل عائلة محمد بن عبد الوهاب مؤسس الحركة الوهابية في مقاله المعنون ب-"البحرين والصفويون الفرس" والمنشور اليوم في صحيفة "ايلاف" السعودية ما نصه:
"قسمت الشعب البحريني إلى شيعة موالين لإيران، وسنة موالين للحاكم السياسي، والبحرين لا يمكن أن تكون (فارسية) تحت أي ذريعة، مهما كانت العواقب والتبعات ومهما كلفنا الأمر؛ فالقضية لا تقبل أي تهاون أو مساومات أو تفريط؛ لأنها تقع ضمن دائرة (نكون أو لا نكون)؛ هذا ما يجب أن يدركه الإيرانيون وعملاء إيران في البحرين."
انتهى.

واذا ما قرأنا النص المقتبس أعلاه للكاتب السعودي والذي يطفح طائفية مقيتة والذي يدعو فيه إلى وأد الثورة الشعبية السلمية للشعب البحراني بكل الأشكال والأثمان، يمكن عندها فهم ما ذهبنا اليه في مقالاتنا السابقة لجهة كون السعودية تخذ وكما قلنا الحرب بشكل طائفي ضد البحارنة بالنيابة عن أو بالشراكة مع نظام المنامة لا لشيء سوى كون الغالبية الشعبية هناك شيعية لا أكثر ولا أقل.لان مسألة قتل واباحة دم ومال وعرض الشيعة مسألة عقدية بالنسبة للنظام السعودي، كونه يتبع الحركة الوهابية راعية الإرهاب والتكفير بماركته العالمية.

إن ما قام ويقوم به نظام القائممقام السعودي في البحرين من فرض للأحكام العرفية، وحضر التجوال، ومجزرة ميدان اللؤلؤة الثانية، ومذبحة مستشفى السلمانية الثانية اليوم وما سبق ورافق وسيلحق هذا كله من قتل بالرصاص الحي، واعتقالات منظمة وعشوائية في صفوف المعارضة والمواطنين وتشويه أهداف الثورة الشعبية وتأليب وتأجيج المشاعر الطائفية سوف يرتد وبشكل عكسي على هذا النظام، إن لم يكن اليوم فغدا لناظره قريب. لانها وبكل بساطة مسألة فيزيائية "لكل فعل ردة فعل"، ونظام البحرين أصغر من أن يشذ عن هذه القاعدة المخضرمة.

والدلائل على ما نقول بدأت منذ أمس وهي مستمرة ومنها انسحاب القوات الكويتية من قوة "درع الخليج" الغازية وعودتها إلى الكويت تحت تأثير الظغط الشعبي هناك، وما تلاها ذلك من جملة استقالات في صفوف الوزراء البحارنة احتجاجا على التعامل الأمني مع الشعب ومنهم وزير الصحة نزار البحارنة، كذلك فعل وزير الإسكان مجيد العلوي، معلنا مقاطعته للحكومة بسبب طريقة التعامل مع الأحداث الجارية في البلاد. واصدر قضاة المحاكم الشرعية الجعفرية (13 قاضيا) بيان استقالتهم، جاء فيه «نظراً إلى الأوضاع المأساوية التي تمر بها البلاد وما نتج منها من أحداث دامية نتيجة استعمال القوة المفرطة والسلاح في مواجهة المواطنين العزّل، فإننا نعلن استقالتنا من منصب القضاء»،
ليلحق بهم مستشار الملك لشؤون السلطة التشريعية، نائب رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، الدكتور محمد علي بن الشيخ منصور الستري، معلناً توقّفه عن العمل في جميع مهماته الرسمية، احتجاجاً على أسلوب التعاطي الأمني في التعامل مع الأزمة السياسية والأمنية والاعتداء على المواطنين وسفك دمائهم. يضاف لكل ما سبق الخبر العاجل الوارد من وكالات الأنباء والذي ذكرته صحيفة "ايلاف" السعودية الأن، من أن المعارضة البحرانية سوف تواصل التظاهر السلمي وتدعو إلى عدم الإحتكاك والرد على القمع الأمني.
 
إن تعامل القوات السعودية الغازية ونظام قائممقامها هناك مع شعب البحرين بهكذا وحشية من استخدام الدبابات، والمدرعات وطائرات الأباتشي والقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي، يوحي بأنها دخلت في حرب مع جيش نظامي وليس شعب أعزل! أي أنها في حرب ابادة طائفية مع شعب البحرين الأعزل. وهو الأمر الذي يضع الضمير العالمي في الزاوية الحرجة. فأما مع هذه الإبادة أو ضدها. فلا مجال هنا لمنزلة ما بين المنزلتين.
لانها وبكل صراحة جرائم ضد الإنسانية لا مكان فيها لمنطق اللون الرمادي أو الموقف المتردد.

وكما قلنا في مقالنا السابق الموسوم ب(ما حذرنا منه حصل .. السعودية تغزو شعب البحرين) والمنشور بتاريخ 15.03.2011, (إن مصداقية المجتمع الدولي اليوم على المحك. فذاكرة الشعوب حية والتاريخ شاهد ونحن نشاهد والمشهد مستمر، لكن يمكن إن تكون النهاية سعيدة اذا ما قرأت الرسالة بشكل صحيح...).
لكننا نضيف اليوم ان التحرك الدولي يجب أن يكون بشكل صحيح بعد اعتراف وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلنتون بأن دول الخليج سلكت «المسار الخاطئ» بتدخل قواتها العسكرية في البحرين.

فالى متى تقامر الولايات المتحدة ومعها المجتمع الدولي بمصداقيتها وما يفترض أنها مباديء سامية لديها بمسايرتها ما اسمته هي "المسار الخاطيء" لدول الخليج؟
 

17.03.2011
 

* صحفي وكاتب عراقي.
 

 

free web counter